سياسة

الاحتلال الصهيوني يكمل سيطرته على محور فيلاديلفيا وسط صمت مصري.. ما الأمر؟

قبل حوالي نصف شهر، أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي سيطرته على المحور الحدودي بين مصر وإسرائيل، والذي يطلق عليه محور فيلاديلفيا، في ظل وجود المقاومة والسيادة الفلسطينية.

 

هذا، حسب ما قد سبق وأعلن له دانيال هاجاري، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، خلال كلمته للصحافة، والتي أشار خلالها عن استخدام حماس له، من خلال عمل أنفاق وتخزين للذخائر هناك، وأشياء أخرى وجدت بعد السيطرة على المحور الحدودي.

وهي الخطوة التي قام بها الجيش الإسرائيلي لتفجر موجة من الغضب والتساؤلات في الوقت ذاته، لأنه سَيطر على شريط حدودي بين رفح الفلسطينية من ناحية غزة الفلسطينية، ورفح المصرية من ناحية سيناء بمصر.

 

بالإضافة، إلى اعتبار البعض، أن ذلك هو تعدي واضح على السيادة المصرية، ودهس وانتهاك لمعاهدة كامب ديفيد، التى أبرمتها مصر مع إسرائيل في وقتٍ سابق، لإقامة سلام وتطبيع علاقات بين البلدين.

 

 

محور فيلاديلفيا، هو عبارة عن شريط حدوديّ يفصل بين مصر وفلسطين بعد إحتلال إسرائيل لها، ويحمل اسم آخر يعود إلى هازم الحملات الصليبية “صلاح الدين”.

 

ويحمل ذلك الشريط أهمية كبرى، حيث أنه ضمن مدرج ضمن بنود اتفاقية السلام المُبرمة، بالاضافة لأن حجمه واضح ومعلوم، إذ يبلغ 14 كيلو متر، وأي تعرض له من ناحية إسرائيل بمثابة تعدي واختراق، للمجال البري المصري، وأمر ماس بالأمن القومي لدى مصر.

 

لذا تعتبر السيطرة، على ثُلثي محور فيلاديلفيا، هو أمر كبير وقد يشكل خطرًا على مصر، وهو ما أثار بتبعية السيطرة عليه مخاوف المصريين، واستياءهم من محاولة التعدي على بنود الاتفاقية، وإثارة الضجة حول الأمن القومي المصري، وعملية التأمين الحدودية مع فلسطين.

 

 

أخذت تصريحات أعلامية، وتدوينات على منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، حيزًا واسعًا من الحديث حول ذلك الشريط الحدودي الذي يفصل بين مصر وفلسطين.

 

فقد قال مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، ورئيس جريدة الأسبوع المصرية، إن إسرائيل لم تتمكن من تحقيق أي هدف من أهدافها في الحرب، إذا كان تحرير الرهائن أو القضاء على حماس، ولذلك لا يوجد حل إلا الهروب إلى الامام وإلقاء التهم على مصر.

وأضاف بكري خلال مداخلة إعلامية: القول بأن مصر كانت السند لطوفان الاقصى، هو كلام لا أساس له من الصحة، رغم أن مصر منذ عام 2014، هدمت 1500 نفق، وهناك معلومة، تعلمها إسرائيل، أن الاسلحة التي وصلت للمقاومة كانت عبر ضباط إسرائيليين من خلال الرشاوي.

 

كما أكد أن محور فيلاديلفيا خط أحمر، وأن محاولة السيطرة الإسرائيلية على الخط، يمثل اعتداء سافر على اتفاقية السلام بين البلدين.

 

ووجه رسالة لاذعة لرئيس مجلس وزاء اسرائيل قال خلالها: “إياك أن تقترب الحدود المصرية خط أحمر أيها النتن، يبدو أنك لا تعرف بأس جيشنا وقدرة شعبنا”.

 

وبتلك التصريحات، قد أعلن النائب البرلماني موقفه، من ما يجري على الخط الحدودي بين البلدين، وخصوصًا في حالة الحرب داخل قطاع غزة.

 

 

 

يقول صلاح عدلي، رئيس الحزب الشيوعي المصري، إن سيطرة اسرائيل علي محور فيلادلفيا ومعبر رفح البري من الجانب الفلسطيني سيطرة كاملة ليس له إلا معنى واحد، وهو انتهاك الكيان الصهيوني الصارخ، لاتفاقية كامب ديفيد وملحقاتها.

 

وتهديد صريح للحدود المصرية والأمن القومي لمصر، ومن جانب آخر هو خطوة خطيرة للغاية لإنجاز مخطط “الصهيوأمريكية” الذي يعبر عنه بشكلٍ صريح وواضح غلاة اليمين المتطرف المدعوم من الصهيونية والإمبريالية العالمية.

 

ويضيف عدلي خلال تصريحاته لـ”MENA“: هناك مخطط لإعادة احتلال سيناء والقضاء علي الشعب الفلسطيني أما بحرب الإبادة الوحشية التي تشنها دولة الاحتلال منذ 9 أشهر وهدم أكثر من نصف المنازل والمخيمات والمستشفيات الفلسطينية في غزة، أو بالتهجير القصريّ لأهالي غزة  لمصر وإكمال الحصار لعزل الشعب الفلسطيني في غزة عن آخر تماس له في الخريطة مع مصر ووقف المعونات والمساعدات للشعب الفلسطيني.

 

 كما أنها تضُر بمصر اجتماعيًا واقتصاديًا، وفي مواجهة هذا الاستفزاز و التجاوز السافر من دولة الاحتلال لمصر، وهذا الخرق الصريح للاتفاقية، اقتصر الموقف المصري علي الانضمام إلى الدعوي المرفوعة من جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية ضد اسرائيل، والتهديد بالحديث فقط باتخاذ إجراءات أخرى لم نراها أو نسمع عنها، وهذا شجع إسرائيل علي التمادي في الإشتباك مع قوات التأمين  الرمزية علي الحدود مما أدى إلى استشهاد جندي مصري وجرح آخر.

 

وتابع عدلي: ونحن في الحزب الشيوعي المصري نرى ضرورة ربط الاقوال بالأفعال كما أن هذه التطورات الخطيرة تقتضي من متخذي القرار ردود قوية وواضحة، تتمثل في طرد البعثة الدبلوماسية لدولة الاحتلال وسحب السفير المصري من تل أبيب، ووقف كل أشكال التعامل الاقتصادي بين البلدين، والانسحاب من الوساطة في مفاوضات العبثية التي ظلت جارية لأكثر من ثمانية أشهر ولم تجني منها الدولة المصرية سوي الاتهامات بعدم الأمانة وتهميش دورها  بشكلٍ لا يليق.

 

بالإضافة إلى الغاء اتفاقية كامب ديفيد أو على الاقل تجميدها، وإرسال قوات مصرية لتأمين الحدود والدفاع عنها إزاء أي تجاوزات لجيش الاحتلال، ذلك لأن اتفاقية كامب ديفيد وملاحقها تتيح لإسرائيل أن تعبئ قواتها علي الحدود المصرية خلال 3 ساعات بينما مصر تحتاج إلى أيام لاتخاذ نفس الاجراء، كما أن لهذه الاتفاقية أولوية في التطبيق علي أي اتفاقات أو معاهدات أُخرى كمعاهدة “الدفاع العربي المشترك” مثلاً، وذلك بموجب أول نصوص اتفاقية السلام الموقعة مع الكيان الصهيوني، ومن هنا يتضح مدى خطورة هذه الاتفاقيات على مصر وأمنها القوميّ في هذا الصدد هناك أمرين لا بد من إيضاحهما.

 

وأشار رئيس الحزب الشيوعي خلال توضيح الأمرين لـ”MENA“: الأول أن ما نطالب به من ضرورة اتخاذ السلطة الحاكمة لبعض الإجراءات وعلى رأسها إلغاء أو تعليق اتفاقيات السلام مع العدو الصهيوني، لا يعني دفع البلاد أو توريطها في الحرب ذلك لان العديد من البلدان اتخذت مثل هذه القرارات دون أي مشاكل، ثم إن أي محلل قادر أن يرى بوضوح أن الوضع قد تغير إقليمياً ودولياً وعلى مستوي الرأي العام العالمي.

 

والأمر الثاني هو أنه ليست هناك اتفاقيات مقدسة، فكثير من الاتفاقيات يتم إلغائها أو تعديلها عندما تتغير الظروف التي وُقعت من أجلها، أو تتغير أوضاع ومراكز القوي بين الموقعين عليها، فلماذا يتعامل  النظام المصري بهذه القداسة مع هذه الاتفاقيات ولماذا لا نتعلم من تاريخنا عندما ألغى مصطفى النحاس اتفاقية 1936، وكان لذلك تأثير إيجابيّ على المقاومة المصرية للإحتلال الإنجليزي والإسراع بالتمهيد لثورة يوليو 1952، وكذلك عند تأميم قناة السويس وإنهاء الاتفاقية الاستعمارية.

 

 

 

وفي هذا السياق، يقول سيد الطوخي، رئيس حزب الكرامة، إن دخول الكيان الصهيوني لرفح واحتلاله لمعبر فيلاديلفيا أو صلاح الدين في مسماه الآخر، كان من الخطوط الحمراء التي تحدثت عنها السلطات المصرية تباعًا، ولم تقوم بأي شيء بعد التعدي عليه.

 

ويضيف الطوخي لـ”MENA“: هذا يعتبر تهديد مباشر للأمن القومي المصري، وتخطي أهم بنود اتفاقية السلام، وهو ما يؤكد مع عدد من تعديات أخرى إسرائيلية، هو إخراج مصر من معادلة القضية الفلسطينية وإبعادها عنها.

 

ويتابع الطوخي: “أعتقد أننا نجحنا في التصدي لتلك التعديات، التي كان أبرزها تهجير الفلسطينيين من غزة، والسلطة فعلت أيضًا ذلك، لكن على استحياء، وبالتالي أعتقد أن من الواجب أن يكون لنا رد فعل اقوى وأعمق، خصوصًا بعد استشهاد جنود التأمين في رفح”.

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية