• المؤيدون : قضت على الإخوان والارهاب وحققت الاستقرار السياسي وأعادت هيبة الدولة
• المعارضون : خلقت نظامًا قويًا ودولة ضعيفة واقتصادًا هشًاوباتت الحكومة مأزومة ومديونة وقرارها مرهون خارجًيا
قبل أحد عشر عامًا وبالتحديد في 30 يونيو 2013، وقعت في مصر أحداث كبيرة مثلت نقطة تحول في حياة المصريين بل والمنطقة بشكلٍ عام، ففي ذلك اليوم، حدثت تظاهرات جماهيرية ضخمة، وبعد 72 ساعة تدخل الجيش بقيادة وزير الدفاع وقتها الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وتم الإعلان عن إنهاء حكم الرئيس المنتخب محمد مرسي وتسليم السلطة إلى رئيس المحكمة الدستورية العليا المستشار عدلي منصور.
وبعد مرور أحد عشر عامًا علي هذا اليوم التاريخي، يطل عليها السؤال الذي يطرحه ملايين المصريين والمتابعين من الخارج، هل تحسنت الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية لمائة مليون أو يزيد من الشعب المصري، وهل تحققت مطالبهم من العيش والكرامة وحرية التعبير؟.
الاقتصاد ليس كما السياسة، فالأخيرة يختلف حولها الناس ما بين مؤيد ومعارض حول ما حققته أحداث 30 يونيه فيسميها المؤيدون للنظام ثورة علي حكم الإخوان فيما يسميها آخرون انقلاب علي رئيس منتخب، فيما يكاد الجميع يجمع علي القضايا الاقتصادية التي لا تقبل الجدال فهي محسومة بالأرقام سواء المحلية التي تصدرها الحكومة أو الدولية الآتية من صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، أو غيرها من مؤسسات التصنيف الائتماني، “فيتس” أو “موديز” أو “ستاندرد آند بورز”.
لا ينكر المتابعون للشأن المصري، نجاح الرئيس السيسي، ونظام ما بعد 30 يونيو، في فرض الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي، والقضاء علي الإرهاب في سيناء، وغيرها من الأراضي المصرية، وعودة هيبة الدولة المصرية، والحفاظ علي أركان الدولة في وسط إقليمي سائل ومضطرب وملئ بالحروب الأهلية والتوترات الجيوسياسية، فضلاً عن تطوير وتقوية الجيش المصري ليصبح من أقوى الجيوش بالمنطقة، ومشاركة مصر في الفعاليات الدولية بكثرة وتحسين العلاقات مع الأقطاب الدولية شرقًا وغربًا، والتمسك بمبادئ القانون الدولي، واحترام العهود والمواثيق، ودعم دور المنظمات الدولية وتعزيز التضامن بين الدول والمشاركة في القمم والفعاليات الدولية.
وخلال السنوات الماضية أنفقت الدولة نحو 10 تريليونات جنيه بما يعادل 323 مليار دولار، على مشاريع البنية التحتية، والتي شملت إنشاء طرق وموانئ وتطوير السكك الحديدية خلال تصريحات للرئيس السيسي في أكثر من مناسبة تلفزيونية ومؤتمر صحفي قائلاً إن حكومته تحركت في مجال الإسكان البديل للمناطق العشوائية، بتكلفة بلغت حوالي 85 مليار جنيه من أجل توفير مسكن لائق للأسر التي تسكن في المناطق العشوائية الخطرة.
واهتم الرئيس، اهتمامًا كبيرًا بمشروعات البنية التحتية، معتبرا إياها حجر الأساس للاستقرار الاقتصادي، حتي إن رئيس البنك الآسيوي، جين لي تشون، قال في مؤتمر صحفي: إن مصر في عهد الرئيس السيسي شهدت طفرة في النمو في مجال البنية التحتية.
وعملت الحكومة على توسعة شبكة المياه والصرف الصحي في مصر، وتطوير الطرق والموانئ، وأنشأت العاصمة الادارية الجديدة وطورت مدينة العلمين الجديدة، وحفرت قناة السويس الجديدة، وتطوير منظومة مترو الأنفاق، وتدشين القطار الكهربائي، وأطلقت المرحلة الأولى من مشروع القطار السريع، للربط بين ساحلي البحر المتوسط والبحر الأحمر، فضلاً عن النقل الأخضر المستدام، وأطلقت مبادرة “حياة كريمة” التي تصفها بأنها من أهم المنجزات التي غيرت حياة المصريين للأفضل، وبذلك تقدمت مصر 30 مركزًا في مؤشر البنية التحتية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، و100 مركز في مؤشر جودة الطرق، و31 مركزًا في مؤشر البنية التحتية للمطارات، في العام 2021 مقارنة بالعام 2015.
وخلال عهد السيسي تقربت الدولة من المصريين المسيحيين، أو “أقباط مصر”، وأصدرت عدة تشريعات لتيسير إجراءات بناء الكنائس وترميم المبني منها، ودعمت حقوق المرأة وزيادة دورها في المجتمع.
وحسب الهيئة العامة للاستعلامات – هيئة حكومية تتبع رئاسة الجمهورية – نقلا عن المركز الإعلامي لمجلس الوزراء، فقد حقق الاقتصاد المصري أعلى معدل نمو له خلال 11 عامًا في وقت يظل فيه متصدرا معدلات نمو أهم اقتصادات المنطقة لعام 2020، وللعام الثالث على التوالي.
وحسب الهيئة أيضًا، شدد البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، على استمرار تزايد معدلات النمو الاقتصادي المصري ووصوله لأعلى معدل في 11 عامًا مدفوعا بشكل أساسي بارتفاع صافي الصادرات والاستثمارات٬ وبلغت صادرات مصر حاليًا 43.6 مليار دولار في حين كانت في 2013 حوالي 29 مليار دولار.
أما الهيئة العامة للاستثمار فترى ارتفاع الاستثمارات الخاصة في العام المالي 2022/2023 لتبلغ نحو 499.2 مليار جنيه مقارنة بنحو 399.7 مليار جنيه في العام المالي 2021/2022، وقد بلغت نسبة الاستثمارات الخاصة إلى الاستثمارات الكلية في العام المالي 2022/2023 نحو 36.4%، ومن المتوقع أن تبلغ هذه النسبة نحو 40% في العام المالي 2023/2024 ومن المستهدف أن تصل إلى نحو 48% في العام المالي 2024/2025.
وقال المركز الإعلامي التابع لمجلس الوزراء، بمناسبة الذكري الحادية عشرة لـ 30 يونيه، إن الاقتصاد سجل خلال العام المالي الماضي أعلى معدل نمو له خلال أحد عشر عامًا، كما أنه أسرع اقتصادات الشرق الأوسط نموا للعام الثاني على التوالي.
لكن وبعيدا عن التصريحات الرسمية والحياة الوردية، يشكو الملايين من الارتفاع الجنوني للأسعار وضعف الخدمات الحكومية، وأزمة مالية خانقة، وعجز بالموازنة، وركود اقتصادي، ويقول منتقدو الحكومة أن الصورة باتت قاتمة، فقد تدهورت العملة الوطنية ” الجنيه” تدهورًا كبيرًا مقابل الدولار الأمريكي، وانخفض من حوالي 7 جنيهات للدولار، في عام 2013 إلى نحو 48 جنيهًا في 2024، ما أدي لارتفاع هائل في أسعار السلع والخدمات، ويعيش المصريون حالة من الغلاء الفاحش، وجشع التجار، ووصل التضخم لمستويات قياسية، وباتت الأعلى في منطقة الشرق الأوسط.
وفي إبريل الماضي، كشفت بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، عن ارتفاع إجمالي الدين الخارجي لمصر بنهاية ديسمبر 2023 إلى 168.034 مليار دولار مقارنة بنحو 164.52 مليار دولار من الربع السابق له المنتهي في سبتمبر 2023 لكنها عادت وأعلنت بنهاية الشهر السابق، انخفاض الدين الخارجي بنهاية الربع الأول من العام الحالي 2024، بقيمة 7.427 مليار دولار بما يعادل 4.4 % ليصل إلى 160.607 مليار دولار فيما رفعت وزارة المالية تقديراتها لقيمة الفوائد على الديون بنحو 200 مليار جنيه بنسبة 17.9% خلال العام المالي الجاري، مقارنة بما كانت عليه في البيان المالي لمشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2023-2024 لتصل فوائد الديون إلى نحو 1.3 تريليون جنيه فيما يتوقع البنك المركزي سداد أكثر من 60 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة.
وحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، ارتفعت قيمة الناتج المحلي الإجمالي لمصر إلى 10.1 تريليون جنيه خلال عام 2023 مقابل 2.1 تريليون جنيه خلال 2013، لكن عند حسابها بالدولار نجد أنها تراجعت من حوالي 285 مليار دولار في عام 2013، إلى 208 مليارات في 2023، وبلغت الفجوة بين حجم الإيرادات وحجم المصروفات نحو 30.18 مليار دولار بمشروع موازنة العام المالي الحالي.
وفي أكتوبر الماضي، قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، كريستالينا جورجيفا، إن مصر “سوف تنزف” احتياطاتها الثمينة ما لم تخفض قيمة عملتها مرة أخرى، بينما أشادت بالخطوات الأخرى التي اتخذتها مصر – التي تعد ثاني أكبر مقترض من الصندوق- لتصحيح اقتصادها.
وليس أدل علي معاناة المصريين من قول الرئيس السيسي، خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، بالقاهرة، قبل ساعات: بأن المصريين شركاء فيما حققته مصر في الاقتصاد، مشيرًا إلى أنهم منذ 12 سنة يعيشون في ظروف صعبة وقد تحملوا الكثير.
فبعد 11 عامًا ورغم قوة النظام باتت الدولة ضعيفة ومديونة، وقرارها مرهون خارجيًا لصندوق النقد الدولي ولبقية الدائنين، مع انخفاض قيمة الجنيه وشح العملات الأجنبية وارتفاع التضخم، وفشل التنمية الصناعية وسياسات التصدير، وضعف الاستثمار الأجنبي خارج قطاع النفط والغاز، والاعتماد على استثمارات المحافظ الأجنبية المتقلبة، وما يعرف بالأموال الساخنة، والخلل في أولويات الإنفاق الحكومي، وتشير التقديرات إلى أن 60 % من سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين نسمة تحت خط الفقر أو بالقرب منه.