سياسة

مؤتمر القاهرة للقوى السياسية السودانية..خطوة مصرية ناجحة لحل الصراع الدائر فى السودان


في خطوة مدروسة وتوقيت حاسم تبنت القاهرة الدعوة لعقد مؤتمر جامع للقوى السياسية السودانية يومي 6-7 يوليو 2024 فغيرت الحسابات الاقليمية والدولية تجاه عملية الصراع الدائر في السودان. ففي ظل عملية الاستقطاب التي تمارسها المحاور الاقليمية صاحبة المصلحة في تقسيم القوى المدنية والسياسية داخل السودان، والمستفيدة من استمرار عملية الحرب الدائرة منذ 15 ابريل 2023، نجحت الادارة المصرية في وضع حد فاصل لهذا التجاذب السياسي. وفى هذا التقرير سنكشف خلفيات هذا المؤتمر وأسبابه والقوى المشاركة فيه، والرعاية المصرية لإنجاح اعماله، وتيسير نقاشاته ونتائجه وردود أفعاله. 



قبل اندلاع عملية الصراع في السودان بين قوات الدعم السريع، بقيادة حميدتى، وقوات الجيش السوداني، بقيادة عبدالفتاح البرهان في 15 ابريل 2023 رعت القاهرة حوارات كثيرة بين القوى السياسية السودانية، وتدخلت في ادارة عملية التفاوض بين الحركات المسلحة والجيش في جوبا بجنوب السودان، وتقاربت الرؤية المصرية السودانية حول سد النهضة ورفع الطرفان شكواهما إلى مجلس الأمن الدولي، غير أن قوى اقليمية ودولية تدخلت في تأجيج الصراع بين المكونات المدنية والعسكرية إلى أن حدث الاختلاف حول الاتفاق الإطارى، وحدث ما حدث بنشوب الحرب بين قوات الدعم السريع والجيش ووصلت آثار الحرب لمقتل حوالى 150 الف سوداني على حسب تقرير مبعوث الولايات المتحدة الامريكية وحوالى 10 مليون من النازحين وأعداد لا حصر لها من القتلى والجرحى.


واهتمت مصر منذ وقع الصراع بالتخفيف من آثار الحرب وويلاتها بتقديم المساعدات الإنسانية والطبية وقبول النازحين٬ وقدمت مبادرة مشتركة مع جنوب السودان لوقف الحرب والحفاظ على وحدة السودان٬ وكذلك استضافت في يوليو 2023 مؤتمراً لقادة دول جوار السودان السبع لبحث سبل إنهاء الحرب والبحث عن تسوية سلمية للأزمة٬ وكذا لعبت دوراً فاعلاً في مباحثات جدة والمنامة وداخل الاتحاد الأفريقي ودعم كافة المبادرات لوقف الحرب وإيصال المساعدات الانسانية، ووقفت على مسافة واحدة بين قوات الدعم السريع والجيش مع استمرار دعمها للحفاظ على مؤسسات الدولة السودانية.


وحين وصل الانقسام إلى أقصاه بين القوى السياسية، وشكلت الأحزاب السودانية غطاء سياسًيا لطرفي النزاع ولمحاور اقليمية، أدركت مصر ضرورة التدخل ورأب الصدع بين مكونات السودان السياسية والمدنية، خاصة بعد نجاح اثيوبيا فيتأجيج الصراع بين أطراف النزاع من المدنيين والعسكريين.


فقررت مصر تنظيم مؤتمر جامع لكل القوى السياسية فجاء مؤتمر القاهرة٫ خاصة وأنه سبق الدعوة المصرية لقاء لنفس القوى في جنيف بسويسرا ما بين 2-5 يوليو2024، وسيعقبها لقاء ثالث للاتحاد الأفريقي في أديس أبابا ما بين 10-15 من نفس الشهر، ولقاء رابع في بريطانيا لم يحدد موعده بعد٬ وبهذا بدا واضحًا أن الأمر قد تحول إلى تنافس بين أصحاب المبادرات الذين راحوا يضعون العقبات والمتاريس أمام جهود القاهرة لرأب الصدع. ومن ثم جاء مؤتمر القاهرة ليكون علامة فاصلة بين كل هذا المؤتمرات، وتأسيسا لنقاشات مستقبلية يمكن من خلالها تحاشى أي تحريضات او سياقات اقليمية ودولية. 




 وجهت الدعوة المصرية لغالبية الاحزاب السودانية وممثلين من القوى المدنية والحركات المسلحة السودانية سعيًا لحل للأزمة السودانية ووقف الحرب .وشهد الاجتماع مشاركة واسعة من عدد من البعثات الدبلوماسية والمنظمات الإقليمية والدولية.اجتمعوا جميعًا يومي 6 و7 يوليو بأحد فنادق العاصمة الإدارية الجديدة بالقاهرة، اطمئنانا للدور المصري معتبرين أنه الأقرب لتسوية الأزمة في السودان. وتحت شعار “معاََ لوقف الحرب في السودان”، انطلق مؤتمر القاهرة باعتباره فرصة هامة للقوى السياسية المدنية السودانية لتقديم رؤاها حول مشروع وطني جامع. وراحت الادارة المصرية ترعى عملية إدارة الحوار واختلاف وجهات النظر بين تنسيقية “تقدم” والكتلة الديمقراطية.


كونها تدرك بأن الطرفين متنافرين، وكل منهما يتهم الاَخر بإفشال العملية السياسية ونشوب الحرب. فقد سبق للكتلة الديمقراطية اسقاط حكومة حمدوك ورفض الاتفاق الإطارى، في حين كانت تقدم متهمة بأنها الغطاء السياسي للدعم السريع. وكل طرف لا يريد الجلوس مع الطرف الاخر على مائدة حوار واحدة خلال الجلسات. لكن نجحت الادارة المصرية على أن يبقى الحوار سوداني سوداني، فوفرت مُيسيرين سودانيين لتقريب وجهات النظر، ورعت الحوار بين الفرقاء وصولا للبيان الختامي.


 وربما كانت كلمة وزير الخارجية المصري، السفير بدر عبد العاطي، العاطفية والمليئة بالمشاعر الجياشة للسودان وأهله وبالمناشدات والمحددات والنصائح، قد أوجدت قدرًا من الاستجابة لضرورة الحوار بأريحية ومؤونة وتفاعل. حيث أكد الرجل على أهمية العمل للتوصل إلى وقف فوري ومستدام للعمليات العسكرية في السودان، وذلك حفاظًا على مقدرات شعبه. وعبر بأن وحدة القوات المسلحة السودانية ذات أهمية بالغة اثبتتها التطورات الجارية للحفاظ على المواطنين والوطن، وأن أي عملية سياسية مستقبلية في السودان يجب أن تشمل كافة الأطراف دون إقصاء، ودعا المجتمع الدولي للتحرك العاجل لمعالجة أزمة الحرب في السودان، ووقف العمليات العسكرية في السودان فورًا، مؤكدًا بأن مصر تعمل على تكثيف مجهوداتها في مؤتمر الاستجابة الإنسانية في السودان، مشيرًا إلى أن هنالك أكثر من 5 ملايين سوداني في الأرض المصرية قدمت لهم الحكومة المصرية مواد إغاثية، وأن هذا واجب تجاه السودان الشقيق، ومشددًا على سعي مصر المستمر لوقف نزيف الدم السوداني الغالي وايصال المساعدات والمنح الاغاثية للسودان. مبينا بأن رسالة مصر لشعب السودان هو أن مشاهد الخراب والدمار والقتل تدمي القلوب وتسعى مصر لإنهائها.


 ولعل الكلمات التي عبر بها المشاركون الدوليون، كممثل الاتحاد الأوروبي وممثل الامم المتحدة وممثلة الاتحاد الأفريقي، تشهد بأن مؤتمر القاهرة جاء مميزًا ومكملاً لمسار جدة المعني بوقف الحرب بين طرفى النزاع. حيث وفرت الخارجية المصرية الرعاية الدولية لهذا المؤتمر ليكونوا شهودًا على اعماله وقعاليته.


 وما يهمنا هو أن الوساطة المصرية شرعت بعد انتهاء الجلسة الافتتاحية، في تقسيم المشاركين إلى لجان لمناقشة ثلاثة قضايا هي القضية السياسية، ووقف الحرب ثم القضية الإنسانية. وبالفعل بدأ الجميع في الانخراط في اللجان بما فيهم حلفاء الكتلة الديمقراطية وآخرين، وبعض رفض المجموعات الجلوس سويًا، تدخلت لجنة للتسيير التي اقترحتها الادارة المصرية، وضمت كل من السفير نور الدين ساتي والشفيع خضر والواثق كمير ومضوي إبراهيم والمحبوب عبدالسلام ونفيسة حجر وعالم عباس، وأقنعوا الكتلة الديمقراطية بأن كل مجموعة تناقش القضايا الثلاث، ومن ثم تم بعدها التوقيع على بيان ختامي مشترك.


وبعد الفراغ من الجلسات تم اقتراح ثلاثة أشخاص ممثلين لكل طرف بحضور أربعة ميسرين سودانيين ليصبح العدد 10 أشخاص، ليصبح حواراً سودانياً سودانياً، واختارت تقدم بكري الجاك وخالد عمر وأسامة سعيد كممثلين لها، واختارت الكتلة محمد زكريا وآخرين. ورغم ذلك حدث خلاف ساعة الختام، حين بدأت الوساطة المصرية في الترتيبات بعد موافقة تقدم على التوقيع على البيان الختامي، فراح كل من جبريل ومناوي وعقار يرفضون التوقيع، ولكن الادارة المصرية لم تتوقف عن المقاربة بين الاطراف، إلى أن جرت مراسم التوقيع على البيان الختامي، ولم يتحفظ غير الثلاثة الذين غابوا في اليوم التالي عن اللقاء الذي جمع المشاركين في المؤتمر بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وهؤلاء الثلاث لم تتم دعوتهم للقاء الرئيس المصري نظرًا لموقفهم، حيث حددت الادارة المصرية من سيحضر اللقاء من عدمه، وهذا يبين قدرة الادارة المصرية على رأب الصدع وانجاح المؤتمر وخلق حوار سيبنى عليه مستقبلاً.



 كان من أهم مزايا المؤتمر وخصوصياته هو جمع المتناقضين على مائدة حوار واحدة، حيث شاركت الكتلة الديمقراطية، وتضم حركات مسلحة وأحزاباً سياسية وقوى مدنية، إلى جانب كتلة “تقدم” وهى اختصار لتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية، وكلا الكتلتين كان يصعب على أي دولة أخرى غير مصر أن تجمع بينهما، في حين اعترض حزب المؤتمر الشعبي والحركة الإسلامية على عدم دعوته للمشاركة في المؤتمر، وقال الحزب في بيان بأن مصر تقدمت بالدعوى للفئة المفصولة من الحزب، كما اعتذر الحزب الشيوعي عن المشاركة، وأكد أنه سيواصل نضاله مع الجماهير ويعمل على تنظيم القوى السياسية والاجتماعية صاحبة المصلحة في الثورة ودمجها من أجل إيقاف الحرب واسترداد الثورة، في مقابل ذلك أبدت قوى سياسية لم تتلق الدعوة تحفظات مسبقة على المشاركة، ووقعت قوى سياسية وحركات مسلحة بيانًا أبدت فيه جملة تحفظات على مؤتمر القاهرة، ودعت قوى سياسية أخرى للانضمام لموقفها والعمل على البدء في حوار داخل السودان، وشملت القوى الموقعة على هذا البيان الجبهة الثورية مسار الوسط وحركة تحرير السودان بقيادة مصطفى تمبور، والحزب الديمقراطي الليبرالي وكتلة المشروع القومي الجامع وتجمع المهنيين الاتحاديين والتحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية، ورفضت كل من الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو والحركة الشعبية التيار الثوري الديمقراطي المشاركة في مؤتمر القاهرة، وعلى هذا يمكن القول بأنه من مجموع 100 حزبًا سودانى شاركت غالبيتها في المؤتمر فضلاً عن بعض القوى المدنية والزعامات الشعبية.



 الناظر لأعمال المؤتمر سيجد بأن الخلافات وجدت طريقها منذ بداية الاجتماع التحضيري الذي سبق المؤتمر بيوم، حيث طالب كل من مالك عقار – نائب رئيس مجلس السيادة السوداني ورئيس الحركة الشعبية شمال السودان – وجبريل إبراهيم – وزير المالية السوداني ورئيس حركة العدل والمساواة – ومني أركو مناوي – حاكم إقليم دارفور وزعيم حركة تحرير السودان – بمخاطبة الجلسة الافتتاحية وأن يكون أحدهم مفوضا بإلقاء الكلمة، فيما رأت قيادات تقدم أن تكون هناك كلمة واحدة للقوى المدنية يقرأها الدكتور الشفيع خضر، وقد نجحت فى ذلك والقى الأخير كلمة تمثل الجميع، لذا غضب جبريل ومناوي من المقترح وهددا بمقاطعة الجلسة الافتتاحية وعدم الجلوس وبعد تدخلات من الوساطة المصرية تم اقناعهما بالحضور، ليتجدد الخلاف مرة أخرى عندما ثار مناوي، واعتبر أن الجهة المنظمة لم تراع المقامات في ترتيب مقاعد الجلوس مع تقدم ناسيًا بأن تمثيله في المؤتمر ليس باعتباره حاكماً لإقليم دارفور، وإنما رئيساً لحركة تحرير السودان، وظل مناوي على هذه الحال حتى وصل به الأمر ليرفض الجلوس مع الطاهر حجر والهادي إدريس لأنهم قتلوا أخوه في معارك الفاشر، وكذا رفضت قيادة حركة العدل والمساواة وتحرير السودان الجلوس مع تقدم على طاولة واحدة.


وأرسل الطرفان، الكتلة وتقدم المناديب لصياغة البيان الختامي، وتم الاتفاق حوله وتمت إجازته، واتفقوا على تكوين لجنة مشتركة لتطوير النقاش، لكن محمد زكريا طلب التشاور مع قيادات الكتلة، وذهب بالمسودة ولم يأت للميسرين لأن عقار ومناوي وجبريل رفضوا أن يكون هناك بيان ختامي تتم قراءته، وذلك لتحالف تقدم مع مليشيا الدعم السريع، وأسباب أخرى تتصل بعدم إدانتها للانتهاكات الجسيمة لحقوق وكرامة الإنسان وللممارسات المهينة واعمال السلب والنهب.


وتم رفض البيان الختامي من قبل هذه المجموعة كونه لم يستصحب ملاحظاتها وتعديلاتها، ولم توقع عليه ولا يحظى بالتوافق، كما أن الشخص الذى تلى البيان غير متفق عليه. مؤكدة التزامها بالسلام والتحول الديمقراطي وبدعمها للجهود المصرية لإنجاز الحوار السوداني وتحقيق السلام والاستقرار، كما رفض سلطان “دار مساليت” في غرب السودان، سعد عبد الرحمن بحر الدين، البيان الختامي، وكذا رفضه مؤتمر ولاية الجزيرة .


 وبالمقابل أشار البعض بأن نتائج المؤتمر مختلفة عن سابقيه من الفعاليات والمبادرات، ويجب تطويرها لاستكمال مسار الحل السياسي، وأنه يكفى للمؤتمر أن شاركت فيه جميع القوى بما فيها الأطراف التي لم توقع على البيان، وخرج مدعوماً من أكبر الأحزاب السياسية في السودان مثل حزبَي الأمة والاتحادي.




المطالع للبيان الختامي لمؤتمر القاهرة سيجد فيه خلاصة الجهد المصري في توفير الأجواء الصحية للقوى السياسية السودانية حتى توجد أرضية مشتركة للتلاقي، وفى هذا السياق جاء البيان الختامي مؤكدًا على ضرورة الوقف الفوري للحرب، والعمل على توفير الاحتياجات الإنسانية العاجلة للسودانيين، وشدد على وقف العدائيات والالتزام بإعلان جدة، والنظر في آليات تنفيذه وتطويره لمواكبة مستجدات الحرب، مقترحًا تشكيل لجنة لتطوير النقاشات ومتابعة نتائج المؤتمر من أجل الوصول إلى سلام دائم.


كما أكدت القوى السياسية والمدنية السودانية على تجنيب المرحلة التأسيسية لما بعد الحرب، كل الأسباب التي أدت إلى إفشال الفترات الانتقالية السابقة، وصولاً إلى تأسيس الدولة السودانية.


 وبعد انتهاء اعمال المؤتمر التقى الرئيس السيسي مع القوى السودانية معبرا للجميع بأن القاهرة تقف على مسافة واحدة من كل الأطراف السياسية السودانية، وفى هذا السياق أكد الرجل على ضرورة أن يتضمن الانتقال للمسار السياسي للأزمة مشاركة كافة الأطراف، وفقاً للمصلحة الوطنية السودانية دون غيرها، وأن يكون شعار السودان أولاً هو المحرك لجميع الجهود الوطنية المخلصة، فضلاً عن ضرورة أن ترتكز أية عملية سياسية ذات مصداقية، على احترام مبادئ سيادة السودان، ووحدة وسلامة أراضيه، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، باعتبارها أساس وحدة وبناء واستقرار السودان وشعبه، مشددًا على حرص مصر على التنسيق والتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين لحل الأزمة السودانية، وأن مصر لن تدخر جهداً، ولن تدخر أية محاولة، في سبيل رأب الصدع بين مختلف الأطراف السودانية، ووقف الحرب، وضمان عودة الأمن والاستقرار، والحفاظ على مقدرات الشعب السوداني، مؤكداً ضرورة تكاتف المساعي للتوصل لحل سياسي شامل، يحقق تطلعات شعب السودان، وانتهاء الأزمة العميقة متعددة الأبعاد التي يعيشها السودان، بما تحمله من تداعيات كارثية على مختلف الأصعدة، السياسية والاجتماعية والإنسانية.


مشيرًا إلى قيام الدولة المصرية ببذل أقصى الجهد، سواء ثنائياً، أو إقليمياً ودولياً، لمواجهة تداعيات الأزمة السودانية، وذلك عبر تقديم كافة أوجه الدعم، بما يعكس خصوصية العلاقات المصرية السودانية، حيث تستمر مصر في إرسال عدد كبير من شحنات المساعدات الإنسانية للأشقاء في السودان، فضلاً عن استضافة ملايين الأشقاء السودانيين بمصر.



 تباينت ردود الفعل السودانية على مؤتمر القاهرة، حيث عبر رئيس حركة العدل والمساواة السودانية عن نجاح مخرجات مؤتمر القاهرة شاكرًا لمصر استضافتها لأعداد غفيرة من الشعب السوداني وعلى تنظيمها مؤتمراً جامعاً للقوى السياسية والمدنية” السودانية في القاهرة بحثاً عن السلام، وعبر الكثيرين عن رضاهم عن كلمة وزير خارجيتها الافتتاحية بما أثلج صدورهم، في حين اختلف البعض حول البيان الختامي وكانوا منتظرين إدانة واضحة لقوات الدعم السريع وتسببها فيالانتهاكات واعمال القتل والتشريد والجوع والفقر.


بل رفض البعض موقف الرافضين للبيان الختامي معتبرين بأن موقف مناوى وعقار وجبريل مرتب وأمر قد دبر بليل مع الحركة، وأنه مهما كان نتائجه، فقد حرك ساكن السياسة السودانية إلى الامام، ودفع باتجاه إيقاف الحرب ويحسب لمصر.


  في حين عبر عبدالله حمدوك، رئيس الوزراء السابق في كلمة له، بأن مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية، نقطة فارقة في الحل السياسي للأزمة في البلاد، وأرجع ذلك إلى اجتماع مختلف القوى السياسية والمدنية السودانية للمرة الأولى بهذا الشكل للتشاور حول الأزمة السودانية. وراح التيار الوطني يثمن الجهود المبذولة من قبل الحكومة المصرية بدعوتها للقوى السياسية المدنية السودانية لعقد مؤتمر في القاهرة يومي 6 و 7 يوليو الجاري، داعيًا جميع القوى المشاركة في المؤتمر إلى اغتنام هذه الفرصة لفتح نقاشات صريحة ومسؤولة حول أجندة المؤتمر، واضعين نصب أعينهم بأن تقارب القوى السياسية والتفافها حول أجندة وطنية موحدة هو أحد أهم مداخل حل الأزمة الراهنة في السودان.


 بالمقابل أشادت بعض الصحف السودانية بمؤتمر القاهرة للقوى المدنية السياسية، كما أبرزت لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع وفد المشاركين في المؤتمر، بما عكس نجاح المؤتمر في لم شمل الفرقاء السودانيين ومهد لإنهاء النزاع، وأواضح جهدًا مصريًا ملحوظًا في سلسلة جهودها لننزع فتيل الحرب وإنهاء المأساة الإنسانية في السودان.


وتحت عنوان “مصر تدفع بخمسة أولويات لإنهاء الحرب في السودان”، قالت احدى الصحف السودانية “بأن الأولويات المصرية، هي البحث عن آلية لدفع الأطراف المتحاربة لوقف إطلاق النار، والبدء في مفاوضات جادة للوصول إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النارِ، كما أبرزت تصريح الرئيس السيسي بأن مصر لن تدخر جهدًا لإيقاف الحرب في السودان.

 ومن ناحية أخرى عبر البعض عن تفاءل السودانيين برعاية القاهرة للقوى السياسية، لكن البعض اعتبر الأمر معادلة صفرية، كون القوى المدنية ليس لديها سلاح وصوتها غير مسموع ولا تزال منقسمه فيما بينها، وأنه يجب على القاهرة أن تذهب مباشرة لمن يمتلكون السلاح ومخاطبة اسبابهم من هذه الحرب وهما البرهان وحميدتي فهم الذين يجب مخاطبتهم اولاً، لكن المدنيين هم مجرد أشخاص ثانويين وليسوا أساسيين فالقضية الأساسية هي الحرب وطرفيها، وهو ما يحمل مصر خطة تالية بدعوة طرفي الصراع إلى لقاء على أرض مصر يُنهى الأزمة ويقطع بوقف الحرب ويذهب بالسودان لمرحلة انتقالية يحددها السودانيون بأنفسهم.


وخلاصة القول هو أن القاهرة نجحت فيما فشلت فيه إثيوبيا وغيرها في استضافة كل القوى المدنية، مؤكدة من خلال نجاح المؤتمر بأن المحيط الإقليمي العربي للسودان هو شرط مهم لنجاح أي مبادرة للصلح سواء في الزخم الإعلامي الذى أحدثته مصر لأزمة السودان، أو من خلال تفاعل الداخل السوداني عما ينشر بلغتهم عن فعاليات الاجتماعات أولاً باول، أو من خلال روح الاخوة التي رعت عملية النقاش ولم تسع به لتكريس الشقاق والخلافات.


مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية