سياسة

السفير رخا لمنصة MENA: الموقف العربي حاسم أمام التهجير.. ومصر في المقدمة

في ظل التطورات المتسارعة التي تشهدها القضية الفلسطينية، تبرز العديد من التساؤلات حول مستقبل قطاع غزة، وإمكانية تنفيذ مخططات التهجير التي طُرحت على الساحة الدولية، ودور مصر في دعم الشعب الفلسطيني وإعادة إعمار القطاع. في هذا السياق، تحدث السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في حوار خاص مع منصة”MENA“، كاشفًا رؤيته للموقف الدولي والإقليمي تجاه الأزمة، وأبعاد المخططات المطروحة، ودور مصر المحوري في دعم الاستقرار، بالإضافة إلى التحديات التي تواجه عملية إعادة الإعمار، ومستقبل العلاقات العربية والدولية في ظل هذه المستجدات.

 

التهجير جريمة حرب

 

كلينتون ضمن أوسلو ولم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم

 

ترامب يحاول التغطية على الأوضاع الداخلية الأمريكية بإثارة بلبلة إعلامية

 

البديل الوحيد للتهجير هو إعادة إعمار غزة

 

مصر كانت حريصة منذ البداية على وقف إطلاق النار

 

 

أكد السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، أن تهجير الشعب الفلسطيني أمر غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع.

 

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، في حوار لمنصة “MENA“، أن صمود الفلسطينيين في غزة طوال 15 شهراً من القتل والتجويع والتشريد، يؤكد استحالة تهجيرهم، خاصة بعد انتهاء الحرب وبدء دخول المساعدات الإنسانية.. التقيناه فكان الحوار:

 

وبسؤاله.. كيف تنظر إلى تصريحات ترامب بشأن تهجير سكان غزة؟

 

تصريحات ترامب بشأن التهجير غير واقعية من الناحية التنفيذية، وغير قانونية وفق القانون الدولي، لأنها تشكل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، كما أنها تنتهك حقوق الشعب الفلسطيني التي تضمنها الولايات المتحدة الأمريكية بموافقتها على اتفاقية أوسلو، التي نصّت على أن غزة وأريحا أولاً، وأنهما تقعان تحت إدارة السلطة الفلسطينية.

 

يجب التذكير بأن الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون كان ضامناً لاتفاق أوسلو، الذي يقر بحق الشعب الفلسطيني في أرضه، بما في ذلك غزة. ومع ذلك لم يحصل الفلسطينيون على حقوقهم. واقتراح ترامب مرفوض عربياً ودولياً من جميع الجهات التي تحترم القانون الدولي، بل إن الرفض امتد إلى داخل الولايات المتحدة نفسها.

 

وفي الواقع، بدأ ترامب نفسه يتراجع عن الفكرة، حيث صرّح لاحقاً بأنه “غير مستعجل” على خروج الفلسطينيين من غزة. كما أن عدداً من مستشاريه حاولوا التخفيف من وطأة التصريحات، وطالبوا المعترضين على الفكرة بتقديم بديل، مبرّرين اقتراح ترامب بأنه جاء من “دافع إنساني”.

 

لكن الرد على ذلك واضح، فالبديل موجود بالفعل، وهو إعادة إعمار قطاع غزة، حتى يتمكن أهله من العيش بكرامة، وأن يكونوا هم العمالة التي تعيد بناء القطاع. كما قدّم مهندس مصري مقترحاً يتمثل في طحن الركام الهائل الناتج عن الدمار وإعادة استخدامه في عمليات البناء، ما يسهم في تسريع عملية إعادة الإعمار.

 

ما مدى إمكانية تنفيذ المخطط الأمريكي؟

 

لا توجد أي إمكانية لتنفيذ هذا المخطط على أرض الواقع، فالشعب الفلسطيني في غزة رفض مغادرة أرضه رغم حربٍ استمرت 15 شهراً، شهدت القتل والتدمير والتجويع والحصار ونقص العلاج وانهيار المستشفيات. إذ تحمّل الفلسطينيون كل ذلك، فهل من المنطقي أن يتركوا أرضهم الآن بعدما توقف القتال وبدأت المساعدات في الدخول وبدأت المستشفيات في التأهيل؟.. الإجابة واضحة الفلسطينيون لن يغادروا أرضهم مهما حدث.

أما تصريحات ترامب، فهي ليست سوى محاولة للتغطية على الأزمة الاقتصادية الطاحنة داخل الولايات المتحدة، حيث يواجه صعوبات شديدة في تنفيذ إصلاحات اقتصادية قاسية. لذلك، يسعى إلى إلهاء الإعلام والشعب الأمريكي بتصريحات جدلية، تدفع النقاش العام في اتجاه مختلف.

 

هل مصر قادرة على مواجهة هذا المخطط في ظل إصرار ترامب على رؤيته؟

 

الأمر لا يتعلق بمصر وحدها، بل بجميع الدول العربية. رئيس الوزراء الإسرائيلي، مدفوعاً بحالة نشوة، صرّح بأن السعودية تمتلك أراضيا واسعة يمكنها استقبال الفلسطينيين، في محاولة لتهجير شعب كامل إلى دولة أخرى.

 

إسرائيل تخشى النمو السكاني الطبيعي للفلسطينيين، لأنهم في وقت قصير سيتجاوزون أعداد الإسرائيليين بفارق كبير، وهو ما تسميه إسرائيل “القنبلة السكانية الفلسطينية”. لهذا، تحاول التخلص من الأعداد المتزايدة، لمنع قيام دولة فلسطينية في المستقبل.

 

وفي الواقع، مخطط التهجير بدأ منذ فترة طويلة، خاصة في القدس، حيث سنت إسرائيل قوانين تعسفية، مثل حرمان أي فلسطيني من العودة إذا تغيب عن المدينة 6 أشهر. كما فرضت ضرائب ورسومًا باهظة على الفلسطينيين، بهدف تقليص وجودهم في المدينة المقدسة.

 

هل تعتقد أن إسرائيل ستكمل مراحل صفقة تبادل الأسرى أم ستعود للقتال؟

 

هناك عاملان أساسيان سيحددان المسار:

 

1.الموقف الأمريكي: المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط صرّح بأن المرحلة التالية من الحرب ستنفذ، رغم أن ترامب نفسه قال في مؤتمر صحفي إنه “غير متأكد” من تنفيذها. لكن المبعوث الأمريكي حسم الأمر بقوله إن الحرب لن تستمر، خاصة مع وجود أسرى سيجري تسليمهم، وبعضهم يحمل الجنسية الأمريكية.

 

2.الضغط الداخلي في إسرائيل: الشارع الإسرائيلي سيضغط بقوة لإتمام المراحل المتبقية من الصفقة، لاستعادة ذويهم الأسرى. وهو الطرف الأقوى في المعادلة، حيث كان العامل الأساسي في إجبار نتنياهو على إبرام الصفقة من الأساس.

 

 

كيف تُقيّم الدور المصري في التوسط لوقف إطلاق النار في غزة؟

 

مصر طرف رئيسي في القضية الفلسطينية بشكل عام، وفي الأزمة الحالية بشكل خاص، حيث تعد الممر الأساسي لدخول جميع المساعدات إلى غزة، سواء عبر الجهود المصرية المباشرة أو من خلال أطراف عربية ودولية.

 

منذ البداية، حرصت مصر على وقف إطلاق النار، نظراً لما تسببت به الآلة العسكرية الإسرائيلية من قتل وتدمير بلا مبرر، وهي عمليات لم تؤدِّ إلى أي نتيجة تُذكر. حتى أن نتنياهو لم يتمكن من تحقيق أهدافه المعلنة، مثل إطلاق سراح الأسرى بالقوة أو القضاء على حماس. وعلى العكس، رأينا مشاهد تسليم الأسرى في شارع صلاح الدين، بينما رفعت حماس شعار “نحن الطوفان، نحن اليوم التالي” باللغتين العربية والعبرية.

 

فيما يتعلق بالموقف الأمريكي، فإن ترامب مهتم للغاية بالحفاظ على استقرار السعودية، حيث طلب من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، رفع الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار. ومن الواضح أن السعودية لن تقدم هذه الأموال لترامب في وقت يدمر فيه السلام في الشرق الأوسط. كما أن ترامب نفسه لا يتردد في التراجع عن مواقفه إذا تعارضت مع مصالحه، كما حدث في ملف الجمارك مع كندا والمكسيك.

 

وماذا عن مستقبل العلاقات الخارجية المصرية في ظل تسارع التوترات بالمنطقة؟

 

مصر تلعب دوراً مهماً على عدة مستويات، سواء في المجموعة العربية أو الاتحاد الإفريقي أو دول البحر المتوسط أو العالم الإسلامي. وهي رائدة السلام مع إسرائيل، لكن الأخيرة لم تحترم هذا السلام، بل استمرت في تقويضه من خلال اعتداءاتها المتكررة، سواء في لبنان، أو الضفة الغربية، أو سوريا، أو قطاع غزة.

 

معظم دول العالم زارت مصر خلال الأزمة للتشاور حول الوضع في غزة، كما شهدت القاهرة مؤتمرات ومباحثات مكثفة بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وعلينا ألا نخشَى من أمريكا، لأنها تحتاج إلينا كما نحتاج إليها.

 

وما التحديات التي ستواجه مشاريع إعادة إعمار غزة؟

 

التحدي الأساسي يتمثل في ضمان استمرار الدعم الإنساني اللازم، ليتمكن الفلسطينيون من الصمود والبقاء في غزة. وهذا يشمل إعادة بناء البنية التحتية بالكامل، من مدارس ومستشفيات، فضلاً عن السماح بإدخال المعدات والخبراء والمهندسين دون عوائق. كما أن مصر ستدعو إلى مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة، وهو خطوة ضرورية لإنجاح جهود الإعمار.

 

إسرائيل، من جهتها، تمنع حتى دخول الخيام، لأن هاجس “التغيير الديموغرافي” ما زال يسيطر على تفكيرها، وهي لا تريد للفلسطينيين أي مقومات للبقاء داخل القطاع. ومع ذلك، فقد استأنفت الأونروا أعمالها، وهو أمر أزعج إسرائيل بشدة.

 

وما الذي يمكن أن يقدمه العرب والداعمون لحقوق الشعب الفلسطيني لوقف هذا المخطط؟

 

يجب على الدول العربية أن توجه إنذاراً واضحاً لإسرائيل، بأن أي محاولة لتنفيذ خطة تهجير سكان قطاع غزة ستواجه بعقوبات تجارية واقتصادية. وفي ظل تلكؤ إسرائيل في الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، هناك مخاوف من تهجير الفلسطينيين تحت غطاء “النزوح الاختياري”. لكن في الواقع، سيكون ذلك تهجيراً قسرياً. خاصة أن مصر والأردن رفضتا استقبال اللاجئين الفلسطينيين، في موقف ثابت تجاه القضية الفلسطينية.

 

يجب على الدول العربية أن توجه إنذاراً واضحاً لإسرائيل، بأن أي محاولة لتنفيذ خطة تهجير سكان قطاع غزة ستواجه بعقوبات تجارية واقتصادية. وفي ظل تلكؤ إسرائيل في الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، هناك مخاوف من تهجير الفلسطينيين تحت غطاء “النزوح الاختياري”. لكن في الواقع، سيكون ذلك تهجيراً قسرياً. خاصة أن مصر والأردن رفضتا استقبال اللاجئين الفلسطينيين، في موقف ثابت تجاه القضية الفلسطينية.

لذا اتفقت الدول العربية على عقد قمة عربية استثنائية فى ٢٧ فبراير الجارى، كما يجب إصدار تحذير رسمي لإسرائيل والولايات المتحدة، يتضمن التهديد بفرض عقوبات سياسية واقتصادية، ووقف أي خطوات تطبيعية ما لم تعترف إسرائيل بحق الفلسطينيين في دولتهم.

 

وكيف ترى العلاقات المصرية الإماراتية في ظل دعم الأخيرة لقوات الدعم السريع بالسودان؟

 

قد يكون هذا صحيحاً، لأن السودان جزء من العمق الاستراتيجي لمصر، كما أن مصر بدورها تمثل عمقاً استراتيجياً للسودان. لذا، يجب أن يكون هناك تفاهم متبادل بين مصر والإمارات، بما يخدم استقرار الأوضاع في السودان.

 

الإمارات مطالبة بدعم الحلول السلمية للأزمة السودانية، لأن الحل العسكري لن يؤدي إلا إلى المزيد من الدمار، من خلال استنزاف الموارد، وهدم البنية التحتية، وسفك دماء السودانيين، وهو ما قد يهدد بتقسيم السودان مجدداً.

 

بشكل عام، العلاقات بين مصر والإمارات جيدة على جميع المستويات، لكن هذا الملف يمثل نقطة خلاف بين البلدين، وهو ما يستدعي مراجعة للموقف الإماراتي لضمان الاستقرار في المنطقة.

 

اقرأ أيضًا:

 

هشام قاسم: لا أعامل الحوار الوطني بجدية.. وكاميلا هاريس الأقرب للفوز بالانتخابات الأمريكية

 

قبل نهاية ولايته الأولى بأيام.. البلشي يتحدث لمنصة “MENA” عن الحريات وأوضاع الصحفيين الاقتصادية وأزمة المواقع الإلكترونية | 1

 

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

 

هل صفقة الاستحواذ على “رأس الحكمة” تجعلها إمارة خليجية؟

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية