
رفع تعريفة شركات النقل الذكي يضع السائق والراكب في أزمة
وجوه وفئات جديدة ظهرت في وسائل النقل العامة، بعد رفع تعريفة شركات النقل الذكي، ما جعل مستقليها في أزمة مالية بسبب عدم قدرتهم على سد تكاليف الانتقال بتلك الشركات.
جلس “بلال” المهندس الأربعيني يربط حذاءه، وفي نفس الوقت كان ينتظر رد أحد “الكباتن” على طلبه في رحلته إلى مقر عمله، والتي اعتاد عليها منذ سنوات، بسبب مكانته ككبير للمهندسين في الشركة، إلا أنه فوجئ بزيادة في سعر الرحلة.
فبعد دقائق من قرار رفع أسعار البنزين، سرعان ما تفاعلت شركات النقل الذكي مع القرار، “رسائل هاتفية للكباتن توضح نسبة الزيادة”، وبيانات على مواقع التواصل الاجتماعي حول الارتفاع الجديد، وتوضيح بشأن التسعيرة الجديدة، في زيادة رآها مواطنون مبالغة كبيرة، وفي الوقت اعتبرها “كباتن” ضررا بالغاً عليهم.
زيادة أسعار البنزين
ورفعت الحكومة أسعار البنزين للمرة الثانية على التوالي، كما رفعت أسعار المترو مرتين خلال عام 2024، إضافة إلى رفع أسعار سيارات السرفيس والأجرة، لتحذو شركات النقل الذكي حذو الحكومة، لكن دون رقيب.
أوبر
تعتبر شركة “أوبر” الأعلى من حيث السعر ونوعية السيارات، من بين الشركات الثلاث الأشهر في مصر، ويتم وضع “اللوكيشن” الخاص بالرحلة مع معرفة موقع الطالب من قبل “الكابتن”، ولكن لا يمكنك معرفة السعر الخاص بالرحلة إلا بعد وصولك إلى وجهتك.
وجهت شركة “أوبر” رسالة للسائقين أوضحت فيها رفع مقابل التوصيل إلى 8%، وهي الزيادة الثانية للشركة خلال هذا العام، لتصل الزيادة من قبل الشركة خلال هذا العام فقط إلى 15% تقريباً.
لكن إحدى المتعاملات بشكل دائم مع الشركة، قالت إنها ألغت التعامل منذ شهر تقريباً، بعد الزيادات الجديدة التي أقرتها الشركة، بسبب ما أسمته “استغلال حاجة الناس”.
وقالت سارة الأدهم، لمنصة “MENA”، إن الزيادات الجديدة في أسعار “أوبر” لم تناسب راتبها الشهري، لافتة إلى أن أكثر من نصف راتبها يذهب إلى “أوبر” بسبب إقامتها في مصر الجديدة، ووجود مقر شركتها في التجمع الخامس.
وأشارت “الأدهم”، إلى أنها لا يمكنها الاستغناء عن شركات النقل الذكي، وأن ما فعلته كان فقط النزول بمستوى السيارة من شركة إلى شركة أقل من حيث فئة السيارات والتكييف والراحة، حتى يتناسب دخلها مع ارتفاع أسعار سيارات النقل الذكي.
وتابعت سارة، أن البديل لشركات النقل الذكي هو الميكروباص وأتوبيسات النقل العام، وهي بدائل لا تعتبرها أمنةً بالنسبة للفتيات، ويعني ركوب هذه المواصلات إنهاء العمر الافتراضي للملابس، على حد وصفها.
إن درايف
تعتبر شركة “إن درايف” هي الأرخص من بين الشركات الثلاث من حيث سعر الرحلة، كما أنها الأكثر تواضعاً من حيث نوعية السيارات، ويتم تحديد سعر الرحلة بين السائق والراكب مسبقاً، قبل الموافقة على الطلب.
ويتم الطلب من خلال وضع الراكب لمكان انطلاقه ومكان وصوله، ويقترح التطبيق سعراً للرحلة بناءً على عدد الكيلومترات ووقت الرحلة، حيث ترتفع أسعار الرحلات في أوقات الذروة.
ويتيح لك التطبيق إمكانية “الفصال” عن طريق وضع رقم أقل للرحلة المقترحة، وبعد موافقة السائق على السعر المقترح وإنهاء الرحلة، تقوم بدفع ما تم الاتفاق عليه دون نقصان أو زيادة، إلا إذا رغبت في ذلك.
شركة “إن درايف” لم تحدد نسبة معينة في رفع أسعارها، إلا أن النسبة تقريباً وصلت إلى 10%، حيث كان سعر الرحلة من المعادي إلى المهندسين يبلغ 120 جنيهاً في المتوسط، ووصل الآن إلى 135 جنيهاً.
ديدي
“ديدي” هو ثالث أشهر تطبيق للنقل الذكي في مصر، ويقترح التطبيق عند وضع موقعك ووجهتك الحد الأدنى للرحلة، دون وجود مميزات في نوع السيارة، ما يعني أن السائق الأقرب لك، والموافق على الحد الأدنى للسعر، سيكون إلى جوارك في غضون دقائق.
ولكن يمكنك اختيار فئة أعلى من السيارات، واختيار أن تكون السيارة مكيفة أو لا على حسب الميزانية الخاصة بك، ونوع السيارة التي ترغب في استخدامها خلال رحلتك.
وأخطرت شركة “دي دي” للنقل الذكي، سائقيها في رسالة نصية برفع تسعيرة رحلاتها بمقدار 10%، وذلك تجاوبًا مع زيادة أسعار البنزين في محاولة لتخفيف الأعباء عن سائقيها بعد تلقيها شكاوى حول الأسعار.
ظهور فئة جديدة
ارتفاع أسعار شركات النقل الذكي ألجأ فئة جديدة في مصر لتجربة مواصلات النقل العام والنقل الجماعي، إلا أن التجربة لم تكن جيدة للبعض، وانتهت بالبعض منهم إلى أقسام الشرطة.
حسناء أشرف كانت إحدى هذه الفتيات، والتي انتشرت قصتها على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، عبر ظهور شاب تمكنت من تصويره بمقطع فيديو يقذفها بوابل من الشتائم.
وتمكنت الفتاة من تحرير محضر في قسم شرطة البساتين الواقع في جنوب محافظة القاهرة بعد تعرضها لهذا الحادث، مشيرة إلى أنها سئمت من إنهاء معظم راتبها على شركات النقل الذكي، وأنها قررت أن تذهب إلى العمل بميكروباص.
وأشارت حسناء خلال منشور لها على “فيس بوك”، إلى أنها صعدت إلى الميكروباص واستأجرت الكرسيين في المقعد الأمامي إلى جوار السائق، لكن مسناً لمسها من شعرها ورأسها عدة مرات، وطلبت منه عدم تكرار الفعل، دون جدوى.
وتابعت أنها تفاجأت بالشاب الذي انتشر له مقطع فيديو يبدأ بسبابها، فما كان منها إلا أنها أخرجت هاتفها وبدأت في تصويره ليكون توثيقاً لها على الواقعة، مشيرة إلى أنها كانت المرة الأولى لها في المواصلات العامة منذ أكثر من 4 سنوات.
لكن قصصاً أخرى انتشرت في سيارات الميكروباص تؤكد أن هناك فئة جديدة أصبحت تضطر إلى استخدام المواصلات العامة، حيث نشر شاب منشوراً تحدث فيه عن أن أحد الركاب بدا عليه أنه كان يركب “الميكروباص” للمرة الأولى في حياته، حيث أخرج “فيزا كارت”، وأعطاها للسائق، ما أثار حالة من الضحك بين المواطنين في السيارة الأجرة.
وقت الضرورة
فيما اشتكى مواطنون من ارتفاع أسعار شركات النقل الذكي، ورأى البعض أن ارتفاع الأسعار في هذه الشركات كان مبالغاً فيه، ولا يتناسب مع ارتفاع أسعار البنزين.
وقال بلال فؤاد لمنصة “MENA“، إن شركات النقل الذكي تتعامل مع ارتفاع أسعار البنزين على أنها فرصة لا يجب تفويتها، حيث ترفع الأسعار بما لا يتناسب مع زيادة أسعار البنزين.
وأضاف فؤاد، أن هذه الشركات تعامل مثل “الميكروباصات” في زيادة الأسعار على المواطنين، مشيراً إلى أن الزيادة المقررة من وزارة النقل على أسعار السرافيس في الزيادة الحالية كان نصف جنيه، لكن تمت الزيادة من قبل السائقين بحوالي جنيه ونصف.
وطالب بلال الذي يعمل مهندساً معمارياً، بأن تحكم الحكومة رقابتها من خلال وزارة التنمية المحلية وشرطة المرور لضبط أسعار السائقين، لافتاً إلى أنه يجب أن تكون هناك جهة رقابية من الدولة تحاسب شركات النقل الذكي، سواء كان من قبل وزارة الاستثمار أو غيرها من الجهات.
وقال محمود سويلم إن الارتفاع الجديد في أسعار النقل الذكي، جعله يستخدم هذه الشركات على حذر وفي أوقات الضرورة فقط، وليس كما كان يحدث مسبقاً بشكل دائم.
وأشار “سويلم” إلى أنه لم يعد يجد حرجاً في استخدام وسائل النقل المختلفة بعد الارتفاع الجديد في الأسعار، ولا يستخدم هذه المركبات الخاصة إلا في حالة تأخره عن العمل فقط.
وتابع “سويلم” أنه رغم وظيفته “كول سنتر إنجليزي” تحتم عليه العمل “ببدلة وكرفتة” وهو بمثابة زي رسمي للمكان، إلا أنه أحياناً ما يركب “اسكوتر”، من شركة “إن درايف” بسبب أن سعره هو نصف سعر السيارة.
انخفاض عدد الرحلات
ومنذ ارتفاع أسعار البنزين للمرة الثانية خلال عام واحد، اشتكى سائقون من قلة عدد الرحلات بسبب الزيادة في الأسعار، مع بحث الركاب عن بدائل أقل سعراً.
رأفت الشهاوي أحد هؤلاء السائقين، قال لمنصة “MENA” إنه يعمل على سيارة فئة عالية، اشتراها والده لتكون مشروعاً خاصاً به بعد تقاعده عن العمل، ويحصل من والده على نسبة من دخل السيارة، بعد زواجه العام الماضي.
“الزباين بتدفع أكثر”، هكذا يقول الشهاوي عن اختياره للعمل مع شركة “أوبر”، موضحًا أن السيارة تمثل الدخل الوحيد لأسرتين، وأن له أشقاء في مراحل التعليم المختلفة ما زال والده ينفق عليهم من دخل السيارة.
وتابع السائق أنه بعد الزيادة الأخيرة في أسعار البنزين، اضطر للعمل مع أكثر من شركة، مضيفاً على حد وصفه، “بافتح الـ 3 تطبيقات قدامي، وأي زبون بيطلب رحلة من أي شركة منهم باوافق عليها بأي سعر”.
وأشار رأفت إلى أنه يضطر للعمل أكثر من 15 ساعة في اليوم، حتى يتمكن من تحصيل القيمة المالية التي كان يتحصل عليها العام الماضي بعدد 10 ساعات فقط، مضيفاً “الزباين بتشتكي من ارتفاع الأسعار، وفاكرين إننا اللي عملنا كده، وعايز أقول لهم إن الزيادة دي كانت ضرر لينا”.
اقرأ أيضًا:
جناة أم مفترى عليهم؟.. أوبر وكريم في مواجهة تاكسي العاصمة والبديل المصري
بعد إفلاس واحدة من أكبر 3 شركات في العالم..هل السياحة المصرية في خطر؟
استثمارات مهددة بالضياع بعد وقف استيراد السيارات الكهربائية
رفع أسعار تذاكر المترو والعائد على الدولة والمواطن من ذلك