
تسبب توقف النافذة الألكترونية للتسجيل المسبق للشحنات عن إصدار الـ «ACID Number» مطلع مايو الماضي للسيارات في تكدس 18 ألف سيارة في الموانيء المصرية مع شلل تام لدى الوكلاء والمستوردين في جلب شحنات جديدة بسبب استمرار التوقف منذ منتصف مايو الماضي.
عامان من التضيق على استيراد السيارات مع كل محاولة من الحكومة المصرية للحد من استهلاك العملة الأمريكية، لتوجيهها إلى استيراد السلع الأساسية، ولم يتحسن الوضع بعد صفقة رأس الحكمة أو قرض صندوق النقد في القطاع.
التضييق على استيراد السيارات تسبب في ارتفاع في الأسعار ونقص في المعروض وخسائر للعاملين بالقطاع، علمًا بأن الفاتورة الاستيرادية للسيارات الكاملة خلال العام الماضي 2023 بلغت 2.1 مليار دولار من إجمالي 83.2 مليار دولار استهلكتهم البلاد لجلب سلع من الخارج.
معاناة سوق السيارات خلال عامين
خلال العامين الماضيين واجه الوكلاء والمستوردين صعوبات عدة بداية من عدم توافر التدبير البنكي لشحناتهم مرورا باللجؤ للسوق السوداء لتوفير العملة بأسعار وصلت إلى 70 جنيه في وقت من الأوقات ثم بيعها للبنك مرة أخرى بالسعر الرسمي لفتح الاعتماد المستندي اللازم لجلب شحنات السيارات من الخارج، بل لجأ الكثيرون منهم إلى عدة طرق للتحايل على غلق الاستيراد أهمها اللجوء إلى المناطق الحرة والاستيراد الشخص باسم العملاء مباشرة، ما كفل لهم المحافظة على تواجدهم بالسوق؛ كل هذه المحاولات انعكست في زيادة أسعار السيارات الرسمية بنسب وصلت إلى 150% قبل أن يضاف لها زيادة غير رسمية تعرف في سوق السيارات بـ«الأوفر برايس».
مبيعات السيارات وصلت لأدنى مستوياتها خلال العام الماضي ولم تحقق سوى 90 ألفًا و359 مركبة متنوعة بنسبة انخفاض بلغت 51% مقارنة بمبيعات عام 2022 والتي كانت 184 ألفًا و771 وحدة وفقًا للبيانات الصادرة بمجلس معلومات سوق السيارات المصري.
توقف التسجيل والتعديل لشحنات السيارات مقصود
الـ«ACID Number» هو نظام طبقته الجمارك المصرية بشكل تجريبي مطلع أبريل 2021 قبل أن يصبح إلزاميًا للمستوردين جميعا في أكتوبر من العام نفسه، ويتيح بيانات ومستندات الشحنة من فاتورة الشراء وبوليصة الشحن النهائية أو المبدئية قبل عملية لشحن بـ 48 ساعة على الأقل ما يتيح للجهات المعنية رصد أي خطر على البلاد من الشحنة الواردة في حالة مخالفتها للمواصفات أو الجودة المطلوبة.
وزارة التجارة والصناعة نفت منتصف مايو الماضي ما تداوله المستوردين عن إيقاف تسجيل السيارات على النافذة التابعة للجمارك المصرية وأكدت استمرار تسجيل السيارات في بيان رسمي، إلا أن النفي ثبت عدم صحته بعد أن استمر توقف المنظومة والتعديل التوقف إلى الآن، ووصلت أعداد السيارات إلى 18 ألف سيارة.
منتصر زيتون رئيس شعبة السيارات بغرفة كفر الشيخ وصاحب شركة الزيتون لاستيراد السيارات قال في تصريح خاص لـ«Mena» إن الشحنات المنتظرة في الجمارك سجل أصحابها على النافذة تحت بنود أخرى كالدراجات النارية مثلاً وليست السيارات ومع وصول الشحنات للميناء كان يستطيع المستورد تغيير التسجيل لسيارات مقابل غرامة محددة إلا أن المستوردين تفاجئوا بوقف التعديل دون إخطار مسبق بينما كانت السيارات في طريقها للميناء.
وقال مصدر، إن التوقف الحالي ليس الأول من نوعه فعلى مدار العام الماضي كانت المنظومة تتوقف لأيام وتعود للعمل مرة أخرى بدعوى الأعطال الفنية لذا لم تتعالى الأصوات المطالبة بتوضيح أسباب العطل كما أن السماح بالتعديل في السابق كان يعوض مستوردي السيارات ولو بعد دفع الغرامة، لكن الآن الرؤية أصبحت غير واضحة في ظل إيقاف جلب شحنات جديدة من السيارات الكاملة.
ومع تعالي صيحات المستوردين عن وقف استيراد السيارات بكافة الطرق فلم يعد ممكنا جلبها عبر الموانيء الحكومية أو المناطق الحرة بعد توقف تسجيل السيارات للشركات وللأفراد بل وللمعاقين أيضًا، خرج الشحات غاتوري رئيس مصلحة الجمارك المصرية ليؤكد أن التوقف لإجراء مزيد من الحوكمة٬ إلا أن المهندس خالد سعد عضو اللجنة العامة للسيارات بالاتحاد العام للغرف التجارية أكد أن وقف تسجيل السيارات مقصود ويهدف للحد من استهلاك الدولار، لكن بشكل غير رسمي لعدم مخالفة اتفاقيات الاستيراد والتصدير التي تربطنا بالدول الأخرى.
الجمارك تسمح بالتعديل لشحنات الاستيرادية
سواء تعطلت النافذة لأعطال فنية أو لمزيد من الحوكمة كما صرح الشحات غتوري رئيس الجمارك المصرية، أو حفاظًا على الحصيلة الدولارية للبلاد فإن الواضح والثابت حاليًا أن قطاع السيارات يواجه تحديات متعلقة بنقص الكميات المتوافرة وبالتالي وبالتبعية تقلص المبيعات، كما تزداد تكلفة امتلاك سيارة على المواطن بسبب تراجع المعروض وفقا لتصريح المستشار أسامة أبو المجد رئيس رابطة تجار السيارات.
كشف منتصر زيتون أن استمرار تدفق الشحنات المسجلة بهذه الطريقة دفع الجمارك لفتح باب التعديل على النافذة لشحنات السيارات المنتظرة بالميناء للإفراج عنها مع العلم أن التسجيل بهذه الطريقة لشحنات جديدة لم يعد متوافرًا في ظل إغلاق جميع الطرق للتسجيل على النافذة، ما دفع الوكلاء حاليًا للتفاوض مع وزارة التجارة والصناعة حول العمل بنظام الحصص الاستيرادية لكل وكيل حفاظًا على عدم استهلاك العملة من جهة وتوفيرا للسيارات من جهة أخرى.
ويؤكد مصدر مطلع أن التفاوض الحالي بين وكلاء السيارات ووزارة التجارة والصناعة للسماح لهم بجلب سيارات وفق كوتة، يعد المخرج الأخير لاستمرار العمل بقطاع السيارات وهو المطلب الذي نادى به الدكنور نور درويش رئيس شعبة السيارات بالقاهرة منذ العام الماضي لتجنب إغلاق معارض السيارات وتسريح العمالة.
نظام الحصص الاستيرادية ربما يقلل من أعداد السيارات الواردة للبلاد إلا أنه المخرج المتوافر والأقرب للتطبيق في ظل نظرة القائمين على الأمر إلى السيارات كسلعة رفاهية تستنزف الدولار وتقرب من شبح الدخول لأزمة تمويلية جديدة.