تسعى الدولة المصرية منذ وقت طويل إلى محاربة ظاهرة الإدمان التي تمثل تهديدًا حقيقيًا على المجتمع، لما تصنعه من تدمير الشباب وتفريق الأسر.
وتستعين الدولة في هذا المسار بكل الوسائل الممكنة بداية من إنشاء المراكز العلاجية، وصناديق مكافحة الإدمان، مرورًا بالاستعانة بالخبرات الدولية وكوادر الأمم المتحدة للقضاء على هذه الظاهرة.
وزارت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي السابقة والمديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، منذ مدة قصيرة الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء في جولة قامت بها عبر 6 دول لمناقشة ملفات الإدمان والمخدرات.
وكانت لعبت والي دورًا بارزًا في جهود مكافحة الإدمان في مصر خلال فترة توليها وزارة التضامن الاجتماعي من 2014 إلى 2019. من خلال عدة مبادرات وبرامج، عملت على رفع الوعي حول مخاطر الإدمان وتقديم الدعم للمدمنين في سبيل التعافي.
مبادرة “أنت أقوى من المخدرات”
إحدى أهم المبادرات التي أطلقتها غادة والي كانت حملة “أنت أقوى من المخدرات” بالتعاون مع صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي. استهدفت الحملة الشباب بشكل خاص، واستخدمت وسائل الإعلام المختلفة لنشر رسائل توعوية بمخاطر الإدمان وتشجيع المدمنين على طلب العلاج.
استعانت الحملة بعدد من المشاهير مثل اللاعب محمد صلاح، مما زاد من تأثيرها ووصولها إلى فئات واسعة من المجتمع.
تطوير مراكز العلاج والتأهيل
خلال فترة ولايتها، عملت والي على زيادة عدد مراكز علاج وتأهيل المدمنين في مصر. شهدت هذه المراكز تحسينات كبيرة في جودة الخدمات المقدمة، بما في ذلك الدعم الطبي والنفسي. كما تم توفير خدمات إعادة التأهيل الاجتماعي للمتعافين لمساعدتهم في العودة إلى المجتمع وتحقيق استقرار نفسي واجتماعي.
الشراكات الدولية
قادت والي جهودًا لتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإدمان. من خلال التعاون مع منظمات دولية مثل مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، تم تبادل الخبرات وأفضل الممارسات مع دول أخرى، مما ساهم في تحسين استراتيجيات مصر في مكافحة الإدمان.
التوعية والتعليم
ركزت والي على أهمية التوعية والتعليم كوسيلة للوقاية من الإدمان. تم إطلاق العديد من البرامج التوعوية في المدارس والجامعات لتعريف الشباب بمخاطر المخدرات وأهمية اتخاذ قرارات صحية. كما تم تدريب العاملين في المدارس والجامعات لتقديم الدعم والمشورة للطلاب.
دعم الأسر والمجتمع
أدركت والي أهمية دور الأسرة والمجتمع في مكافحة الإدمان. تم تنظيم ورش عمل ودورات تدريبية للأهالي لمساعدتهم في التعرف على علامات الإدمان وكيفية تقديم الدعم لأبنائهم. كما تم إشراك المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية في جهود مكافحة الإدمان، مما عزز من فاعلية البرامج والمبادرات.
القوانين والسياسات
عملت والي على تعزيز الإطار القانوني لمكافحة المخدرات في مصر. تم تقديم مقترحات لتعديل القوانين لتكون أكثر صرامة مع تجار المخدرات، وفي نفس الوقت أكثر دعمًا للمدمنين الذين يسعون للعلاج والتعافي. كما تم تعزيز التعاون بين وزارة التضامن الاجتماعي ووزارتي الداخلية والصحة لتنسيق الجهود في هذا المجال.
غادة والي قدمت مساهمات كبيرة في جهود مصر لمكافحة الإدمان من خلال مجموعة متنوعة من المبادرات والبرامج. من خلال حملات التوعية، وتطوير مراكز العلاج، وتعزيز الشراكات الدولية، وتقديم الدعم للأسر والمجتمع، تركت والي بصمة إيجابية في هذا الملف الحيوي. وساعدت جهودها في تحسين الوعي بمخاطر الإدمان وتوفير الدعم اللازم للمدمنين في سبيل التعافي، مما ساهم في تحقيق استقرار اجتماعي أكبر في مصر.
قال الدكتور محمد عبدالقادر، استشاري الطب النفسي، إن زيارة غادة والي، وكيلة الأمم المتحدة لعلاج الإدمان، تعكس اهتمام الدولة بعلاج الإدمان، ومساعدة الأمم المتحدة لمصر في إغلاق ملف علاج الإدمان.
ونوه أن إحصائيات أعداد المدمنين في مصر غير دقيقة؛ بسبب أن أغلب من يعانون من الإدمان غير مقيدين بالأماكن العلاجية.
وأضاف عبد القادر، المدمن مريض حتى يتاح له العلاج، فإذا أتيحت له فرصة العلاج ونفر منها فهو يستحق العقاب.
وأشار إلى أن فصل المدمنين عن المجتمع له آثار سلبية كثيرة، منا أنه قد يعطيهم أسباب للانتكاسة إذا دخلوا في طريق العلاج.
وأكد عبد القادر أن ملف علاج الإدمان يحتاج إلى اهتمام أكبر من الدولة، مشيرًا إلى نقص المراكز العلاجية المتخصصة.
واستنكر وجود ثلاثة مراكز علاجية للإدمان فقط تخدم صعيد مصر من سوهاج إلى أسوان، لافتًا إلى أهمية تعديل قانون العلاج.
وأوضح استشاري الطب النفسي أن تجربة علاج الإدمان في مصر جيدة إلى حد ما، وفي تطور مستمر خاصة مع إنشاء مراكز “عزيمة”، مشيرًا إلى أنها ما زالت تحتاج المزيد من الدعم والاهتمام.
وأشار جمال فرويز، استشار الطب النفسي، إلى أن مصر تنفق أكثر من 13 مليار جنيه سنويًا على قطاع علاج الإدمان، مؤكدًا أن أزمة قطاع الادمان في القائمين عليه، وفي تقديم المحسوبيات والرشاوي.
ولفت فرويز إلى أن بعض الدول العظمى مثل كندا والسويد والدنمارك، قننت تعاطي المخدرات وفق جرعات محددة لعدم قدرتها على محاربة الإدمان.
وأوضح أن الشخصيات التي تتجه للإدمان أربع شخصيات وهم: الشخصية السيكوباتية وهذه نسبة شفاؤها لا تتخطى 3%، والشخصية الحدية وهذه نسبة شفاؤها قد تصل إلى 30%، والشخصية العصابية بنسبة شفاء 40%، والشخصية السلبية الاعتمادية بنسبة شفاء 50%.
وتابع أن ما ينقص قطاع علاج الإدمان في مصر هو الوعي في منع المواد المخدرة لتسهيل علاج المريض ومنعه من الانتكاس.
أقرأ أيضًا:
وثيقة تأمين الطلاق…عبء جديد على الأسرة أم حل لأزمات النفقة
معاناة الأطباء بين تردي العمل في القطاع الحكومي واعتداء أهالي المرضى
التشكيل الوزاري الجديد وتطلعات محافظات الصعيد للتطوير