سياسة

أزمة أرض الصومال.. ترقب مصري حتى تنصيب ترامب

ترقب شديد، مخاوف جمّة، وعدة تكهنات؛ هكذا يبدو المشهد بعد حسم صناديق الاقتراع في الولايات المتحدة لهوية ساكن البيت الأبيض الجديد، دونالد ترامب. إذ تُعد ملفات القارة السمراء من بين الأبرز بعد الأزمات التي أشعلت الشرق الأوسط خلال العام الماضي. ولعل من أهم وأخطر القضايا في القارة الأفريقية قضية “أرض الصومال” أو “صوماليلاند”.

 

صرّح وزير الدفاع البريطاني السابق، جافين ويليامسون، بأن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، يعتزم الاعتراف بأرض الصومال، مرجحًا أن تتبع الحكومة البريطانية هذا المسار.

 

وأضاف ويليامسون أنه أجرى محادثات مع فريق ترامب بشأن الاعتراف بأرض الصومال التي تتمتع بموقع إستراتيجي مهم على البحر الأحمر، معربًا عن ثقته بأن ترامب سيتناول هذه القضية بمجرد توليه منصبه في يناير المقبل.

 

لكن، كيف سيؤثر هذا الاعتراف على مصر؟ وما تداعيات تلك الخطوة؟

 

 

هل يعترف ترامب بأرض الصومال؟

 

قال الدكتور أحمد سيد، خبير العلاقات الدولية والشؤون الأمريكية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن وزير الدفاع البريطاني السابق، الذي شغل منصبه بين عامي 2017 و2019، وهي الفترة التي تزامنت مع ولاية ترامب الأولى، التقى ببعض المقربين من ترامب، وتحديدًا “بيتر فام”، المبعوث الأمريكي لمنطقة الساحل خلال تلك الفترة، وأوضح أن هناك توجهًا للاعتراف بأرض الصومال، إلا أن ذلك يُعد أمرًا مستبعدًا.

 

وأضاف خبير العلاقات الدولية أن الإدارات الأمريكية السابقة، مثل إدارة باراك أوباما وإدارة جو بايدن، عارضت بشكل واضح أي دعم أو اعتراف باستقلال أرض الصومال، على الرغم من أن المنطقة تشهد نشاطًا لتنظيم القاعدة الإرهابي وحركة الشباب الإرهابية.

 

وأشار إلى أنه خلال ولاية ترامب الأولى، كان هناك حديث عن تعامل ترامب مع قضية أرض الصومال.

 

وفيما يخص الصومال تحديدًا، اتخذ ترامب قرارًا مهمًا بسحب الجنود الأمريكيين من الصومال، وذلك ضمن خطة سحب القوات الأمريكية من عدة دول، مثل العراق وأفغانستان وسوريا، بما في ذلك أرض الصومال التي تبعد مسافة قصيرة عن القاعدة العسكرية الأمريكية الكبرى “أفريكوم” الموجودة في جيبوتي.

 

وأوضح الخبير أنه مع تولي بايدن الرئاسة، ألغى قرار ترامب وأعاد القوات الأمريكية مرة أخرى، في ظل استمرار النشاط الأمريكي لمكافحة الإرهاب في أفريقيا.

 

 

ميناء بربرة.. مكاسب الولايات المتحدة حال اعترافها بصوماليلاند

 

أوضح خبير العلاقات الدولية أن خطوة اعتراف الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، بـ”صوماليلاند” تبدو مستبعدة، لأنها تُعد خرقًا واضحًا للقانون الدولي.

 

وأشار إلى وجود حسابات خاصة ببريطانيا في هذا السياق، حيث تتمتع بريطانيا بعلاقات قوية مع أرض الصومال. كما أن وزير الدفاع البريطاني السابق، الذي حصل على الجنسية الفخرية من أرض الصومال، لعب دورًا بارزًا في دعم القضية ودافع عنها داخل البرلمان البريطاني، وهو ما أثار تحفظات لدى حزب العمال البريطاني سابقًا، خاصة في ظل محاولاته التأثير على القرار الأمريكي عبر الضغط على إدارة ترامب.

 

ترامب وأثيوبيا.. علاقات متأرجحة

 

أكد الدكتور أحمد سيد أحمد أن الإقليم المعروف بـ”أرض الصومال” لا يُعد دولة معترفًا بها وفقًا للقانون الدولي، وما يجري في هذا الإطار يمثل محاولات بريطانية للتأثير على السياسة الأمريكية. ورغم ذلك، فإن اعتراف ترامب بهذا الإقليم الانفصالي، إن حدث، سيجلب مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة. ومن أبرز هذه المكاسب، إمكانية إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في ميناء بربرة المطل على منطقة القرن الأفريقي وباب المندب، وهو موقع إستراتيجي مهم قد تستغله الولايات المتحدة لتأمين البحر الأحمر، خاصة مع تصاعد هجمات الحوثيين على السفن التجارية.

 

وأضاف الخبير أن اعترافًا كهذا ستكون له تداعيات سلبية على العلاقات الأمريكية المصرية، إذ يؤكد الموقف الرسمي المصري على وحدة الأراضي الصومالية ورفض أي نزعات انفصالية. وأوضح أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تعزيز الشرعية الدولية لـ”أرض الصومال”، مما قد يدفع دولًا أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة، وهو ما يعزز النزعات الانفصالية عالميًا، ويشكل خطرًا على الأمن والاستقرار الدوليين.

 

وفيما يتعلق بالعلاقات بين ترامب وأثيوبيا، وصفها الدكتور أحمد سيد بأنها كانت متوترة وغير مستقرة.

 

وأشار إلى أن تلك العلاقات شهدت أزمة بسبب ملف سد النهضة، حيث استضافت الولايات المتحدة في فبراير 2020 مفاوضات تهدف إلى التوصل لاتفاق بين مصر، أثيوبيا، والسودان. خلال تلك المفاوضات، وقّعت مصر بالأحرف الأولى، بينما علّق السودان موقفه، وانسحبت أثيوبيا، ما دفع ترامب إلى تجميد جزء من المساعدات الأمريكية لأثيوبيا بقيمة 300 مليون دولار. ومع مجيء إدارة بايدن، تم استئناف المساعدات الاقتصادية لأثيوبيا، مما يعكس تغييرًا في السياسة الأمريكية تجاه هذا البلد.

 

 

مصالح ترامب مع مصر تمنعه من الاعتراف بأرض الصومال

 

وقال الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشؤون الأفريقية، إن سياسات ترامب تجاه أفريقيا خلال فترة ولايته الأولى، وحديث النهج الانعزالي للولايات المتحدة تجاه القارة، يشيران إلى تغيّرات استراتيجية وجيوسياسية حدثت داخل أفريقيا خلال السنوات الأربع الماضية.

 

وأوضح أنه من الصعب التكهّن باستمرار ترامب على نفس السياسات، خاصة في ظل ما تم تصويره من احتقار تجاه أفريقيا في إطار إستراتيجية الأمن القومي الأمريكي، التي ركزت على خطورة دور الصين وروسيا داخل القارة، باعتبارهما المهدد الرئيسي للمصالح الأمريكية.

 

وأضاف قرني أنه من المحتمل حدوث تعديل جزئي في سياسات ترامب، خاصة فيما يتعلق بالقضايا البارزة مثل السودان، الصومال، والإرهاب. لكنه استبعد أن تنتهج إدارة ترامب سياسات مفاجئة تجاه القارة الأفريقية، وخصوصًا الاعتراف بـ”أرض الصومال”.

 

وأشار إلى أن هذا الاستنتاج يستند إلى عدة مؤشرات، منها أن استقبال رئيس إقليم “أرض الصومال” في الولايات المتحدة، خلال عهد بايدن، وتنظيم فعاليات من قِبل الجالية المنتمية للإقليم، لم يؤدّيا إلى تغيير في نهج الإدارة الأمريكية، التي تلتزم بالقانون الدولي.

 

حقيقة إنشاء إسرائيل قاعدة عسكرية في أرض الصومال

 

أكد الدكتور قرني أن إدارة ترامب ترتبط بشراكات استراتيجية مع حلفاء رئيسيين في المنطقة، أبرزهم مصر والسعودية. وأوضح أن مصر تُعد من أكبر الداعمين للحكومة الصومالية والرئيس حسن شيخ محمود، ما يجعل إدارة ترامب تتجنب التصادم مع مصر والسعودية في هذا الملف المهم.

 

وأشار إلى أن إدارة ترامب تعتمد بشكل كبير على دعم مصر والسعودية في قضايا إقليمية مثل غزة، الوضع في الشرق الأوسط، وملف السودان. وأوضح أن الاعتراف بـ”أرض الصومال” قد يؤدي إلى فقدان حليف مهم مثل الحكومة الصومالية، التي تربطها بالإدارة الأمريكية علاقات قوية على المستويين العسكري والأمني، بما في ذلك رفع الديون عن الحكومة الصومالية وتدريب قواتها العسكرية، فضلًا عن الاتفاقيات العسكرية القائمة.

 

وتابع قرني بأن ملف مكافحة الإرهاب في شرق أفريقيا، في ظل عودة نشاط داعش وحركة الشباب، يجعل من الضروري للإدارة الأمريكية الحفاظ على دعم صومالي وعربي لمواجهة التهديدات المتزايدة، بما في ذلك هجمات الحوثيين في البحر الأحمر وباب المندب.

 

واختتم الدكتور رمضان قرني بتوقعه حدوث مرونة أمريكية تجاه قضية “أرض الصومال”، خاصة في ظل تقارير غربية تشير إلى احتمالية إنشاء قاعدة عسكرية إسرائيلية في الإقليم لمواجهة تهديدات الحوثيين.

 

اقرأ أيضًا:

 

هل يتدخل الاتحاد الأفريقي في حل أزمة منابع النيل؟

 

هل يتحول سد النهضة إلى ورقة مصرية خلال ولاية ترامب الثانية؟

 

مخاوف إقليمية بعد عودة ترامب للبيت الأبيض

 

قبل دخولها حيّز التنفيذ.. لماذا تعارض مصر اتفاقية عنتيبي؟

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية