تحليلات

مشروع حديقة تلال الفسطاط.. هل ينجح في تعويض المواطن والمناخ؟!


اقتراب افتتاح مشروع حديقة تلال الفسطاط، عنوان تصدر الصحف المصرية وتناولت البرامج التلفزيونية الأهمية المنتظرة من وراءه كواجهة سياحية جديدة في قلب القاهرة القديمة، والأهم ازدياد المساحات الخضراء كمتنفس جديد لسكان العاصمة التي سجلت درجات حرارة وصلت إلى 45 درجة مئوية منتصف يونيو 2024 الجاري.



الحكومة خصصت لتلال الفسطاط مساحة شاسعة بلغت 500 فدان تقريبًا ما يساوي 2 مليون ومئة متر مربع في محيط متحف الحضارة الكائن بمنطقة مصر القديمة، وتقدر تكلفته بستة مليارات من الجنيهات مخصصة لإقامة مناطق رئيسية كالتالي:


المنطقة الثقافية – المنطقة الاستثمارية – منطقة القصبة – منطقة المغامرة – منطقة الحدائق التراثية – منطقة الأسواق


وتشمل كل منطقة مجموعة من الخدمات التجارية والحدائق العامة والبحيرات الصناعية ومسارح ومواقف للسيارات ومساحات خضراء بكل المناطق بالإضافة لمنطقة الفنادق على مساحة 130000متر مربع.



رئيس الحكومة مصطفى مدبولي حث الحكومة، يوم الأربعاء الماضي على الإسراع في تنفيذ المشروع المعلن عنه منذ يونيو 2021 والذي كان مقررًا افتتاحه في ديسمبر من العام الماضي 2023 وفقًا لتصريح سابق للمهندس خالد صديق رئيس  صندوق التنمية الحضرية.


مع تأخر الافتتاح وجه رئيس الوزراء بالعمل على تسريع معدلات التنفيذ من خلال دراسة طرح المرافق وبعض مكونات المشروع للتشغيل، كوسيلة لافتتاح تدريجي للمشروع بعد أن تأخر الافتتاح الكامل للتلال لمدة ستة أشهر – قابلة للزيادة- عن الموعد المعلن من رئيس صندوق التنمية الحضرية، ما يشير لاقتراب افتتاح المشروع ولو بشكل جزئي كما حدث في عدة مشروعات.



وفقًا للبيانات الصادرة من جهات حكومية مختلفة ذات علاقة بالمشروع كوزارة الإسكان والجهاز المركزي للتعمير ورئاسة الوزراء، فمشروع تلال الفسطاط له أكثر من هدف أولها تطوير القاهرة التاريخية؛ فالمشروع يقام على أرض كانت تستخدم مقلبًا للقمامة ما يعد منظرًا منفرًا في قلب منطقة تاريخية تتعدد بها الآثار التاريخية ومنها جامع عمر بن العاص ومجمع الأديان وبحيرة عين الصيرة ومتحف الحضارة ما يصب في صالح تنمية المنطقة السياحية.


ويأتي توفير متنزهات للمواطنين وزيادة نصيب المواطن من المساحات الخضراء ضمن أهداف المشروع التي حددها وزير الإسكان الحالي الدكتور عاصم الجزار وأكد عليها رئيس الوزراء بالتوازي مع تعالي الصيحات المنتقدة لتآكل المساحات الخضراء وتناقص المتنزهات العامة.




الاهتمام الزائد بمشروع تلال الفسطاط خلال الأيام الماضية آثار التساؤل عن مدى ارتباط اهتمام الحكومة بالإسراع في تنفيذه وافتتاحه بصيحات المواطنين عبر مواقع التواصل الاجتماعي منددين بتآكل المساحات الخضراء وتراجع عدد الحدائق العامة في العاصمة بسبب عمليات التطوير، ما سبب ارتفاعًا في درجات الحرارة، فهل يمكن أن تعوض التلال الجديد أطلال المتنزهات والمساحات الخضراء القديمة؟!


الدكتور محمد فهيم رئيس مركز تغير المناخ أكد أن ارتفاع درجات الحرارة في مصر يعود إلى ذيول منخفض الهند الموسمي التي تمر بالبلاد وليس لقطع الأشجار صلة من قريب أو بعيد حيث يرى أن قطع 100 أو 1000 شجرة لن يكون له تأثير على حالة الطقس إطلاقًا، علمًا بأن مصر فقدت ما يقرب من مليون متر مربع من المساحات الخضراء خلال الفترة من 2017 إلى 2020 ما سبب تراجع حصة المواطن من المساحات الخضراء إلى 17 سنتيمترا بينما توصي منظمة الصحة العالمية بأن تكون النسبة 9 أمتار للفرد لما لها من تأثير علي صحة المواطنين خاصة كبار السن؛ الأمر الذي دفع مها عبد الناصر عضو مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي لتقديم طلب إحاطة إلى السيد رئيس الوزراء ووزيرة البيئة بشأن تراجع المساحات الخضراء، وطالبت بالوقف الفوري لعملية إزالة الأشجار والتي كان آخرها بمنطقتي الميريلاند بمصر الجديدة وثكنات المعادي.


ليس الأمر مقصورًا على تراجع المساحات الخضراء في البلاد وتأثيرها المفترض على المناخ، بل يواجه متوسطي ومحدودي الدخل صعوبة في الوصول إلى المتنزهات العامة بسبب تآكل مساحتها وتحويلها لمناطق استثمارية بالتوازي مع المشروعات القومية التي أطلقتها الدولة مع بداية تولي الرئيس السيسي والتي تباطأت بحلول 2020 مع انتشار كورونا وما سببته من أزمة اقتصادية عمقها اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.


ربما يحقق مشروع حديقة تلال الفسطاط  الهدف السياحي منه للمنطقة من مقومات تضعها في طليعة المناطق السياحية بالقاهرة، إلا أن تعويض تلال الفسطاط للمساحات الخضراء وتوفير المتنزهات العامة للمواطنين يواجه الكثير من العراقيل التي لم يلتفت لها القائمون على المشروع على رأسها الموقع الجغرافي الذي يقع جنوب العاصمة بالقرب من حديقة الأزهر، أضف أن القرب المكاني وسعر التذكرة يمثلان عاملان حاسمان لتوجه الآسر ذات الدخل المحدود للحديقة أو المنتزه لأن عدد الأفراد والمسافة يساويان تكلفة مادية أكبر.


شارك المقالة

مقالات مشابه

حديقة الحيوان بالجيزة ..تطوير أم استثمار خارجي؟

حديقة الحيوان أحد المعالم الهامة والرئيسية بمحافظة الجيزة٬ ثاني أكبر محافظة في مصر٬ وارتبط اسمها دائمًا كمتنفس للمواطنين البسطاء في

مشروع حديقة تلال الفسطاط.. هل ينجح في تعويض المواطن والمناخ؟!

اقتراب افتتاح مشروع حديقة تلال الفسطاط، عنوان تصدر الصحف المصرية وتناولت البرامج التلفزيونية الأهمية المنتظرة من وراءه كواجهة سياحية

رفع الدعم السلعي وتأثيره على حياة الملايين من المواطنين

أثارت بعض التصريحات للمسئولين المصريين عن اقتراحات بخفض أو رفع الدعم على السلع تخوفات الملايين من المصريين خاصةً في ظل ارتفاع الاسعار