ذكر الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن حالات الطلاق سجلت 213 ألف حالة خلال عام 2020 بواقع حالة واحدة كل دقيقتين، كما ارتفعت خلال عام 2022 إلى 14.7% بإجمالي حالات 270 ألف مقارنة بــ 255 ألف حالة في عام 2021 بمعدل يومي 793 حالة، وأن 40% منها تكون في السنوات الخمس الأولى.
وأظهر مؤشر الفتوى العالمي التابع لدار الإفتاء المصرية خلال تحليله لنحو 1200 فتوى رسمية وغير رسمية متعلقة بالطلاق في العالم العربي خلال عام 2022 أن تساؤلات المستفتين تؤكد أن أسباب الطلاق تمحورت حول ثلاثة عوامل؛ الاقتصادي بنسبة 43% والاجتماعي والأسري بنسبة 37% والعزلة الأسرية الناتجة عن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي بنسبة 20%.
وذكرت دار الإفتاء المصرية أن إدمان مواقع التواصل الإجتماعي عامل أساسي في زيادة حالات الطلاق في مصر بناءً على نتائج عدة دراسات اجتماعية وإحصائية بمعدل 27% من حالات الزواج، كما أن أعلى نسبة طلاق في الفئة العمرية من 30:أقل من 35 عام بين الرجال ومن 30:25 عام بين السيدات.
تفسيرات الطب النفسي للأزمة ومقترحات الحلول
ذهبت تقديرات الطب النفسي إلى عدة عوامل فاعلة في تلك الأزمة سواءً كانت نفسية أو إجتماعية؛ ومن أشهرها حالياً الحالة الكوميدية التي يتسقبل بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي الأخبار الخاصة بحالات الطلاق على جروبات السيدات والأمهات “الماميز”.
كما أحدثت فجوات قوية في التفاهم والتجاوب والانسجام بين أفراد الأسرة الواحدة هو ما يُهدد استقرار المكون الأساسي والأهم للمجتمع المصري، و تُصدر صورة وهمية عن علاقات مثالية من قبل المدونين والمؤثرين، بخلاف تبادل الآراء غير المتخصصة حول العلاقات الزوجية.
فقد يقوم الزوج أو الزوجة بنشر تفاصيل المشكلات الزوجية على إحدى هذه الجروبات ولا يكون من الأعضاء إلا بنشر سيل من الردود التي تكون في صورة نصائح ولكنها غير متخصصة وتفتقر إلى إدراك الأبعاد الكاملة للمشكلة المنشورة أو خبرة حياتية كافية مثل ترك منزل الزوجية أو ضرورة إتخاذ موقف قانوني ضد الطرف الآخر.
اقترح الخبراء النفسيين والاجتماعيين المتخصصون في شئون الأسرة حلولاً، لا تقتصر على سن القوانين فقط ولكن تؤكد أننا أمام قضية وعي مجتمعي لابد من تهذيبه ليُدرك أفراد المجتمع أهمية مواجهة السموم التي تبُثها تلك المواقع والتي تهدف إلى هدم الأسرة المصرية سواء كان ذلك عمداً أو عن جهل.
وأوضح الخبراء أن كسر حاجز الإنكار والاعتراف بالمشكلة من قبل الشخص المدمن على استخدام هذه المواقع هو الخطوة الأولى، ومن ثم تقليل عدد ساعات استخدامه لها بحيث لا تتجاوز الساعة لكل يوم على أن تكون ساعتين في أيام العطلات، والاستعانة ببعض الأفراد ذوات الثقة من المحيطين للمساعدة على تنفيذ هذه الخطة من خلال المراقبة والتأكد من معدلات استخدام تلك المواقع.
وقالت نيفين السيد خبيرة اجتماعية بشئون الأسرة أن إدمان مواقع التواصل الاجتماعي وانشغال كل فرد من الاسرة بهاتفه تسببا في حالة من العجز وعدم التفاعل بالطريقة الصحيحة، كما أنها سبب رئيسي في المشاحنات بين الأزواج وأضافت أن استخدام البث المباشر وإفشاء أسرار الحياة الزوجية أمام الجميع رغبة في جمع أكبر عدد من المشاهدات من المشكلات الكبيرة التي تهدد خصوصية الأسرة واستقرارها.
وأضافت الاستشارية الاجتماعية “ليندا حماده” خلال تصريحاتها لسكاي نيوز عربية؛ أنه بحسب جملة من الدراسات هناك زيادة في استشارات الطلاق بنسبة 200% وهو من أهم سلبيات وسائل التواصل الاجتماعي بسبب وجود عالم آخر إفتراضي نعيشه وهو ما يدفعنا للمقارنة، حيث يحرص الناس على إظهار الجانب الناجح من حياتهم ونشره ليشارك العالم هذا النجاح.
وتنصح بضرورة المحافظة على الاستقرار العائلي أمام التطورات التكنولوجية؛ من خلال ألا يكون لكل زوج عالمه الخاص وألا يكون هناك قطيعة بين الزوجين مع احترام كل طرف لحرية الآخر، وعدم استخدام كل طرف على حدى لهاتفه الخاص قبل النوم وعند الاستيقاظ، بالإضافة إلى تقوية العلاقات بينهما بالتواصل والتحدث أو عن طريق إرسال رسائل نصية لبعضهما وتجديد الحب بينهما.
رؤى متباينة للتصدي للأزمة
طرح الرئيس السيسي فكرة عدم الاعتراف بالطلاق الشفهي وهو ما كان يعتقد أنه من الحلول الايجابية لارتفاع معدلات الطلاق، ولكن الفكرة واجهت معارضة شرسة من مؤسسة الأزهر الشريف لأنها تعارض التشريعات الاسلامية في هذا الشأن وتنتج عنها مشكلات أخرى أكثر خطورة على المجتمع.
وطالبت النائبة إيمان الألفي بتعديلات على المناهج التعليمية تشمل الموضوعات الخاصة بطبيعة الأسرة المصرية وتعمل على ترسيخ مبادئ الحفاظ على الأسرة، وفي حال فشل العلاقة الزوجية لابد من الإتفاق على جوهرية هذه الأسباب ولا يتم الطلاق بدون وجود أسباب حقيقية للطلاق، و من الضروري أن تكون فترة الخطوبة طويلة لأنها تعكس مدى التوافق بين الشريكين وإظهار عيوب العلاقة ونقاط ضعفها.
واقترح أحد المعنيين أن تسعى مصر للاستفادة من تجربة ماليزيا في هذا الشأن؛ من خلال إقامة معاهد تربوية توعوية متخصصة في فن التعامل الأسري مثلما يحدث في ماليزيا وبعض الدول الاخرى ويكون مهمة هذه المعاهد تنفيذ برامج تأهيلية متكاملة لتكوين أسرة سوية وعلاقة زوجية ناجحة.
اقرأ أيضًا:
هل تحرم الأزمة الاقتصادية ملايين العاملين من “البقشيش”؟
إدمان القمار الإلكتروني والجريمة
شهرة مصر بالمجالس العرفية لحل النزاعات.. كيف تدار ومن المسؤول؟