في الوقت الذي ينتظر فيه المصريين قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي بدأ النقاش حوله في 2017 ولم يخرج للنور حتى الآن، فوجئ المصريين بتصديق الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على قانون التأمينات الموحد رقم 155 لسنة 2024، والذي أشار في أحد مواده الأساسية إلى وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق التي تمنح للنساء في حالة الطلاق.
الوثيقة تهدف لتوفير الحماية الاجتماعية للمطلقات
وبحسب المنشور حول الوثيقة فإن الهدف من الوثيقة هو توفير الحماية الاجتماعية والاقتصادية للسيدات المطلقات، لحين حصولهن على الحقوق المالية من الزوج، خاصةً في حالات قضايا النفقة، التي قد يمتد أجلها إلى عامين قبل حصول المطلقة على حكم بها.
يبلغ الحد الأقصى للوثيقة 25 ألف جنيه مصري، تحصل عليهم المطلقة عند تقدمها بالطلب وبعد استيفاء شرطان أساسيان، وهما مرور 3 سنوات على الزواج، وأن يكون الطلاق بائنًا، كذلك، فإن وثيقة التأمين على مخاطر الطلاق وثيقة تكافلية، يسددها الزوج مرة واحدة، بواقع 50 جنيه عند عقد الزواج، و25 جنيه عند الطلاق، كما لا تحصل عليها المطلقات خلعاً.
الوثيقة لاقت ردود فعل متباينة ما بين اعتبارها زيادة أعباء الزواج في مصر، وما بين الذين اعتبرها لا ترقي لمستوي مطالب النساء، ولا تقدم حل لأزمة المستحقات المالية للنساء.
الوثيقة خطوة للأمام
من جانبها قالت مؤسسة مبادرة “سوبروومن” آية منير لمنصة MENA: “أن الوثيقة هي خطوة للأمام بسبب أزمات تأخر قضايا النفقة، وارتفاع تكلفة قضايا النفقة، لكنها تقع في إطار الترقيع وليس الحل الجذري لأزمات النساء في قضايا النفقة، بداية من البيروقراطية التي تجبر المرأة على رفع عدة قضايا للنفقة لكل قضية منهم مصروفات وأتعاب للمحاماة بدلاً من جمعها في قضية واحدة، كما أن عبء إثبات الدخل يقع على المرأة وليس الرجل”.
وتساءلت آية: لماذا لا يتم تعديل القانون لتكون قضية النفقة هي قضية تلقائية ترفع مع الطلاق، أو حتى في حالة الطلاق الودي يكون على الزوج العمل على سداد حقوق المرأة للحصول على الخدمات؟ بدلاً من ترك عبء إثبات الدخل على المرأة، كما أن الوثيقة ترسخ للهروب من مبدأ تقاسم الثروة المعتمد على العمل الرعائي الذي تقوم به النساء، وهو حل جذري ينهي كل مشاكل النفقة فجعلت مهمة سداد أقساط الوثيقة على الرجل فقط، مشيرة إلى أن هناك حلول كثيرة بديلة للوثيقة التي سيتم النظر لها باعتبارها إعانة تُدفع للنساء لحين الحصول على حقوقهن، بداية من الوقوف في وجه تلاعب الرجال بمستندات إثبات الدخل، حتى اقرار تقاسم الثروة اعتمادًا على العمل الرعائي الذي تقوم به النساء.
اقرأ أيضًا:
الأطباء يعانون ما بين إهمال الحكومة للمنظومة وسخط العامة
ضوابط جديدة لمنع تجاوزات منشآت الصحة النفسية الغير المرخصة
دوافع الشباب المصري للهجرة غير الشرعية.. ودور الدولة في حماية الشباب
رفع الدعم السلعي وتأثيره على حياة الملايين من المواطنين
رسالة شكر للسيسي على تصديقه القانون
وكان المجلس القومي للمرأة قد تقدم بالشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي لتصديقه على القانون الذي أقر الوثيقة باعتبارها تهدف تعزيز حماية المرأة المطلقة ضد المخاطر التي تتبع عملية الطلاق، على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
في المقابل تساءلت مديرة البرامج بمؤسسة المرأة الجديدة لمياء لطفي٬ حول مصير الأقساط التي ستدفعها الأسرة في حالة عدم انتهاء العلاقة الزوجية بالطلاق؟ مشيرة إلى أن القانون ينص على أنها وثيقة صادرة عن هيئة الرقابة المالية، وبالتالي من المفترض أن يتم معاملتها بموجب القواعد التي تجرى على كافة وثائق التأمين سواء على الحياة، وكذلك التأمينات الاجتماعية التي يسترد فيها المؤمن مبلغ التأمين وفوائده عند مدة زمنية محددة.
وأضافت لمياء أن المصريين يعانوا بسبب الظروف الاقتصادية التي رفعت تكلفة الزواج بصورة كبيرة فهل الأفضل إضافة أعباء جديدة على منظومة الزواج.
إنفاق الدولة في حالة عجز أحد طرفي الزواج عن الإنفاق
وطالبت لمياء بتحمل الدولة مسئوليتها في حالة عجز أحد أطراف الزواج عن الإنفاق، وهو وضع متكرر تحصل فيه النساء على أحكام بالنفقة ولا تستطيع تنفيذها لأن الزوج لا يستطيع السداد، ولا يصبح أمامها سوى حبسه دون حل لأزمتها وهي النفقة، مقترحة أن يتم ذلك عبر صندوق الاسرة الذي يتم اقتطاع مبالغ من رسوم اصدار وثائق الزواج والطلاق وشهادات الميلاد والطوابع.
بينما تعتبر المحامية المعنية بقضايا النساء مها أبو بكر٬ أن الوثيقة بها 3 شروط مجحفة، منها عدم حصول النساء اللاتي لجأن للخلع لاستحالة الحياة الزوجية للجحيم، ورفض الزوج الطلاق، وهو شرط مجحف يقيد حق النساء في الفرار من هذا الجحيم وإلا لا تحصل على حقها، وكذلك اشتراط أن يكون الطلاق بائن بينونة كبري أي وقوع الطلاق 3 مرات، وهو شرط مجحف خاصة وأن كثيراً من النساء بعد المرور بهذه التجربة لا يرغبن في تكرارها.
أما الشرط الاخير المجحف أيضًا برأي مها ابو بكر٬ هو اشتراط مدة زمنية لوقوع الطلاق، لأنه يجبر النساء اللائي يعانين من أول يوم في الزواج على البقاء في زيجة مزرية من أجل استكمال شرط المدة الزمنية.
الوثيقة تدعم حقوق النساء
وأوضحت مها أن رغم هذه الشروط فأنها تدعم الوثيقة كخطوة أولى لدعم حقوق النساء في انتظار إصدار قانون الأحوال الشخصية الجديد الذي سيكون بها حلول يمكن أن تقضي على الأزمات التي تتعرض لها النساء بسبب الطلاق نظراً لأنها الطرف المعرض للخطر، وكذلك حماية حقوق الأطفال الناتجين عن زيجات انتهت بالطلاق.
وأشارت مها أن الوثيقة لم تدخل حتى الآن حيز التنفيذ لعدم صدور المذكرة التفسيرية لها، التي ستوضح كافة الشروط والإجراءات الواجب اتخاذها للتقديم على الوثيقة، وتصدر في الأغلب من الجهة المعنية بالتنفيذ، وفي هذه الحالة ستكون وزارة التضامن الاجتماعي.