سياسة

خبراء: “حميدتي” لا يملك قراره.. والتجار سيدفعون ثمن حماقته بالركود

حمل التصعيد الجديد من قبل قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) تجاه مصر، بعد اتهامها بالوقوف إلى جانب الجيش السوداني، منع تصدير ما يقرب من 12 سلعة غذائية على رأسها الفول والزيت. هذه الخطوة تثير العديد من التساؤلات حول المتضررين من القرار وإذا ما كانت مصر ستفقد جزءًا هامًا من احتياجاتها أم لا.

 

حجب 12 سلعة عن السوق المصرية

 

أصدر النذير يونس أحمد، المستشار العام لقوات الدعم السريع، منتصف أكتوبر الجاري، قرارًا بحجب السلع السودانية عن السوق المصرية، ومنها الصمغ بأنواعه، الفول السوداني، زيت الطعام، الماشية بأنواعها، السمسم، التمباك، أنواع من الأعلاف، الذهب، والمعادن الأخرى، الكركديه، والبامية المجففة.

 

كما هاجم مستشار “حميدتي”، الباشا طبيق، مصر، مؤكدًا أنه قد حان الوقت لوقف جميع الصادرات السودانية إلى مصر، وأن الخيارات متاحة للتعامل مع القضية المصرية.

 

 وأوضح في منشور عبر منصة “X” أن وصف الخارجية المصرية لقوات الدعم السريع بـ“المليشيا” يؤكد الحقد الدفين الذي تضمره مصر ضد قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أن مصر كشفت عن وجهها الحقيقي وتدخلها السافر في السودان، على حد تعبيره، وأن ما قامت به من تدمير للبنى التحتية من مصانع وجسور ومؤسسات مدنية للدولة السودانية يعتبر امتدادًا طبيعيًا لموقف مصر تجاه السودان عبر التاريخ.

 

وتأتي هذه القرارات بعد اتهام “حميدتي” للدولة المصرية بدعم الجيش السوداني من خلال طائرات، حيث أكد أن الطيران المصري قصف قواته في معركة “جبل موية”، وأن القاهرة دخلت المعركة وتمد الجيش بقنابل أمريكية زنة 250 كيلوغرامًا.

 

 وبحسب المستشار القانوني لقائد قوات الدعم السريع محمد المختار النور، فإن مصر سبق وأن دعمت الجيش السوداني بعددٍ من الطائرات، مؤكدًا امتلاكهم صندوقًا أسودًا لإحدى الطائرات التي تم إسقاطها، من جملة 56 طائرة أسقطت خلال الفترة الماضية، وسيتم عقد مؤتمر صحفي عقب انتهاء فحصه لكشف هوية الدولة الأجنبية المتورطة في إرسالها للسودان.

 

المتضررون من القرار: تجار الغرب السوداني

 

يقول عبد القادر الحيمي، الباحث المتخصص في الشؤون الإفريقية، إن قرار الدعم السريع يضر في الأساس إنسان الغرب السوداني الذي يعاني من توقف تسويق محاصيله الزراعية ومواشيه للأسواق في مختلف ولايات السودان، خاصة الخرفان والأبقار.

 

وتابع في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“: “الكل يعلم ويدرك أن منع تلك السلع لن تؤثر على مصر، لكن قد تكون البدائل مكلفة أكثر، وأن حميدتي شخصيًا يدرك ويعلم ذلك، خاصة وأنه سبق وعمل في تجارة الإبل في أسواق مصر.”

 

وأكد على أن القرار ليس له تأثير ولا يمثل رأيًا عامًا لأنها تصدر من فئة محدودة هي الدعم السريع وحواضنه السياسية والقبلية؛ وذلك لهزيمتهم العسكرية على الأرض، مشددًا على أن الشارع السوداني بأكمله يقف بقوة مع الجيش لدحر ميليشيات الدعم السريع، التي ليس لها أي مشروع سياسي عدا ممارسة قتل المواطنين ونهب ممتلكاتهم وممارسة الاغتصاب.

 

وأوضح أن الهدف من القرار هو محاولة لتبرير هزائم الدعم السريع وتفككه، التي جعلت قائده “حميدتي” يبرر هزيمته في جبال مويا بوسط السودان، ويعزوها إلى سلاح الطيران المصري.

 

وأشار إلى أن القرار لن يستمر في هذه الحالة الطارئة، لأنه لن يكون هناك في القريب العاجل ميليشيات بغرب السودان تتحكم في الاقتصاد، في ظل الانتصارات التي يحققها الجيش السوداني على الأرض.

 

حميدتي لا يملك قراره

 

بدوره، أكد محمد العقاري، نقيب الفلاحين في مصر، أن قرار الدعم السريع بمنع تصدير المنتجات لن يؤثر على السوق المصرية في ظل التوجه الداخلي بتحقيق الاكتفاء الذاتي للمحاصيل الزراعية والاستثمار الزراعي، مشيرًا إلى أن السودان هي إحدى الدول التي تقوم مصر باستيراد الأعلاف منها، وهناك بدائل كثيرة لجلبها.

 

وتابع في تصريحات لمنصة “MENA“: “منذ تصريحات حميدتي بشأن السلع ومنع تصديرها لمصر لم نجد أي تطبيق عملي، وذلك لعدم قدرته على بسط السيطرة الميدانية ومعاناته في تحقيقها؛ وبالتالي هو يسعى للفرقعة الإعلامية ليس إلا ولفت نظر مصر إليه ودعمه، وهو أمر بعيد كل البعد عن التحقق.”

 

وشدد: “نعمل وفق توجيهات الرئيس السيسي بإننا نقوم بالاكتفاء الذاتي ونعمل على الزراعة والاستثمار الزراعي، لأننا ندرك أن الحل في ظل الأزمات الراهنة في المنطقة يبدأ بالتعويض الذاتي.” وأكد العقاري: “مصادرنا لا تقتصر على السودان، وحميدتي لا يتحكم في تنفيذ كلامه، ونعلم أنها محاولة لاستفزاز مصر ولفت نظرها كي تدعمه، ونؤمن أيضًا بأننا والسودان شماله وجنوبه لن نتوقف يومًا عن التبادل فيما بيننا صادرات وواردات، خاصة وأننا إخوة، ويحيا بيننا أشقاء سودانيون منذ اندلاع الأزمة وقبلها.”

 

 

قرارات تهورية قد تترتب عليها تصعيد

 

فيما يذهب الدكتور إيهاب شوقي السيد، الباحث في الشئون الإفريقية، إلى أنه رغم اتهامات حميدتي بتورط مصر في عرقلة جهود السلام في السودان، إلا أن مصر قد نفت تلك المزاعم، على لسان وزارة الخارجية المصرية، التي أكدت دور مصر كوسيط في حل الصراع الدائر في السودان، ووقف الحرب وحماية المدنيين.

 

ولا شك أن هذه المعاداة الواضحة من قوات الدعم السريع واتخاذ قرارات تهورية قد يترتب عليها تصعيدًا في الأزمة السودانية، وتؤكد على عمق الخلافات بين الطرفين. وإن صح هذا القرار، فإنه يحمل العديد من التداعيات المحتملة على المستويين الاقتصادي والسياسي، ويمكن تلخيص أهمها في عدة نقاط أهمها: تضرر المنتجين السودانيين نتيجة تراجع الطلب على المنتجات السودانية، مما قد يتسبب في خسائر مالية كبيرة للمنتجين والمزارعين في المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.

 

كذلك، تأثر التجارة الإقليمية في المنطقة، خاصة وأن السودان ومصر تربطهما علاقات تجارية وثيقة، إلى جانب عرقلة جهود الوساطة لحل تلك الأزمة والتوصل إلى اتفاق سلام شامل.

 

وبدورها، ناشدت مصر المجتمع الدولي والمؤسسات الإقليمية، الضغط على الأطراف المتنازعة للتوصل إلى حل سلمي للأزمة السودانية.

 

وأوضح شوقي في تصريح خاص لمنصة “MENA” أن هناك بعدًا آخر، وهو سعي قوات الدعم السريع من خلال هذا القرار إلى الضغط على مصر لتغيير موقفها من الصراع، في حين تسعى قوات الدعم السريع إلى السيطرة على الموارد الاقتصادية في المناطق الخاضعة لسيطرتها، ومنع تدفق هذه الموارد إلى مصر. إضافة إلى تعزيز نفوذها الإقليمي، وإظهار قوتها التفاوضية وتغيير موازين القوى، باعتبار هذا القرار جزءًا من استراتيجية أوسع لتغيير موازين القوى في المنطقة.

 

وشدد على أن مثل هذه القرارات تعد خطوة تصعيدية تحمل في طياتها العديد من المخاطر والتحديات.

 

القاهرة والخرطوم .. الصادرات والواردات

 

بحسب الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفعت قيمة الصادرات المصرية إلى السودان لتسجل 979.9 مليون دولار خلال عام 2023، مقابل 954.3 مليون دولار خلال عام 2022، بنسبة ارتفاع قدرها 2.7%.

 

وبلغت قيمة الواردات المصرية من السودان 386.9 مليون دولار خلال عام 2023، مقابل 505.4 مليون دولار خلال عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 23.4%.

 

وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الدولتين 1.4 مليار دولار خلال عام 2023، مقابل 1.5 مليار دولار خلال عام 2022، بنسبة انخفاض قدرها 6.4%.

وبلغت قيمة تحويلات المصريين العاملين بالسودان 13.3 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022، مقابل 12.9 مليون دولار خلال العام المالي 2020/2021، بنسبة ارتفاع قدرها 2.7%.

 

بينما بلغت قيمة تحويلات السودانيين العاملين في مصر 1.6 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022، مقابل 2.1 مليون دولار خلال العام المالي 2020/2021، بنسبة انخفاض قدرها 22.5%.

 

وسجلت قيمة الاستثمارات السودانية في مصر 5.8 مليون دولار خلال العام المالي 2022/2023، مقابل 4 مليون دولار خلال العام المالي 2021/2022، بنسبة ارتفاع قدرها 45%.

 

وبلغ عدد المصريين المتواجدين بدولة السودان، طبقًا لتقديرات البعثة، 15.300 ألف مصري حتى نهاية عام 2022، فيما بلغ عدد السودانيين في مصر 4 ملايين.

 

اقرأ أيضًا:

 

انطلاق محادثات وقف حرب السودان في جنيف بغياب الجيش.. ما القصة؟

 

الحرب السودانية تكبد الاقتصاد المصري خسائر بالمليارات

 

استثمارات اللاجئين السودانيين في مصر

 

اتهامات حمدتي لمصر وإيران.. حقيقة أم مناورات سياسية؟

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية