تحليلات

ضوابط جديدة لمنع تجاوزات منشآت الصحة النفسية الغير المرخصة

حيدر قنديل

ضوابط جديدة لمنع تجاوزات منشآت الصحة النفسية الغير المرخصة


للقضاء على فوضى المراكز غير المرخصة، تستعد وزارة الصحة المصرية لتطبيق ضوابط جديدة لإصدار تراخيص مؤسسات العلاج النفسي، وعلاج الإدمان التي تجتاح مصر منذ سنوات بسبب ارتفاع تكلفة العلاج النفسي، وذلك عبر لجنة خاصة أمر بتشكيلها وزير الصحة د. خالد عبد الغفار تكون مهمتها توفير آلية موحدة لإصدار التراخيص، وذلك في اجتماعه الأخير مع المجلس القومي للصحة النفسية، منتصف الأسبوع الماضي.


وبحسب بيان صادر عن الوزارة فأن اللجنة ستكون بالتعاون بين وزارة الصحة ونقابة الأطباء وكذلك المجلس القومي للصحة النفسية.




من جانبه قال استشاري الطب النفسي د. جمال فرويز لمنصة MENA: “أن الضوابط الجديدة تمثل حماية للمريض النفسي، لأنها ستسهل عملية إصدار التراخيص وفقاً لضوابط العلاج النفسي، لأن المنشآت الطبية النفسية المرخصة في مصر تنقسم إلى 4 فئات، الأولى هي الفئة العليا أو ما يطلق عليه A class، وتبلغ تكلفة علاج المريض المصري فيها من 5 إلى 6 الآف جنيه، أما الفئة الثانية وهي B class، وتبلغ تكلفة يوم العلاج الواحد للمريض المصري من 3 آلاف ونصف إلى 4 الآف جنيه مصري، بينما الفئة الثالثة أو C class فتبلغ تكلفة يوم العلاج ألفين جنيه، أما الفئة الاخيرة فتكلفة يوم العلاج الواحد ألف جنيه، وذلك نتيجة لقلة الأماكن المرخصة للعلاج النفسي في مصر”.


وأوضح فرويز” “أنه طبقاً لآخر الاحصائيات فأن 26% من المصريين لديهم اضطرابات نفسية، يشكل المرضى منهم نحو 10%، يحتاج على الاقل 2% منهم لدخول مستشفيات العلاج النفسي، أي ما لا يقل عن 200 ألف مريض، فهل توجد أماكن مرخصة تتحمل هذا العدد سواء مستشفيات جامعية أو تابعة لوزارة الصحة أو خاصة؟


الحقيقة لا، ولذلك فأن أسعار العلاج النفسي مرتفعة بصورة كبيرة، وإيجاد آلية موحدة لإصدار التراخيص يزيد من عدد المستشفيات والمؤسسات المعنية بعلاج النفسي وعلاج الإدمان مما يقلل تكلفة المرض النفسي لعدم وجود ندرة”.


اقرأ أيضًا:




وشدد فرويز على ضرورة مراعاة الاشتراطات الخاصة للمؤسسات العلاج النفسي، منها وجود مكان للعلاج بالعمل ومكان للعلاج بالفن والرياضة، وكذلك وجود عناية مركزة للمرضى الذين يتلقون العلاج بالصدمات الكهربائية، ووجود مكان لتلقي علاج الاكتئاب، بالإضافة إلى أهم شرط وهو المساحة، وأن يكون لكل مريض مساحة لا تقل عن 10 متر مربع، ووجود أخصائي نفسي وأخصائي سلوكي.


واعتبر فرويز مراكز العلاج النفسي غير المرخصة وصمة عار في جبين العلاج النفسي، قائلاً أنه يقوم بتأسيسها أشخاص لا علاقة لهم بالطب النفسي، ولكن لرخص أسعار خدماتهم يسعى خلفهم العديد من الأهالي الذين غير ملمين بأبعاد المشكلة، ويستغل هؤلاء الأطباء المبتدئين للإشراف وأحيانًا لا يكون هناك إشراف طبي من الأساس، ويتم افتتاحها تحت اسم مراكز علاج الإدمان، وهذا خطأ فادح لإن هذا النوع من العلاج لابد من وجود إشراف طبي كامل عليه، وبسبب عدم فهم الأهالي يتم استقبال أيضًا مرضى الهوس والفصام وغيرها، وتكون النتائج كارثية.




بحسب تقرير المجلس القومي للصحة النفسية الصادر يوليو/ تموز 2024، فأن يبلغ عدد منشآت الصحة النفسية الحكومية 223 منشأة، بإجمالي طاقة استيعابية تصل إلى 11628 سريراً، بينما بلغت الطاقة الاستيعابية الخاصة بعلاج الإدمان في المنشآت الحكومية 1747 سريراً، في حين وصلت الطاقة الاستيعابية للمنشآت الخاصة إلى 4508 سريراً.


ويختلف استشاري الطب النفسي وعلاج الادمان د. إبراهيم عبد المجيد مع سابقه، قائلاً: “أن هناك منظومة لاستصدار التراخيص للمصحات ومؤسسات العلاج النفسي منذ قانون الصحة النفسية القديم الصادر 1940، وقانون الصحة النفسية الجديد الصادر في 2008 وتم تعديله في 2016، ولم تزيد عدد المصحات المرخصة لعلاج الإدمان مثلا عن 15 مصحة على مستوى جمهورية مصر العربية، مشيراً إلى أن المنظومة نفسها تفرق بين ترخيص المنشأة وبين احتجاز المريض”.



وأضاف عبد المجيد لمنصة MENA: “أن هناك تلاعب يحدث منذ زمن طويل عبر ما يعرف بمراكز علاج الإدمان، حيث يقوم المدمنين السابقين بإنشاء مؤسسات لعلاج الإدمان، مستغلين خبرتهم السابقة للتربح، حيث يقومون مثلا باللجوء لطبيب حديث التخرج من حقه استصدار ترخيص، ويقومون بشراء هذا الحق عبر تقديم باسمه لاستصدار الترخيص بمقابل مادي شهري، أو مقابل لمرة واحدة حسب الاتفاق، وهو ما بدأ في الظهور منذ أوائل الألفية الحالية، حيث يلجأ المدمن السابق إلى المناطق غير الآهلة بالسكان مثل هضبة الهرم، وحدائق الاهرام، والمساكن المتاخمة للمنطقة الصناعية بأكتوبر، وكذلك الهضبة الوسطي بالمقطم، وتأجير وحدة سكنية هناك وتحويلها لمركز للعلاج النفسي، تحت اسم عيادات أو مركز طبي”.


وأوضح عبد المجيد: “أن الأزمة الأكبر في هذه المراكز هي أن المدمن يكون أكثر عرضة للأمراض النفسية مثل الذهان وهو رؤية هلاوس سمعية وبصرية، وتوهم رغبة الآخرين في ايذائهم، والاكتئاب، وهي أمراض لا يتم علاجها فتكون الانتكاسة أكبر، ويحاول المدمن الهروب من المصحة، ويدعم هذه الأمراض الأسلوب المتبع في العلاج الذي يعتمد على إذلال المدمن وتعذيبه لعدم العودة مرة أخرى للمخدرات، بالإضافة إلى استخدام أدوية الأمراض النفسية بناء على خبرة المدمن السابق”.


وأشار عبدالمجيد أن وزارة الصحة كانت تغض الطرف عن هذه المراكز بسبب عدم وجود أماكن للعلاج، وارتفاع تكلفة العلاج النفسي، خاصة مع إقبال الأهالي لانخفاض تكلفة العلاج فيها، مشيراً إلى أن أي مسؤول يقول أن هناك وفرة في أسرة العلاج النفسي، هو كاذب.




وطالب عبدالمجيد وزارة الصحة الاهتمام بتوفير أماكن للعلاج النفسي، وأماكن حجز المرضى النفسيين، وتقليل تكلفة العلاج النفسي الحكومي التي تحولت إلى أماكن للعلاج الاقتصادي لا يقدر عليها سوى المقتدرين ومن بينها المستشفيات الجامعية مثل القصر العيني وعين شمس التي أصبحت تكلفة العلاج فيها لمدة 3 أسابيع أكثر من 15 ألف بدلاً من ألفين جنيه فقط. 


وكشف عبد المجيد أن تكلفة الشهر في المستشفيات والمؤسسات النفسية الخاصة يبدأ من 100 ألف جنيه إلى مليون جنيه، بينما في المصحات غير المرخصة لا يزيد عن 15 ألف جنيه في الشهر، بينما المؤسسات الحكومية سواء الجامعية أو التابعة لأمانة الطب النفسي فهي تقدم خدماتها لكن تعاني من محدودية الأماكن وقوائم الانتظار وتدخل الوساطة.


وكانت وزارة الصحة قد أعلنت عن إغلاق 39 مؤسسة علاج نفسي وعلاج إدمان غير مرخصة في مطلع شهر يوليو 2024 ضمن العديد من الحملات التي يتم شنها لمحاربة المؤسسات غير المرخصة.


شارك المقالة

مقالات مشابهة

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟ تصاعدت أزمة سيارات ذوي الهمم بعد إعلان الحكومة وقف استيرادها، إذ ألقى هذا

محمد الإمبابي

رحلة لـ منصة

رحلة لـ منصة “MENA” في قلب العالم الموازي لصناعة الدواء في مصر

رحلة لـ منصة “MENA” في قلب العالم الموازي لصناعة الدواء في مصر كيف يصنع الدواء من ماكينات الحلوى؟ مصانع “بير السلم” تبيع الأدوية على

محمد مصطفى

رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة

رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة | تقرير

رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة بعد تسارع التحركات الإثيوبية المتعلقة بسد النهضة وإنشاء قاعدة عسكرية وميناء

أيمن مصطفى