الشارع المصري

قبل نهاية ولايته الأولى بأيام.. البلشي يتحدث لمنصة “MENA” عن الحريات وأوضاع الصحفيين الاقتصادية وأزمة المواقع الإلكترونية | 2

تستكمل منصة “MENA” ثاني أجزاء حوارها مع نقيب الصحفيين خالد البلشي، متحدثًا عن عن الحريات وأوضاع الصحفيين الاقتصادية وأزمة المواقع الإلكترونية، قبل نهاية ولايته الأولى بأيام.

 

ويمكن مطالعة الجزء الأول من الحوار من هنا.

 

ويرى البلشي أن أزمة الصحافة في مصر هي أزمة محتوى نتيجة للقيود المفروضة على الصحافة. ويعتقد أن الحل يبدأ من رفع هذه القيود. كما يكشف عن “عودة الباب الدوار” إلى السجون، حيث تم الاتفاق العام الماضي على تصفية ملف الصحفيين المحبوسين تدريجيًا، ولكن الأمر عاود التزايد مجددًا.

 

البلشي يشير أيضًا إلى أن جزءًا من أزمة الصحفيين الاقتصادية يكمن في تكتلات الملكية، سواء في الصحف القومية أو في “المتحدة”، وأن الحل يكمن في منح حرية الإصدار للصحف. وناشد الدولة دعم الصحافة للخروج من أزمتها، معتبرًا أن الصحافة دفعت ثمنًا كبيرًا في الفترة الانتقالية.

 

وبسؤاله.. ما الجديد في ملف الصحفيين المحبوسين؟

 

حين بدأنا العمل في هذا الملف، كانت هناك بوادر إيجابية للغاية، وكان هناك اتفاق على تصفية هذا الملف بشكل تدريجي. وبالفعل، تم اتخاذ خطوات مهمة خلال عام كامل، فكان يتم الإفراج عن الصحفيين دون دخول آخرين إلى هذا الملف. كان هناك رقم ثابت يتراوح بين 30 و34 صحفيًا، ولكن النقابة كانت لا تعترف بهذا الرقم، وتقول إن الصحفيين النقابيين المحبوسين هم 3 أو 4 فقط، وأنهم محبوسون على ذمة قضايا جنائية. خلال الفترة الماضية، تم إغلاق هذا الباب الدوار، ووصلنا إلى 19 صحفيًا فقط محبوسين. كان هناك طموحات لإنهاء هذا الملف، وتم تحسين أوضاع السجون، وهناك حالات بارزة مثل براءة الصحفي حسن القباني أو تصفية قضية اثنين من الصحفيين في سيناء. ولكن للأسف، عاد الباب الدوار للدوران مرة أخرى، وارتفع عدد المحبوسين من 19 إلى 25 صحفيًا.

 

أملنا أن تشهد الفترة القادمة دراسة الأمر بشكل مختلف، مع خوض معركة الحبس الاحتياطي وفقًا لقانون الإجراءات الجنائية. هذا كله بهدف حلحلة هذا الملف، لأن وجود صحفيين محبوسين هو أمر ينال من الجميع ويعد سلبياً على الجميع، أتمنى أن نستعيد الروح التي سادت في العام الأول، والتي كانت روحًا إيجابية ذات تأثير قوي، كانت رسائل الزملاء تدل على استعدادهم للصبر معنا، لكن مع عودة الباب الدوار، أصبحت هناك حالة من الغضب الداخلي المتزايد. أعتقد أننا بحاجة للتعامل مع هذه الحالة بشكل مختلف، لأننا نعي تمامًا أن الانفجار ليس في مصلحة أحد، سواء النظام أو الدولة أو المواطنين.

 

هناك صرخات من أهالي المقبوض عليهم، وعلى الدولة أن تستوعب هذه الصرخات. وكان آخرها واقعة الصحفي أحمد سراج، الذي تم القبض عليه لأنه أجرى حوارًا مع زوجة صحفي تعبر عن صرختها، قد يعتبرها شخص ما خطأ، لكنني أعتبرها صرخة صحيحة، وفي النهاية تم القبض على الصحفي وسراح زوجته، وخلال الحوار الوطني، كان الصوت الرئيسي يطالب بتبيض السجون، خاصة بعد أن قضى بعض الصحفيين أعوامًا في السجن، مثل الصحفي كريم إبراهيم، الذي أُحيل للمحكمة بعد أربع سنوات. فوجئنا بتوقيع الصحفيين المحبوسين على إقرارات إحالة للمحاكمة بالمخالفة للقانون الذي يقتضي أن تكون فترة الحبس الاحتياطي شاملة فترة التقاضي فقط، والتي هي عامين.

 

نريد أن يتم حسم القضايا المتهم فيها الصحفيون وإحالتها للمحكمة، لأن ذلك سيكون إيجابيًا. ولكن يجب أن يتم ذلك بعد تجاوز فترة الحبس الاحتياطي، وليس أثناء حبسهم. إذا تجاوز المحبوس مدة حبسه الاحتياطي، يجب أن يتم الإفراج عنه ثم إحالة قضيته للمحكمة، بدلاً من حبسه لسنوات أو شهور ثم الانتظار لتحقيقات، وبعد ذلك تبقى القضية في المحاكم بلا حسم. لا بد من مراجعة هذه الأوضاع وأن تكون هناك إرادة حقيقية لتسوية هذا الملف.

 

 

 

وكيف ترى معاقبة الصحفيين على أداء عملهم؟

 

بشكل واضح، إجراء الحوار ليس جريمة. للأسف، لم تصلنا كافة ملفات القضية حتى الآن، لكن خلال العام الماضي، العديد من قضايا الصحفيين تكرر فيها الاتهام بالانضمام لجماعة محظورة، نشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. الآن أصبح لدينا تهم تتعلق بالتمويل أيضًا. الصحفيون يُحبسون لسنوات في الحبس الاحتياطي، ثم يتم الإفراج عنهم وتحال القضايا أو تجمد وتظل على هذا الوضع. وهذا يعني أنه لابد من مراجعة هذا الوضع.

 

في حالة أحمد سراج، على سبيل المثال، هو شخص شاعر وفنان، وبشهادة الجميع، لا يمكن أن ينتمي إلى جماعة محظورة. كل ما قام به هو إجراء حوارات منشورة. جريمة النشر، كما نقول أثناء المطالبة بمنع الحبس في قضايا النشر، هي جريمة حسن نية، لأنه لا يوجد شخص يرتكب جريمة وهو يعلم أنها جريمة في العلن. النية هي خدمة الناس. والمفارقة الأكبر أن سراج تم القبض عليه بتهمة إجراء حوار مع طرف حصل على إخلاء سبيله، وعلمنا لاحقًا أن التحقيق يتضمن موضوعات أخرى. أما بخصوص التهمة المتعلقة بملكية الموقع، فهي غير صحيحة. سراج يعمل في الموقع فقط، والموقع نفسه اسمه “ذات مصر”، وهو موجود في مصر ومتقدم للترخيص. فكيف يمكن استخدام الموقع للترويج لأفكار إرهابية؟ وسراج لا يملك الموقع، بل يعمل فيه، وبالتالي فإن هذه التهمة لا تنطبق عليه.

 

يمكن القول إن قضية سراج تكشف لنا ضرورة إعادة النظر في هذه الاتهامات، وكذلك إعادة النظر في استخدام قانون مكافحة الإرهاب، لأن الحكومة تقول أن مرحلة الإرهاب الاستثنائية قد انتهت. لذلك يجب العودة إلى القوانين الطبيعية. والقانون الطبيعي يقول إنه إذا كان هناك شكوى بشأن الحوار الذي أجراه الصحفي، يجب أن تبدأ الإجراءات القضائية ببلاغ للنائب العام الذي يستدعي الصحفي للتحقيق في إطار القانون، وليس إحالة الصحفي إلى محكمة أمن الدولة. قانون تنظيم الصحافة والإعلام، الذي لدينا تحفظات عليه ولكن نرضى بالاحتكام له، يمنع الحبس في قضايا النشر.

 

عندما يتم حبس الصحفيين بسبب أدائهم لعملهم، فإنك تفقد الصحافة قدرتها على التعبير عن الناس. وهذه هي سلطة الصحافة، التي تعطي إنذارًا للمخاطر في المجتمع. وعندما تفقد الصحافة هذه القدرة، سيتراكم الخطر داخليًا، والخطوة التالية ستكون الانفجار، وهذا ليس في مصلحة أحد. نحن مؤمنون بأن المجتمع لا يستطيع تحمل تكلفة الانفجار، ونحتاج إلى خطوات تدريجية للإصلاح.

 

ولماذا وقفت النقابة ضد قانون الإجراءات الجنائية؟

 

فيما يخص قانون الإجراءات الجنائية، لو اكتفت نقابة الصحفيين بالمواد التي تخص الصحافة لانتهت الأزمة، لأن المواد الثلاثة التي كانت مثار الجدل تم إلغاء واحدة وتعديل مادتين. ولكن الأزمة ليست في هذه المواد فقط، بل في أن هذا القانون يمثل دستور العدالة في البلاد، وهو ما يعني أنه يشكل المناخ الذي يعمل فيه الصحفي. ولذلك، كان من الضروري أن نشتبك مع القانون بكل الطرق، لأننا أولاً ندافع عن المواطنين، وهو واجب الصحافة، وثانيًا لأننا لا نستطيع العمل في بيئة لا تعطي للصحفي حرية الحركة أو تهدد عمله، أو في ظل دستور عدالة غير منضبط.

 

قدمنا تصورًا كاملًا للتعديلات، وتم الرد علينا من مجلس النواب بأن بعض المواد تم تعديلها. واشتبكنا مع هذا الرد برد آخر تفصيلي. وكان تحفظنا الأساسي أن الفلسفة الحاكمة للقانون ما زالت هي فلسفة إعادة الوضع السائد الذي كان من المفترض أن نخرج منه.

 

في تقديري، مناقشة القانون داخل البرلمان كشفت عن أن المجتمع فقد حيويته في مستويات كثيرة، حيث تخيل البعض في لحظة أن نقابة الصحفيين قد تكون رأس الحربة لكل شيء، بينما غابت باقي مؤسسات الدولة من أحزاب ومؤسسات مجتمع مدني. أعتقد أن هدفنا هو تعزيز مجتمع صحي، ونحن جزء من قواه الفاعلة الغائبة بسبب الأوضاع السياسية. مصر تعاني أزمة في المجال العام، سواء في قدرة الأحزاب أو المجتمع المدني أو النقابات على الحركة، وهذا جزء من رؤيتنا للإصلاح. إذا أردنا أن تكون هناك صحافة حرة، فلا بد أن يكون هناك مجتمع حيوي وصحي قادر على التفاعل والتقدم. رسالتي هي أنه يجب أن نتجنب زرع الإحباط، لأنه إذا استمررنا في هذه الدائرة فلن نحقق مصلحة هذا البلد بكل أطرافه.

 

 

وهل اتخذتم خطوات للتعامل مع أزمة حجب المواقع المصرية؟

 

شخصيًا، لدي تجارب مع مواقع صحفية حجبت، مثل “كاتب” وغيرها، ونتيجة لهذا الحجب فقدت هذه المواقع قدرتها على الاستمرار. حاليًا، هناك العديد من المواقع المحجوبة التي فقدت استمراريتها وانتهت، ما أدى إلى تشريد صحفيين. الحجب يقتل دورة حياة التجربة الصحفية، ولذلك نحن في مجلس النقابة ضد الحجب، لأنه نوع من المصادرة. في هذا النوع من المصادرة، لا يدفع صاحب الخطأ وحده الثمن، بل يدفع المجموع العام. إذا أخطأ موقع، يمكن تحويل رئيس التحرير أو المسؤول إلى المحكمة طبقًا للقانون الذي يمنع الحبس في قضايا النشر، ولكن لا يجوز المصادرة، لأن المصادرة تؤثر على العاملين في الموقع. لدينا رؤية في هذا الإطار بإعادة النظر في النصوص المنظمة للحجب، بحيث لا يكون الحجب بقرار إداري أو من مأمور ضبط قضائي، وإنما يجب أن يتم بقرار قضائي يجوز الطعن عليه. إذا كان هناك أي طرف لديه مشكلة، فإن القضاء هو الذي يفصل بين الموقع وإدارته وبين صاحب المشكلة. وبهذا الشكل يصبح للصحفي القدرة على الطعن أمام المحكمة.

 

الجانب الآخر من الأزمة هو أن الوسائل التكنولوجية الآن تجعل من الممكن تجاوز فكرة الحجب. من يدفع الثمن الحقيقي هو من داخل مصر، حيث يخضع لقراراتك، بينما هناك أطراف أخرى خارج حدودك لا ينطبق عليها القانون ولا تخضع لضوابطك ولا يمكن محاسبتها. النتيجة هي انتشار الشائعات، وكل يوم يتحدث المسؤولون عن الشائعات ووسائل التواصل الاجتماعي المليئة بها. لأنك ليس لديك أدوات قوية للضبط وتقديم الأخبار الحقيقية والدقيقة. الحل الوحيد لمواجهة هذا هو تقوية الصحافة الداخلية. ولكنك عندما تقوم بالحجب، فإنك تسحب من الصحافة قوتها، وأصبح الفرد هو من ينتج الخبر دون انضباط أو التزام بالقواعد المهنية، وبالتالي تنتشر آراء متناقضة وشائعات.

 

لذلك، بداية مكافحة الشائعات تكون بحرية الصحافة، وتحرير الصحافة من القيود المفروضة عليها، ووضع ضوابط حقيقية للمصادرة والحجب. لذلك، رسالتنا لجميع الأطراف، ونحن نكررها دائمًا، أن الحجب ليس حلًا. الحل هو إتاحة المعلومات وتداولها بحرية، وإعطاء الصحفيين الحرية لنقل الأخبار والمعلومات بشكل مهني ودقيق يعبر عن الأطراف المختلفة.

 

اقرأ أيضًا:

 

الدستورية العليا تنتصر لحرية الصحفيين

 

حظر ظهور القضاة في الإعلام والتصوير داخل المحاكم.. ما القصة؟

 

اللواء محمد رشاد لمنصة “MENA”: قضيتا فلسطين والسودان في ذمة التاريخ.. وحزب العرجاني ينذر “بكارثة” | حوار

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية