بين حين وآخر، تظهر أخبار حول تأجير المستشفيات والقطاعات الطبية، لصالح القطاع الخاص المحلي، وكذلك الأجنبي، للحصول على عائد مادي وأرباح من هذه المستشفيات.
في الفترة الأخيرة، حُشر معهد ناصر الطبي، بهذه الزمرة، بعدما انتشرت أخبار حول تقديم عرضان للحصول على جزء من مدينة النيل الطبية التي يجري إنشاؤها داخل المعهد.
وخلال هذه العروض، تظهر ترجيحات حول اقتراب الحصول على قسم الأشعة من شركة امارتية رائدة بالقطاع الطبي، وتستحوذ على عدد كبير من المستشفيات حول العالم.
بهذا الصدد، كشف أحد أفراد فريق التمريض بمعهد ناصر الطبي، إن فكرة الاستثمار في المعهد لها أكثر من 4 سنوات قيد المناقشة، وكل فترة يظهر مسثمر والعاملون بالمعهد تصلهم المعلومات، لكن لا شيء يتم.
ويضيف الممرض في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“: في منتصف العام الماضي 2024، وبالتحديد في يونيو، جاء عرض من شركة إماراتية، علمنا به بعد العودة من إجازة عيد الأضحى، وهو الاستثمار في مدينة النيل الطبية التي يجري اعدادها داخل المعهد.
ويستطرد: من وقتها لم يظهر جديد، إلا قبل حوالي نصف شهر، وقتهما اثير داخل المعهد احاديث حول عروض لتطوير المعهد من شركة “medin” الإماراتية، وسبق وتعاونت مع المعهد في أمور سابقة، وشركة أوروبية أخرى لا معلومات لنا عنها.
ويؤكد الممرض لـ”MENA”، أنه في كل الحالات لا توجد مشكلة في الاستثمار في المعهد، طالما طاقم العمال والأطباء والممرضين لن يتأثروا أو يتم تسريحهم، وبالطبع دون الإخلال بتقديم الرعاية للمرضى.
وعن الأمور المادية، وضح المصدر بمعهد ناصر، إنه لم يتم وضع أي تفاصيل عن المقابل المادي أو ثمن الإستثمار، لكن المعلومة التي وضحت، إنه سيكون هناك تأجير أو اسثتمار بالمدينة الطبية لمدة 15 سنة.
قالت الدكتورة منى مينا، عضو مجلس نقابة الأطباء السابقة، والمنسق العام لحركة أطباء بلا حقوق، إنها من المعارضين للقانون الذي صدر حديثًا، والذي يسمى بشكلٍ عام تأجير المستشفيات، وهو لا يعبر عن إنشاء وتشغيل المستشفيات كما هو اسمه في الأساس، ولكن السياق الذي يجري فيه العمل على القانون، هو تأجير المستشفيات لمستثمر مصري أو أجنبي، لفترة لا تتعدى الـ15 عام للمرة الواحدة، ويمكن جدًا أن تُجدد بعد انتهاء الـ15 عام.
وتشير مينا في تصريحاتها الخاصة لمنصة “MENA“: كنت من المعارضين مع مجموعة قائمة الإستقلال بنقابة الأطباء، إلى هذا القانون بشدة، بالرغم من أن النقابة لم ترفع دعوى قضائية ضد هذا القانون، بل من قام بهذا العمل هي مجموعة من الأطباء والناشطين بالنقابة.
وتتابع: نحن نعارض هذا القانون، لأنه خدعة كبيرة، حتى تظهر في اسمه، بمعنى أنه يعني تشغيل المستشفيات وإتاحة القوى الطبية والسريرية، الموجودة لتقديم الخدمات للمرضى سواء بمقابل أو بغير مقابل، ولو أن الأمر هكذا ما أعترض أحد مطلقًا، لكن الفكرة في أخذ المنشآت التي تعالج المصريين والاستحواذ عليها، وليس بناء مستشفيات جديدة كما هو إطار قانون المنشآت الطبية.
وعن هذا، تطالب الدكتورة منى مينا في تصريحات لـ”MENA“، بأن تنفق أموال الاستثمارات الأجنبية التي تخصص للمجال الطبي، من خلال شراء أراضي وبناء مستشفيات عليها، عوضًا عن بناء اقسام وتجديد اقسام موجودة فعليًا بالمستشفيات، حتى يتم الاستحواذ عليها، لأن بكل بساطة، هذه المستشفيات التي تتوغل الشركات للإستحواذ عليها مبنية بأموال الشعب المصري، ومن حصيلة الضرائب التي تجمع من جيوبهم.
وتستطرد: القطاع الخاص دون الخجل من قول ذلك لأنه واقع، هدفه جني الأرباح، وبالتالي إذا جرى الاستثمار في مستشفيات الشعب لصالح القطاع الخاص، فلن يكون هناك إدارة للمؤسسات التي تدير الخدمة، في ظل اسعار محددة قائمة على محددات اجتماعية، يتمكن الشعب من الحصول عليها، في ظل ما نراه من أزمات اقتصادية وتضخم يؤثر على الشعب المصري.
أكد الدكتور خالد أمين، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، إن نقابة الأطباء رحبت سابقًا والآن بأي شراكة مع القطاع الخاص، أو أي شراكة في العموم، بهدف تزويد الخدمة، أو توسيع رقعة المستفيدين من المواطنين، الذين يحصلون على الخدمات الطبية، التي تتوفر الآن، أو التي سيتم توفيرها لاحقًا، في ظل الإستفادة من ضخ الاستثمارات بالقطاع الصحي والطبي، بما يعود بالنفع على متلقي الخدمة من المواطنين المصريين.
ويقول أمين في تصريحاته لمنصة “MENA“: لكن، لنا تحفظات على على الملف، في بعض الأمور، وهي إذا كانت تعني أن الإستثمار سيعقبه زيادة في أسعار الخدمة، أو تكليف المواطنين فوق طاقتهم، في ظل الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الحالية، وهو ما سيعوق قدرة المريض على الاستفادة من الخدمة الطبية وتلقي الرعاية الصحية، وهذا عن طريق استبدال الخدمة من مجانية، إلى مدفوعة وهي ما تأتي بكُلفة عالية على المواطن.
ويتابع: في السابق وقتما كانت زمام الأمور مع الدولة، وكذلك وزارة الصحة، كانت النظرة في إتاحة الرعاية الصحية والخدمات الطبية للمواطن، هي جزء من الكفالة الإجتماعية، بينما الاستثمار والقطاع الخاص غرضه الأصلي المكسب المادي، دون مراعاة أي أمر آخر، ففي السابق كانت وزارة الصحة تجني من 10 مرضى مائة جنيه، الآن القطاع الخاص المستحوذ على بعض قطاعات الصحة والمستشفيات يجني المائة جنيه من مريض واحد، وهذه قصة تمثيلية لتوضيح المسألة.
يواصل قال الدكتور خالد أمين، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء تصريحاته الخاصة لـ”MENA“، إن الردود أو التعليقات على ملف الإستثمار في المجال الطبي والصحي لا ينبغي أن يكون بموقف واحد، بمعنى تأييد الاستثمار في العموم، أو رفضه بشكلٍ قاطع، بل يكون النظر للحالة، بمعنى أن المستثمر لو سيطور القطاع أو المستشفى التي سيستحوذ عليها فنعم الاستثمار، وأما إذا كان سيستحوذ عليها لكسب مادي وأرباح وحسب، فهذا سيكون عبء الدولة والمواطنين ومتلقي الرعاية في الأساس، وبهذا كأن شيئًا لم يكن.
ويختم أمين: هناك بالطبع بدائل للاستثمار الأجنبي والاستحواذ على القطاع الطبي من ناحية القطاع الخاص، وهو تكليف الإدارة بتولي مهمة تشغيل وتطوير المستشفيات، في أمر مفترض أن يكون تحت إشراف وزارة الصحة، وضمن خطة ودراسة جادة، يمكن أن تجني ثمارها بعد تنفيذها.
اقرأ أيضًا:
صفقات الاستثمار الإماراتية في مصر.. من المستفيد؟
هل صفقة الاستحواذ على “رأس الحكمة” تجعلها إمارة خليجية؟
معاناة الأطباء بين تردي العمل في القطاع الحكومي واعتداء أهالي المرضى
الأطباء يعانون ما بين إهمال الحكومة للمنظومة وسخط العامة