اقتصاد
أبو بكر الديب
بعد عودتها من جديد .. “الأموال الساخنة” مخاطرة باقتصاد مصر فهل تلعب الحكومة بالنار أم تعلمت الدرس؟
تُعرف بأنها حقنة انعاش لأي اقتصاد وفي الوقت نفسه هي القاتل الصامت لمقدرات الدول والشعوب إنها “الأموال الساخنة”، وتمثل التدفقات المالية التي تدخل الدول أو تخرج منها بهدف الإستثمار غير المباشر مستفيدة من ارتفاع معدلات الفائدة وهبوط العملات المحلية مقابل الدولار الأمريكي وهي استثمارات قصيرة الأجل يَجني من خلالها المستثمرين الأجانب أرباح كبيرة وتأخذ اشكالاً عدة مثل شراء أذون الخزينة أو السندات التي تطرحها الحكومة.
والاستثمار في أسهم الشركات المدرجة في البورصة عبر برامج الطروحات الحكومية وجني المكاسب من تدني العملات المحلية مقابل الدولار فضلاً عن الاستثمار في شهادات الادخار التي تطرحها البنوك ذات العوائد المرتفعة لتحقيق الأرباح بأسرع الطرق.
ورغم أن “الأموال الساخنة” أو ما يعرف بـ “Hot Money” في أزمات مالية ونقدية عنيفة ضربت العديد من اقتصادات الدول النامية والأسواق الناشئة بما فيها مصر بعد أن خرجت هذه الاموال بعد تشديد السياسات المالية في بلادها الرئيسية كالولايات المتحدة الأمريكية والدولة الغربية ورفع معدلات الفائدة من قبل الفيدرالي الأميركي والبنوك المركزية الاوروبية.
وفي الحالة المصرية؛ بدأت تنهمرالأموال الساخنة علي البلد عقب تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار أو ما يُعرف بتعويم الجنيه في عام 2016 وما تبع ذلك من رفع أسعار الفائدة ومع تنفيذ البنك المركزي الأمريكي أو ما يعرف بالفيدرالي الأمركي سياسة التشدد النقدي ورفع الفائدة بمعدلاتٍ غير مسبوقة بدايةً من عام 2022 في أعقاب موجة تضخم تاريخية وغير مسبوقة منذ 4 عقود بأمريكا بسبب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وفرض أمريكا وحلفاؤها الاوروبيون أكثر من 14 ألف عقوبة علي اقتصاد روسيا وتعطل سلاسل الإمداد وارتفاع تكاليف الشحن والتأمين للصادرات والواردات ما جذب الأموال الساخنة من الأسواق الناشئة وعودتها بشكلٍ مفاجئ للسوق الأمريكي وزادت قوة الدولار كملاذ أمن بسبب التوترات الجيوسياسية الدولية.
وزادت المخاطر في مصر عقب خروج ما يزيد عن 22 مليار دولار بشكلٍ مفاجئ ما أربك الاقتصاد وهبط الجنيه المصري بأكثر من 300% من قيمته وارتبكت سوق المال وتضررت عمليات الاستيراد وارتفعت الأسعار والتضخم وانتعاش السوق الموازية أو السوداء للدولار وبلغ سعر الدولار نحو 70 جنيهًا.
وفي اعتراف نادر قال الدكتور محمد معيط وزير المالية المصري أن حكومته لم يَعد بإمكانها الاعتماد على مشتريات الأجانب من سندات الخزانة لتمويل ميزانيتها ويتعين عليها العمل على تعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر وخلال لقائه بغرفة التجارة المصرية الأميركية في يونيو 2022 قال الوزير: “الدرس الذي تعلمناه أنه لا يمكن الاعتماد على الأموال الساخنة، لأنها تأتي من أجل العائد الكبير فقط.. ومصر يجب أن تتعلم الدرس، لا يجب أن تعتمد على تلك الأموال، إذا جاءت مجددًا فليس لدينا مشكلة”؛ لكن رغم هذا الاعتراف عادت الحكومة بعد عامين من هذا الاعتراف تعتمد من جديد على الأموال الساخنة عقب التعويم الاخير للجنيه في مارس الماضي وعاد المستثمرون الأجانب يشترون أدوات الدين الحكومي من جديد بما يقارب من 30 مليار دولار في الشهر نفسه وسط توقعات بارتفاعها إلى 50 مليار دولار خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، فحسب بيانات للبنك المركزي المصري ارتفعت أرصدة استثمارات الأجانب في أذون الخزانة إلى 32.7 مليار دولار في مارس، بزيادة 140 % عن شهر فبراير.
وتجاوز الطلب على أدوات الدين الحكومية في مصر 4 تريليونات جنيه بالربع الأول 2024، بعد أن أعاد البنك المركزي رفع الفائدة وحصول الحكومة على التمويلات من صفقة رأس الحكمة وقرض صندوق النقد الدولي شهية المستثمرين على أدوات الدين.
ومنذ عام 2011 خرجت الكثير من أموال المستثمرين الأجانب أو الأموال الساخنة من قِبل المستثمرين الأجانب، ما تسبب في شُح الدولار وانتعاش السوق السوداء للنقد الأجنبي.
وحسب تقديرات دولية تُعد السوق المصرية ثالث أعلى عائد من أذون الخزانة والسندات بالعملة المحلية من بين 23 دولة نامية .
وفي غياب تطوير الصناعة وزيادة الصادرات وعجز الميزان التجاري تعتمد مصر على عدة مصادر لجذب العملة الصعبة أغلبها مصادر ريعية، مثل إيرادات قناة السويس، والصادرات النفطية، وعائدات قطاع السياحة وتحويلات العاملين بالخارج وهي مصادر معرضة بشكلٍ شبه دائم للتهديدات الإقليمية والدولية والتوترات الجيوسياسية مثل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتهديدات الحوثيون للتجارة الدولية بباب المندب.
ورغم الفائدة السريعة للأموال الساخنة علي قيمة الجنيه لكنها لا تُمثل استثمارًا حقيقيًا مباشرًا ولا يمكنها رفع الإنتاج الصناعي والتجاري والصادرات وتوظيف العمالة فهي استثمارات غير مباشرة في أوراق الدين ولا تتجه للإنتاج الحقيقي وفي أي لحظة يمكن أن تغادر وتترك مشكلات مستعصية وتزيد أعباء الديون على الموازنة العامة للدولة وحسب وزارة المالية فإن فوائد الديون خلال الفترة “يوليو 2023 – يناير 2024” بلغت 962 مليار جنيه بينما إجمالي الإيرادات العامة بلغ 951 مليار جنيه، أي أن الإيرادات العامة تعجز عن سداد فوائد الديون.
وبعد أن عرفت الحكومة واعترفت علي لسان وزير ماليتها بأن هذه الاستثمارات عالية المخاطر وقصيرة الأجل في الأسهم والودائع والسندات والسلع والعملات والمشتقات.. هل تكون الحكومة قد تعلمت الدرس وتعتمد علي تطوير الزراعة والسياحة والصناعة والإنتاج أم تعود لنفس الخطأ؟ في الوقت الذي قالت منظمة التجارة والتنمية التابعة للأمم المتحدة، إن مصر انضمت إلى الدول التي لديها “أكبر قدر من الدين العام”.
وفي 9 مايو 2024، كشفت بيانات من البنك المركزي المصري أن الدين الخارجي للبلاد ارتفع 3.5 مليار دولار في الشهور الثلاثة المنتهية في ديسمبر 2023 وسط تمويلات تنموية بأكثر من 10.7 مليار دولار حصل عليها القطاع الخاص من شركاء التنمية منذ 2020 وحتى الآن.
عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا تحاور منصة “MENA” الكاتب الصحفي عمرو بدر،
بسنت عادل
“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله انتشرت في أواخر سبتمبر الماضي، أنباء عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حتى
محمود فهمي
عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات العمالية، بلغ عددها 213 إضراباً خلال عامين
حيدر قنديل
جميع الحقوق محفوظه ©2024