الأندية الاستثمارية في مصر تجارب بين المطالبات والدروس المستفادة
لا شك في أن الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص تُعد صناعة هامة وتُمثل قطاع كبير في معظم مجتمعات العالم،
وكرة القدم تحديدًا باتت واحدة من أهم الصناعات على مستوى العالم
وتحولت من نشاط بدني اجتماعي إلى نشاط اقتصادي واستثماري خلال السنوات الأخيرة.
وفي مصر اتجهت دعوات مؤخرًا مطالبة بخصخصة الأندية الجماهيرية الكبرى لزيادة مساهمتها في النشاط الاقتصادي،
وإحداث نقلة نوعية على مستوى اللعبة صاحبة القاعدة الجماهيرية الأكبر في البلاد، لاسيما وأن أغلب الأندية
تمثل عبئًا كبيرًا على ميزانية الدولة نظرًا لاعتمادها على الدعم الحكومي بشكل كامل، إضافة إلى مطالبات
بتحسين مناخ الاستثمار الرياضي بما يضمن جذب مستثمرين جدد وزيادة مشاركة القطاع الخاص في النشاط الرياضي
بهدف تعزيز موارد الدولة، هذا مع حسن استغلال الطلب المتزايد على النشاط الرياضي وتوفير البيئة الملائمة لخلق الأرباح.
وفي السنوات الماضية طل على المشهد الكروي المصري بعض صفقات الاستحواذ الجديدة كليًا على المستطيل الأخضر،
بعد أن كانت تقتصر فقط على النوادي التابعة للشركات، ليخرج إلى النور أندية مثل بيراميدز ومودرن سبورت
في صفقات تخطت المليارات من الجنيهات، لتضرب مثلاً في تحسين كفاءة الأندية وتحويلها من شركات تعتمد
على الدعم الحكومي إلى شركات خاصة رابحة، ومن أندية مغمورة إلى اللعب مع الكبار.
وحتى على المستوى المجتمعي بدأ يتزايد إنفاق الأسرة المصرية على إلحاق أبنائها بـأكاديميات كرة القدم
للعمل على تطوير مهاراتهم أملاً في أن يصبحوا نجوم من أصحاب العقود الاحترافية والتي من شأنها أن تؤمن لهم حياة أفضل،
على غرار إبن مركز نجريج في دلتا مصر ونجم فريق ليڤربول الإنجليزي محمد صلاح، وذلك في ظل تآكل مستوى الدخول لـمعظم الوظائف.
وبخلاف ذلك، فقد قفز عدد من أندية القطاع الخاص المدعومة من شركات ومؤسسات ذات أنشطة تجارية،
ونجحت في وضع نفسها على خريطة البطولات بعد نجاح بعض منها في الفوز بالألقاب،
لتثبت هذه الأندية أن تجربتها تستحق النظر إليها في ظل أنها تحقق كذلك الهدف الترويجي لمنتجاتها من خلال نشاط كرة القدم.
وعلى سبيل المثال، تشهد النسخة الحالية من بطولة الدوري المصري الممتاز تواجد 4 أندية ذات ظهير استثماري
من القطاع الخاص، وهي أندية سيراميكا كليوباترا، وفاركو والجونة وزد، وهي تجارب تستفيد فيها الأندية من كرة القدم
في الترويج لأنشطتها الاستثمارية، وتوسع من محفظة هذه الاستثمارات في القطاع الرياضي،
وهي ربما لا تحقق أرباحًا مالية من كرة القدم، لكنها تستفيد بالترويج والدعاية الكبيرة لمنتجاتها
من خلال الرياضة التي تحظى بمتابعة كبيرة.
ونلقي الضوء في السطور التالية على 6 أندية استثمارية تنشط حاليًا في مسابقة الدوري المصري،
الذي يعد أحد أعرق وأقدم المسابقات في المنطقة العربية والشرق الأوسط، إذ انطلقت نسخته الأولى في العام 1948.
اقرأ أيضاً
هل تضرر العاملون عبر الانترنت بانقطاع الكهرباء في مصر؟
قرارات المتحدة الاعلامية تضع حدًا للفوضى
مهرجان جمعية الفيلم والسينما المصرية ودعم القضية الفلسطينية
لُغز اختفاء الأدوية في مصر ونية حكومية لرفع الأسعار
تأسس النادي عام 2008 تحت أسم الأسيوطي سبورت في مدينة بني سويف في صعيد مصر،
وقام المستشار تركي آل الشيخ رئيس هيئة الترفيه السعودي بشرائه حين ذاك ونقله إلى العاصمة عام 2018،
ويُعد الملعب الرسمي للنادي ستاد 30 يونيو بالقاهرة الجديدة، والذي يتسع لـ30 ألف متفرج،
وقد قام رجل الأعمال الإماراتي سالم سعيد الشامسي بشراءه في يوليو عام 2019 دون الإعلان عن قيمة الصفقة المادية.
وبعد تحويل اسمه إلى بيراميدز، دخل النادي المنافسة بقوة على بطولة الدوري موسم 2018/2019،
لينهيه في المركز الثالث خلف الأهلي والزمالك، إضافة إلى تأهل الفريق لنهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية
موسم 2019/2020 ووصل إلى نهائي كأس مصر عام 2019، ومع توالي المواسم رسخ بيراميدز مكانته
ضمن أندية الصفوة في كرة القدم المصرية، لكنه مازال يبحث حتى الآن عن التتويج بلقبه الأول،
رغم تواجده في وصافة الدوري في الموسمين الماضيين، ويطمح الآن للفوز بالبطولة لأول مرة هذا الموسم، حيث يتصدر ترتيب المسابقة حاليًا.
وتبلغ القيمة التسويقية لبيراميدز 19.68 مليون يورو في الموسم الحالي، وفقا لموقع (ترانسفير ماركت) الإلكتروني العالمي المتخصص في القيم التسويقية للاعبي وأندية كرة القدم.
تأسس النادي عام 2011 تحت اسم كوكاكولا، ومقره في القاهرة، وقد تم شرائه من قبل شركة فيوتشر للاستثمارات الرياضية
وتحويل اسمه إلى فيوتشر فور صعود الفريق للدوري الممتاز، تحديدًا في 2 سبتمبر 2021 وذلك مقابل 4 ملايين يورو تقريبًا.
وتم تحويل اسم النادي إلى مودرن فيوتشر في 22 أغسطس 2023 بعد انتقال ملكية النادي لمستثمر جديد وهو رجل الأعمال
المصري وليد دعبس، ثم قام مسؤولوه بتغيير شعار واسم النادي الآن إلى مودرن سبورت في الثاني من يوليو الجاري.
وفي موسمه الأول بالدوري (2021/2022)، أحتل النادي المركز الخامس بترتيب المسابقة،
ثم تقدم للمركز الرابع في الموسم التالي، الذي شهد تتويجه بلقب كأس رابطة الأندية المحترفة في نسختها الأولى.
ومازال مودرن سبورت يتواجد ضمن أندية المربع الذهبي في الدوري المصري هذا الموسم،
حيث يطمح للعب في بطولة الكونفيدرالية الإفريقية للموسم الثالث على التوالي،
علمًا بأنه حصل على وصافة بطولة كأس السوبر المصري هذا الموسم والتي شاركت فيها 4 أندية للمرة الأولى.
هو أحد أقدم الأندية الاستثمارية في مصر ويتبع منتجع الجونة السياحي المملوك لرجل الأعمال المصري سميح ساويرس
بمدينة الغردقة في محافظة البحر الأحمر، وقد أنشئ النادي عام 2003، ويتخذ من ملعب خالد بشارة معقلاً له، والذي تبلغ طاقته الاستيعابية 12 ألف متفرج.
سجل فريق الجونة ظهوره الأول في الدوري المصري الممتاز موسم 2009/2010، وتأرجح وضع النادي بين الدوري الممتاز
والقسم الثاني، فيما يلعب حاليًا الموسم السادس في تاريخه بالدوري الممتاز ويتطلع للبقاء به للموسم الثاني على التوالي.
نادي سيراميكا كليوباترا المملوك لرجل الأعمال المصري محمد أبوالعينين، وهو تابع لمجموعة كليوباترا
التي افتتحت أول مصانعها من خلال شركة سيراميكا كليوباترا في مدينة العاشر من رمضان.
تم إشهار النادي عام 2007 ليصبح تابعًا للاتحاد المصري لكرة القدم، حيث لعب في دوري القسم الرابع لمدة عام واحد
وتصدر المسابقة وصعد للقسم الثالث، وفي الموسم التالي صعد إلى دوري القسم الثاني، الذي حل فيه رابعًا
في أول موسم له وظل في محاولاته نحو الصعود للدوري الممتاز حتى نجح في إدراك ذلك في الموسم الرابع له بالقسم الثاني موسم 2019/2020 .
مسيرة سيراميكا كليوباترا بالدوري الممتاز كانت دائمًا في مناطق الوسط، ففي موسمه الأول 2020/2021 حل عاشرًا،
ثم تراجع للمركز الرابع عشر في الموسم التالي، وفى موسم 2022/2023 أنهى الفريق منافساته في المركز الثالث عشر،
وتوج بلقب رابطة الأندية المحترفة محققًا أول إنجاز لأندية القطاع الخاص المدعومة من شركة ذات نشاط اقتصادي.
ويقضي النادي موسمه الرابع على التوالي في بطولة الدوري، فيما يطمع في الاحتفاظ بلقب كأس الرابطة للنسخة الثانية تواليًا،
حيث تأهل للمباراة النهائية ضد فريق طلائع الجيش، حيث تجرى في وقت لاحق من الشهر الجاري.
الأندية الاستثمارية في مصر تجارب بين المطالبات والدروس المستفادة
يتبع مجموعة فاركو للأدوية وهي شركة قابضة مصرية للتعامل في مجال صناعة الدواء،
أنشئت بمدينة الإسكندرية عام 1978، وقد تأسس النادي عام 2010، ويتولى رئاسته عز يشار حلمي.
صعد فاركو للقسم الثالث موسم 2012/2013، وفي الموسم الذي تلاه تأهل للقسم الثاني الذي ظل به 7 مواسم،
قبل أن يصعد أخيرًا للدوري الممتاز موسم 2020/2021 وقد حل ثامنًا في أول موسم له بالدوري الممتاز، فيما جاء بالمركز التاسع في الموسم التالي.
دائمًا ما يشكل فريق فاركو حجر عثرة أمام الأندية الكبرى في مختلف المسابقات، ويأمل الفريق هذا الموسم
في البقاء للموسم الثالث على التوالي ببطولة الدوري، وذلك رغم ميزانيته الضئيلة مقارنة بباقي فرق المسابقة.
هو آخر الوافدين للدوري المصري، ويتبع مشروع “زد” أحد مشروعات شركة “أورا” للتطوير العقاري المملوكة لرجل الأعمال المصري نجيب ساويرس.
تأسس النادي عام 2009 تحت اسم “إف سي مصر” ثم استحوذت أورا على النادي الذي كان قد هبط من الدوري الممتاز
إلى القسم الثاني موسم 2019/2020، وتم تغيير اسمه إلى نادي “زد إف سي” وذلك في 24 نوفمبر 2020.
وسرعان ما حقق الفريق النجاح بالمسمى الجديد، ليصعد للدوري الممتاز الموسم الجاري للمرة الأولى في تاريخه،
حيث يتواجد حاليًا في المركز السادس بترتيب المسابقة محققًا العديد من المفاجآت،
من بينها فوزه على الزمالك والإسماعيلي بما لديهما من تاريخ وبطولات وجماهيرية.
وقد فازت أكاديمية زد بجائزة أفضل أكاديمية في إفريقيا في حفل توزيع جوائز “جلوب سوكر” للعام 2021،
وفي ديسمبر 2021 أعلن النادي عن شراكة مع نادي أستون فيلا الإنجليزي المملوك جزئيًا لناصف ساويرس
شقيق نجيب ساويرس مالك نادي زد، وذلك للسماح للاعبين الناشئين والشباب من الأكاديمية الخاصة بهما باللعب في أوروبا.
وفي إبريل 2023 تم توسيع هذه الشراكة وإضفاء الطابع الرسمي عليها حيث أصبح نادي زد جزءًا من تعاون ثلاثي
مع أستون فيلا وجزء آخر من مجموعة “في” الرياضية التابعة لناصف ساويرس والتي تملك نادي ڤيتوريا البرتغالي،
قبل أن يتم توسيع الشراكة بشكل أكبر في أكتوبر 2023 بإضافة نادي فيسيل كوبي الياباني أيضًا إليها.
الأندية الاستثمارية في مصر تجارب بين المطالبات والدروس المستفادة