سياسة

الرئيس السيسي يفوض مدبولي بمزيد من الاختصاصات.. الأسباب والنتائج

محمد جمال

الرئيس السيسي يفوض مدبولي بمزيد من الاختصاصات.. الأسباب والنتائج


“التصرف بالمجان في أملاك الدولة، ومنح المعاشات والمكافآت الاستثنائية،

إعارة أعضاء المحكمة الدستورية، وإعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها. وغيرها”.


اختصاصات جديدة أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، في حدث لم يكن الأول من نوعه.

القرار الجديد أثار حالة من الجدل السياسي في مصر بسبب حجم الاختصاصات التي ألقاها الرئيس على عاتق رئيس الوزراء، ومدى جدواها في الوقت الراهن.


وترددت العديد من الأقاويل حول حجم المعلومات المتداولة بهذا الصدد، ولكن هل القرار جديد على الساحة السياسية المصرية، أم أن هناك حالات مشابهة لهذا القرار؟.



بدأ اسم الدكتور مصطفى مدبولي في الظهور عندما تم تعيينه وزيراً للإسكان في حكومتي الدكتور إبراهيم محلب، منذ عام 2014.

وظل مدبولي على رأس وزارة الإسكان بعد إثبات جدارته بالبقاء، ليكون أحد أبرز الوزراء في حكومة المهندس شريف إسماعيل.


جدارة بالبقاء، جعلته الخيار الأول أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد الوعكة الصحية التي تعرض لها المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والتي أرغمته على الذهاب إلى ألمانيا لتلقي العلاج، ليكون مدبولي قائماً بأعمال رئيس الحكومة لحين عودته من الخارج.


وبعد أن ظل وزيراً للإسكان في أربع حقب متتالية، قرر الرئيس تعيين مصطفى مدبولي رئيساً للوزراء عام 2018.


وفي أعقاب التعديل الوزاري الذي جرى عام 2019، حصل مدبولي على بعض المهام الجديدة، وهي “الوزير المختص بشؤون الاستثمار، والوزير المختص بشؤون الإصلاح الإداري”، إضافة إلى مهام منصبه رئيساً لمجلس الوزراء.




نشرت الجريدة الرسمية، قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بتفويض رئيس مجلس الوزراء لمباشرة اختصاصاته في 7 مجالات وهي كما يلي:


أولاً: في مجال التصرف بالمجان في أملاك الدولة وحماية الآثار ونزع ملكية العقارات للمنفعة العامة:

  • القانون رقم 29 لسنة 1958 في شأن قواعد التصرف بالمجان في العقارات المملوكة للدولة والنزول عن أموالها المنقولة.
  • قانون حماية الآثار الصادر بالقانون رقم 117 لسنة 1983
  • القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة.

ثانيًا: في مجال منح المعاشات والمكافآت الاستثنائية وتقرير إعانات أو قروض أو تعويض عن الخسائر في النفس والمال:

  • القانون رقم 71 لسنة 1964 في شأن منح معاشات ومكافآت استثنائية.
  • القانون رقم 44 لسنة 1967 بتقرير معاشات أو إعانات أو قروض أو تعويض عن الخسائر في النفس والمال نتيجة للأعمال الحربية.

ثالثًا: في مجال العاملين بالدولة:

  • قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم 81 لسنة 2016 فيما يتعلق بالأحكام الخاصة بالتعيين في وظائف المستويين الممتازة والعالية، وكذا بالاختصاص المنصوص عليه في المادة “21” من القانون المذكور فيما يتعلق بالتعيين في الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية برئاسة مجلس الوزراء والتعيين في وظائف المستويين الممتازة والعالية برئاسة الجمهورية ووزارة الإنتاج الحربي. 
  • تشكيل وإعادة تشكيل مجالس إدارة الهيئات العامة والأجهزة ومراكز البحوث والأكاديميات والمجالس العليا والاتحادات وتعيين رؤسائها وأعضائها وشاغلي الوظائف العليا بها وبالوحدات التابعة لها.
  • القانون رقم 97 لسنة 1969 بتنظيم العمل لدي هيئات أجنبية بالنسبة لوظائف معينة وذلك فيما يتعلق بمن هم في درجة وزير ونائب وزير.
  • إعارة أعضاء المحكمة الدستورية العليا وهيئة المفوضين بها ورجال القضاء والنيابة العامة وأعضاء مجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، وكذا إعارة جميع العاملين المدنيين الذين يعينون بقرارات من رئيس الجمهورية طبقًا لأي قانون خاص.
  • المادة “3” من قانون مصلحة الشهر العقاري والتوثيق الصادر بالقانون رقم 5 لسنة 1964.
  • تعيين ممثلي جمهورية مصر العربية في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي ومجلس محافظي البنك الدولي للإنشاء والتعمير ومجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية وبنك التنمية الأفريقي وغيرها من المؤسسات والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية.

رابعًا: في مجال الهيئات العامة وهيئات القطاع العام وشركاته وشركات قطاع الأعمال العام:

  • قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963.
  • القانون رقم 30 لسنة 1975 بنظام هيئة قناة السويس وذلك فيما عدا تعيين رئيس مجلس إدارة الهيئة .
  • القانون رقم 13 لسنة 1976 بإنشاء هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء.
  • قانون هيئات القطاع العام وشركاته الصادر بالقانون رقم 97 لسنة 1983 
  • المادة التاسعة من القانون رقم 203 لسنة 1991 بإصدار قانون شركات قطاع الأعمال العام.

خامسًا: في مجال الأزهر ومجمع اللغة العربية والجامعات:

  • القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها وذلك فيما عدا تعيين شيخ الأزهر ومنح العالمية الفخرية لجامعة الأزهر أو إحدى كلياتها، واللائحة التنفيذية لهذا القانون الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975.
  • قانون تنظيم الجامعات الصادر بالقانون رقم 49 لسنة 1972 وذلك فيما عدا تعيين رؤساء الجامعات ونوابهم، وعمداء الكليات والمعاهد .
  • قانون إعادة تنظيم مجمع اللغة العربية الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 1982 وذلك فيما عدا حكم المادة “9”.

سادسًا: في مجال المرافق العامة والجمعيات ذات النفع العام والإدارة المحلية وحالة الطوارئ:

  • القانون رقم 5 لسنة 1966 بشأن الجبانات.
  • قانون نظام الإدارة المحلية الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 فيما عدا المواد “30.25.1”.
  • المواد “16.15.14” من القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ.
  • قرار رئيس الجمهورية رقم 1925 لسنة 1969 بشأن جمعية الهلال الأحمر.

سابعًا: في مجال تأشيرات الموازنة:

الاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية في التأشيرات المرفقة بقوانين ربط الموازنة العامة للدولة وكذلك التأشيرات الخاصة الواردة في موازنة بعض الجهات.

أما المادة الثانية فقضت بتفويض رئيس مجلس الوزراء في اختصاص رئيس الجمهورية باختيار من يقوم من الوزراء بأعمال من يتغيب منهم أو يقوم مانع به.

وفيما يتعلق بالمادة الثالثة، فأقرت بأن يكون رئيس مجلس الوزراء، الوزير المختص بتطبيق أحكام القانون رقم 10 لسنة 2009 بشأن تنظيم الرقابة على الأسواق والأدوات المالية غير المصرفية ، وله أن يفوض في بعض اختصاصاته في هذا الشأن.

أما عن المادة الرابعة، فأقرت بأن يلغى كل ما يخالف أحكام هذا القرار.


الفقيه الدستوري صلاح فوزي


أشار الفقيه الدستوري صلاح فوزي، أن هذه القرارات  “تتخذ لعدة أسباب أولها تخفيف الأعباء عن الأصيل، وتبسيط الإجراءات الإدارية، واختصار الوقت، والاقتصاد في النفقات”.

وأضاف فوزي أن “هناك قواعد حكيمة للتفويض، أخصها أن التفويض يكون مؤقتاً، أي أنه لا يستمر على طول مدى الحياة”.


وأكد الفقيه الدستوري على أن التفويض يكون جزئياً، بمعنى أنه لا يكون في كل الصلاحيات التي يملكها المفوض”.

ولفت إلى أن “تفويض رئيس الجمهورية، رئيس الوزراء في بعض اختصاصاته، يساهم في عمليات الإصلاح الإداري المنشودة، وهذا أمر جيد جداً لصالح المواطنين”.


في هذا الإطار قال الكاتب والمحلل السياسي عبدالله السناوي:

إن “المعلومات تغيب بشكل كبير حول أبعاد قرارات الرئيس، وهناك حاجة إلى التعرف على أسباب التفويض الذي يبدو مفاجئاً.


وأضاف السناوي في تصريحات صحفية إلى “أنه من حيث النظرة العامة فإن هذه القرارات تشي بأن هناك رغبة في أن يركز الرئيس على الملفات الإستراتيجية والسياسة العليا للدولة، والتخفف من الأمور التنفيذية والإدارية لصالح رئيس الحكومة، وهو ما يشير إلى وجود عارض دفع نحو اتخاذ القرار”.


وأضاف  أن منح رئيس الحكومة مثل هذه الصلاحيات الواسعة قد يكون مقدمة لتصعيد في أدواره.

ولفت إلى أن ربط القرارات بالإصلاح الإداري أمر يصعب حسمه، لأن الدولة أمام حدث غير معتاد في رئاسات الجمهوريات السابقة، خاصة في فترة رئاسة السيسي.



رغم كثرة الحديث عن قرار تفويض الرئيس عبدالفتاح بعض اختصاصاته لرئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، إلا أنه بالبحث والتدقيق في القرارات السابقة لرؤساء الجمهورية، تبين أن الأمر ليس جديداً.


وفي السنوات الأخيرة، تم تفويض الدكتور كمال الجنزوري، والدكتور هشام قنديل، والدكتور حازم الببلاوي والمهندس إبراهيم محلب، والمهندس شريف إسماعيل، في نفس اختصاصات رئيس الجمهورية التي صدرت بالقرار عام 2024، مما يعني أن القرار ليس فصلاً دستورياً جديداً، وإنما تم إقراره عدة مرات، خلال السنوات الماضية.


ويجيز الدستور في مادته الـ 148 لرئيس الجمهورية تفويض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء، أو لنوابه، أو للوزراء، أو للمحافظين، ولا يجوز لأحد منهم أن يفوض غيره فيها.


سياسيون وقانونيون أرجعوا قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي لتفويض بعض اختصاصاته بسبب كم الاختصاصات المفوض بها رئيس الجمهورية.


ويرجع هذا الأمر إلى حساسية هذه القرارات وأهميتها، ولهذا كانت في يد رئيس الجمهورية وحده، دون غيره.

وهنا أقر المشرع، ومن باب التخفيف على الرئيس، أن يسمح للرئيس بتفويض بعض اختصاصاته لرئيس مجلس الوزراء.

ويرجع السبب في هذا الأمر إلى تخفيف الأعباء عن صاحب السلطة الأعلى، أو تسريع وتيرة إصدارها، أو لارتباط بعض القرارات بأعمال وخيارات تنفيذية تفصيلية تستلزم تنسيقاً مع وزراء آخرين.


وغالباً ما يتم تفويض بعض الاختصاصات لرئيس الوزراء في أعقاب تشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما حدث بالفعل هذه المرة.



لم تكن هذه المرة الأولى التي يفوض فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بصلاحيات جديدة.


ففي يوم السبت 23 يونيو عام 2018، أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قراراً جمهوريًا رقم 279 لسنة 2018 بتفويض رئيس مجلس الوزراء في بعض الاختصاصات.


وبالعودة إلى هذا القرار السابق لتفويض بعض الاختصاصات، تبين أنها 7 بنود تم تفويض رئيس الوزراء فيها، وهي ذاتها الـ7 بنود الحالية، باستثناء استرداد رئيس الجمهورية سلطاته بشأن الترخيص بسفر كبار العاملين بالدولة والقطاع العام، وفقًا للقرار الجمهوري 140 لسنة 1973، وإلغاء تفويض رئيس الوزراء في اختصاصات رئيس الجمهورية بالقانون 186 لسنة 1986 بشأن الإعفاءات الجمركية.


وفي عام 2021 أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي، قراراً جمهورياً بتفويض الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، بصفته، في بعض اختصاصات رئيس الجمهورية.


وضم التفويض حينها “الاختصاصات المخولة لرئيس الجمهورية في التأشيرات المرفقة بقوانين ربط الموازنة العامة للدولة، وكذلك التأشيرات الخاصة الواردة في موازنة بعض الجهات”.



وأوضح الكاتب الصحفي محمد رفعت الخبير في الشؤون المحلية المصرية٬ أن هذا التكليف ليس بجديد ويعود لقرار سابق باستبعاد الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة من تبعية وزارة التخطيط، وانتقال تبعيته لرئاسة مجلس الوزراء.


وأضاف رفعت في تصريحات صحفية أنه في هذه الحالة يصبح رئيس الوزراء بحكم منصبه هو الوزير المختص بشؤون الإصلاح الإداري، إلى جانب مهام منصبه كرئيس للوزراء في حالة ما لم يكلف وزيرًا مختصًا بذات المهمة.


ويضيف محمد رفعت برغم أن القرار يأتي تماشياً مع المنهج المتبع بترشيد النفقات بدمج عدد من الوزارات لوزارة واحدة كما حدث في دمج التعاون الدولي مع التخطيط، وضم الهجرة للخارجية والصناعة إلى النقل.


ورأى محللون أن تفويض رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء في بعض الاختصاصات، سيعقبه تفويض جديد، ويرجع هذا الأمر إلى المهمة الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية، الرئيس عبد الفتاح السيسي.



وحول الجدوى من تفويض بعض اختصاصات رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء، أشار الدكتور علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إلى أن منح رئيس الوزراء اختصاصات رئيس الجمهورية تعد ثقة كبيرة من الرئيس السيسي، للدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وهي ثقة قليلاً ما تحدث.


وأضاف الإدريسي في تصريحات لـ”MENA“: “أن تلك الخطوة تعد تفويضاً كبيراً في العديد من المجالات، ويعطي حرية أكبر للحكومة، لكي تستطيع أن تقوم بالتصرف في تلك المجالات، خاصة المعاشات والتأمينات الاجتماعية، وأيضاً الجزء الخاص بأملاك الدولة والتصرف فيها.”


وتمنى الإدريسي، أن يكون ذلك التفويض خطوة إيجابية، لتسهيل عمل الحكومة التي جاءت في وقت تواجه الدولة العديد من التحديات والصعوبات.


وفي نفس السياق رأى المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع أن الرئيس يمكن أن يكون مشغولاً في ملفات أخرى كثيرة على قدر من الأهمية، ولذلك يصبح من المهم إعطاء رئيس الوزراء صلاحيات جديدة”.


شارك المقالة

مقالات مشابهة

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا

عمرو بدر: خالد البلشي أعاد الحياة إلى نقابة الصحفيين.. وأستعد لخوض الانتخابات المقبلة إلا إذا تحاور منصة “MENA” الكاتب الصحفي عمرو بدر،

بسنت عادل

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله

“الناصريون” يشيعون حسن نصر الله انتشرت في أواخر سبتمبر الماضي، أنباء عن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني، حتى

محمود فهمي

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس

عمال مصر بين شقي الرحى.. الاستغلال أو الحبس شهدت مصر في السنوات الأخيرة العديد من الإضرابات العمالية، بلغ عددها 213 إضراباً خلال عامين

حيدر قنديل