أصدرت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار “بولس فهمي إسكندر” خلال جلستها المنعقدة في ٦ يوليو ٢٠٢٤ الماضي والتي قضت فيها بحظر توقيع عقوبة سالبة لحرية للصحفيين في دعوة عمرها ٢٤ عام بشأن جريمة قذف الموظف العام عن طريق النشر.
وأقام الطعن هاني عطية محمود المكاوي واختصم فيه كلاً من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير العدل بصفتهم وكذلك إمام حسن النجمي عميد كلية العلاج الطبيعي بجامعة القاهرة وقتها.
قال “يحيي قلاش” نقيب الصحفيين السابق، إن هذا الحكم يأتي في سلسلة أحكام للمحكمة الدستورية يتم الإنحياز فيها لحرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة والإعلام، وضمن سلسلة من الأحكام أشهرها في فترة رئاسة المحكمة الدستورية العليا من قبل المستشار الدكتور “عوض المر”، فبعد هذه الفترة قامت محكمة النقض بوضع مبادئ وأسس لهذا التوجه حيث أن ذلك التوجه قائم علي تراث كبير من النضال وسلسلة من المعارك التي خاضها الصحفيين والتي ترجمت إلى تعديلات في قانون العقوبات وتعديلات في مواد دستور ٢٠١٤، وتكليل لجهود ونضالات ومعارك الجماعه الصحافية والقوي الوطنية لأن حرية الصحافة ليست شئ يخص الصحفيين فقط لكنها تخص حرية التعبير والتي تعتبر أحد الحريات العامة، وكل المعارك التي خاضتها النقابة والتي انتصرت فيها والتي تنحاز لحرية الصحافة، لم تفز بها وحدها، لكن كان خلفها كل القوي الإجتماعية والقوي الحية والسياسية التي كانت تدافع عن حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير، ولو ذكرنا مثلاً معركة قانون ٩٣ لسنة ١٩٩٥سنجد أنه بسببها ظلت الجمعية العمومية منعقدة لمدة سنة كاملة حتي سقط القانون.
ونذكر أن القوي السياسية قامت بعمل مؤتمر جماهيري حاشد حضره ٣٥ الف شخص تقريباً في مقر حزب الوفد، و خطب فيه جميع رؤساء الاحزاب وقتها وكان من ضمنهم سراج الدين و خالد محي الدين، وكانت خطابات رؤساء الاحزاب تهدف لمناصرة حرية الصحافة، وكان المؤتمر مؤثر جدًا، وفي الحقيقة إن الحكم الأخير يأتي ترجمة لكل هذا الجهد الذي ترجم إلى مواد في الدستور، وبعض القوانين التي تم تعديلها بناء على ضغوط من الجماعة الصحفية، مثل تعديل في قانون العقوبات أثناء رئاسة الاستاذ جلال عارف لنقابة الصحفيين في عام ٢٠٠٦، حيث تم عمل جمعية عمومية وبعدها مسيرة لمجلس الشعب، والوعد الرئاسي لإلغاء الحبس، فصدور مثل هذا الحكم يعرض أمامي كل النضالات التي أدت لتكريس هذه المكاسب.
وتابع قائلاً “إن الوضع الذي نعيشه الآن وضع استثنائي خاصة بعد القبض علي الزميل رسام الكريكاتير ” أشرف عمر” والدستور والتشريعات متسعة لكن الواقع أن الأفق يضيق والهامش يكاد أن يكون منعدم تماماً، مع أننا أمام مهنة لها تاريخ وتراث وثقل وعندنا مكاسب مكتوبة على الأوراق سواء في القوانين أو الدستور، لكن الواقع يسير في إتجاه آخر تماماً وكأن الحكم جاء في توقيت مهم ليلفت النظر إلى أننا نستند على قاعده صلبة تعطينا حقوقاً ولابد من التمسك بها والمطالبة بها لتحسين الوضع الصعب الذي يعيشه الصحفيين وتُقاسيه الصحافة والاعلام في مصر.
ومن جهته صرح “وليد صلاح” صحفي أن هذا الحكم عظيم في حد ذاته، ولابد من توضيح نقطة مهمة جدًا٬ وهي أن هناك قاعدة تم إرسائها والتعامل علي أساسها وهي أنه لا تعليق في المطلق علي أحكام القضاء سواء بالسلب أو بالإيجاب، لكننا لم نعلق علي الحكم كحكم علي فكرة حرية الصحافة والانتصار الدائم في أغلب القضايا المتعلقة بالصحافة والصحفيين الإنتصار الداعم لحرية الصحافة.
وأضاف صلاح أن نقابة الصحفيين تسعي وتكافح بكل الطرق الممكنة من خلال مجلس النقابه لإقرار مبادئ عدم إقرار عقوبة سالبة للحرية في جرائم النشر مع أن كلمة جرائم النشر تعد كلمة معيبة للصحافة فلا يوجد شئ إسمه جرائم نشر، لكن استخدام عقوبه سالبة للحرية ضد النشر عموماً، وإن النقابة تسعي دائماً لإنهاء ذلك من خلال مجالس النقابة والجمعية العمومية.
وتابع قائلاً إن النقابة توفر داخل مقرها دائمًا دورات تدريبية ومنها دورات قانونية تخصصها لتعرف الصحفيين علي حقوقهم ووجباتهم، وكان هناك قاعده تعلمناها جميعاً من أساتذة القانون، وهي أنه كلما إرتفعت الرتبة السياسية للشخص كلما إرتفعت مرتبته في المجتمع كلما قلت مساحتة الشخصية سواءً كان وزيراً أو رئيس وزراء، فعندما كانوا مواطنين عاديين لم يحق للصحافة تتبع حياتهم الشخصية والعكس مع الشخصيات العامة، وهنا نحن نتحدث عن موظف عام والمحكمة أرست قاعدة هامة جداً وهي عدم توقيع عقوبه سالبة للحرية بشان قذف موظف عام، وأن الصحفي يعمل كدورة كصحفي وأن يعلم دوره وما له وعليه تجاه المجتمع، فأنت لم تقذف شخصه على الإطلاق لكنك تنتقد أفعاله وتكشف النقاب عن خبايا في صلب وظيفة الموظف العام أو الشخضية العامة، وإن حكم المحكمه يرسخ قاعدة مهمة مفادها عدم وجود عقوبه سالبة للحريات ضد الصحافة.
وفي هذا السياق قال “مجدي شندي” رئيس تحرير صحفية المشهد المصرية:
إنه بخصوص الحكم الصادر من المحكمة الدستورية أود أن أشير الي أنه في عام ٢٠٠٦ تم تعديل قانون العقوبات، وتم تعديل المادة الخاصة بتوقيع عقوبة سالبة للحرية في قضايا السب والقذف حيث تم الغائها، كما أباح القانون قذف الموظف العام لكن وضع بعض الإشتراطات أولها أن يكون موظفاً عاماً وثانياً أن يكون القذف بسبب أداء وظيفته فعندها يتم الإعفاء من عقاب قذف الموظف العام، حتى عندما نتطلع على منطوق حكم المحكمة الدستورية سنجد أنه مكتوب ضمن الفقرة أنه في عام ٢٠٠٦ تم تعديل القانون، أما فيما يخص طول الفترة الخاصة بالفصل في الدعوة الدستورية منذ عام ١٩٩٧ حتى عام ٢٠٢٤، فالتعليق الوحيد كان أن هذا النظام المتبع في المحكمة الدستورية العليا والذي أتمنى كمحامي أن يكون هناك آلية واضحة وصريحة لسرعة الفصل في القضايا الدستورية وعدم الإنتظار كل هذه المدة الطويلة للفصل في القضايا المطروحة على المحكمة الدستورية، أي اتمنى أن يكون إنعقاد الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية ويتم من خلالهم وضع آلية لسرعة إنجاز القضايا.
قال مجدي شندي، رئيس تحرير صحفية المشهد المصرية إن هذا الحكم بالتأكيد يمثل روح القانون وإعادة حق لكثير من الصحفيين الذين دفعوا أثماناً نتيجة انتقادهم لشخصية عامة أو الشأن العام، ويعيد الثقة في إمكانية عودة روح الصحافة مرة أخرى بعد أن عانت الكثير بسبب التهم التي تكال لأي شخص ممكن أن ينتقد موظفاً عاماً في سبيل المصلحة العامة، وحكم الدستورية يعيد الاعتبار للقانون ويعيد الروح مرة أخرى للصحافة المصرية ويمكن اذا ما طبق وهو حتمًا سيطبق أن يجعل الصحفيين أكثر جرأة وشجاعة ولديهم القدرة على الانتقاد، ومدركين أن هذا حق قانوني ودستوري لهم ويمكنهم أن يعيدوا العمل به ومن ثم تعود الحياة للصحافة المصرية مرة أخرى.
وفيما يخص تأخر صدور القرار قرابة الربع قرن، فإن المحاكم الدستورية عادة تستغرق وقتاً طويلاً لمراجعة كل القوانين ومطابقتها بالدستور والبحث عن أحكام سابقة، وهذه المسائل ممكن أن تأخذ وقتاً طويلاً، وقد جددت الدعوة مرة أخرى بعد عام ٢٠١٨ حينما صدر حكم نهائي فيها ضد الصحفي، فصدور حكم محكمة الجنايات ضد الصحفي في قضية قديمة هو ما أعاد القضية للمحكمة الدستورية مرة أخرى، وما تأخر ليس حكم المحكمة الدستورية ولكنه حكم محكمه الجنايات في مواجهة الصحفي الذي انتقد موظفاً عاماً.
وفي هذا السياق قال “أحمد عبد اللطيف” محامي الإستئناف، إنه بخصوص الحكم الصادر من المحكمة الدستورية أود أن أشير إلى أنه في عام ٢٠٠٦ تم تعديل قانون العقوبات، وتم تعديل المادة الخاصة بتوقيع عقوبة سالبة للحرية في قضايا السب والقذف حيث تم الغائها، كما أباح القانون قذف الموظف العام لكن وضع بعض الإشتراطات أولها أن يكون موظفاً عاماً وثانياً أن يكون القذف بسبب أداء وظيفته فعندها يتم الإعفاء من عقاب قذف الموظف العام، حتى عندما نتطلع على منطوق حكم المحكمة الدستورية سنجد أنه مكتوب ضمن الفقرة أنه في عام ٢٠٠٦ تم تعديل القانون، أما فيما يخص طول الفترة الخاصة بالفصل في الدعوة الدستورية منذ عام ١٩٩٧ حتى عام ٢٠٢٤، فالتعليق الوحيد كان أن هذا النظام المتبع في المحكمة الدستورية العليا والذي أتمنى كمحامي أن يكون هناك آلية واضحة وصريحة لسرعة الفصل في القضايا الدستورية وعدم الإنتظار كل هذه المدة الطويله للفصل في القضايا المطروحة على المحكمة الدستورية، أي اتمنى أن يكون إنعقاد الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية ويتم من خلالهم وضع آلية لسرعة إنجاز القضايا.