الشارع المصري

الغلاء يُعكِّر “فرحة المصريين” بالمولد النبوي

تستقبل الأمة الإسلامية في كل عام ذكرى المولد النبوي الشريف، وهي مناسبة ذات طابع خاص تجتمع حولها الطقوس والتقاليد، خاصة في مصر.

 

ومع بداية شهر ربيع الأول، يشرع أصحاب المحلات في تزيين واجهاتهم بألوان المولد النبوي، لعرض حلويات المولد المتنوعة التي تحمل في طياتها عبق الذكريات والتقاليد القديمة، ومع ذلك، فإن هذه الطقوس تشهد تغييرات ملحوظة في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.

 

ويفرض الغلاء والتضخم في السنوات الأخيرة، ضغوطًا اقتصادية على الأسر المصرية، مما أثّر بشكل كبير على الاحتفالات بمناسبات مثل مولد النبي، إذ ترتفع أسعار حلوى المولد بشكل ملحوظ، ما يجعلها خيارًا مكلفًا بالنسبة للكثيرين.

 

 

مع بداية شهر ربيع الأول، وقبل أسبوعين من يوم المولد النبوي، يبدأ أصحاب المحلات في عرض منتجاتهم الاحتفالية، ويزينون محلاتهم بحلوى المولد النبوي، مثل العرائس والدمى، التي تأتي بأشكال وأنواع تشمل الحمصية، الملبن، الأقراص، النوجا، السمسمية، والبسيمة.

 

تُباع هذه الحلويات في علب بأشكال وأحجام مختلفة، وتختلف أسعارها حسب نوعية ومحتوى العبوة.

في هذا السياق، يقول محمد عبد المنعم، بائع حلويات منذ 30 عامًا، إن “طقوس الاحتفال تغيرت، كما اختلف الإقبال على شراء الحلويات، مضيفًا أن في السابق، كان الناس يشترون علبًا كبيرة لتوزيعها على الأقارب، وكان الجو مليئًا بالود وصلة الرحم، وكانت البضاعة تُباع بسرعة”.

 

ويتابع عبد المنعم في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“: “في الماضي، كانت هناك زينة كهربائية وديكورات احتفالية بمولد النبي، مثل الرسم بالنشارة الخشبية في الشوارع وتوزيع المشروبات، وعلى رأسها الشربات، لكن هذه الطقوس بدأت تختفي مع مرور الوقت وارتفاع الأسعار”.

 

 

 

يؤثر الغلاء والتضخم، في الفترة الأخيرة بشكل كبير على العديد من المناسبات، مثل الولائم الرمضانية وتجهيزات الأعياد، وبالطبع على احتفالات مولد النبي، وهي مناسبات كانت تُصرف فيها أموال طائلة في الماضي.

 

وترتفع أسعار حلوى المولد الآن إلى حد غير معقول وبشكل متفاوت حسب جودة الخامات ومستوى وقيمة البائعين، فالمحال العادية في المناطق الشعبية تبيع علبة حلاوة المولد بسعر 160 جنيهًا، بينما تبيعها محلات أخرى بسعر 200 جنيه، ما يخلق فارقًا طفيفًا في الأسعار بين المحلات.

 

في المقابل، تُباع حلوى المولد في محلات “إيتوال” بسعر 250 جنيهًا، بينما تبيعها “العبد” – من أشهر متاجر بيع حلوى المولد – بسعر 300 جنيه للعلبة ذات الحجم الجيد والمناسب.

 

 

يقول حسن الفندي، رئيس شعبة السكر والحلويات بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن انخفاض المبيعات يعود لعدة أسباب، منها زيادة التضخم بنحو 25%، وكون المولد النبوي يتزامن هذا العام مع موسم دخول المدارس، والعودة من المصايف، ما يمثل عبئًا إضافيًا على الأسر المصرية.

 

ويضيف الفندي في تصريحات إعلامية: “شهدت مبيعات حلوى المولد النبوي انخفاضًا بنحو 20% هذا العام، ورغم ذلك، حافظت المجمعات الاستهلاكية والعروض التي تراعي الظروف الحالية على حركة المبيعات في الأسواق”.

 

ويتابع: “بالنسبة للأنواع التي شهدت إقبالاً هذا العام، فإن الأصناف ذات الطلب الكبير تشمل حلوى الفول والحمص والجوز والملبن والسمسم، والأسعار كانت في متناول الجميع”.

 

ويؤكد الفندي في تصريحاته للإعلام، أنه لا يمكن تحديد حجم الاستهلاك أو المبيعات بدقة، بسبب وجود قطاع غير رسمي نشط جدًا في موسم المولد النبوي الشريف، مما يصعب معرفة حجم هذا الاقتصاد.

 

 

البعض يختارون عدم شراء حلاوة المولد، ويفضلون بدلاً من ذلك تناول غذاء دسم أو وجبة لذيذة من اللحم، بدلاً من صرف المال على حلاوة المولد.

 

في هذا السياق، يقول خليل متولي، موظف متقاعد، إنه يدخل في عامه السابع على التوالي دون أن يشتري حلاوة المولد، بعد أن أصبح معاشه غير كافٍ لتلبية مستلزمات الأسرة.

 

ويضيف متولي في حديثه لمنصة “MENA“: “قبل التقاعد، كانت الشركة التي أعمل بها توفر لنا مكافأة لحلاوة المولد، أو تمنحنا علبة تحتوي على الحلوى. ولكن بعد التقاعد، أصبح الأمر صعباً مع الغلاء الحالي”.

 

ويواصل متولي: “لا يشعر الأطفال بأننا لا نحتفل بمولد الرسول، نعد في هذا اليوم وجبة غذاء قوية تحبها الأسرة، في بعض الأحيان نعد فتة وبطًا، وفي أحيان أخرى طواجن بامية باللحم، ونحتفل بالمولد النبوي بشكل بسيط يتماشى مع ظروفنا الحالية.”

 

 

وتنشأ مع كل ذكرى لمولد الرسول، أزمة كثيرة التداول، تدور حول جواز الاحتفال بمولد النبي، أو أنها بدعة وحرام شرعًا.

 

ويقول الشيخ على جمعة، مفتي الديار المصرية الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء، في بتصريحات إعلامية، إن السابقين كان يحتفلون بالمولد النبوي الشريف في شهر ربيع بالكامل حتى السبعينيات من القرن الماضي.

 

ويضيف: ثم بدأ الاحتفال في الربيعين، ربيع الأول وربيع الآخر، متابعًا: “الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحتفل كل اثنين، إذ كان يصومه كل أسبوع، فسأله الصحابة عن ذلك، فقال: يوم ولدت فيه وبعثت فيه وأرجو أن ألق الله فيه”.

 

ويؤكد مفتي الديار المصرية الأسبق، وعضو هيئة كبار العلماء، أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سنة حسنة، سنها العلماء لنا في القرن السابع الهجري، فيجب على المسلمين أن يفرحوا أبنائهم في المولد النبوي الشريف، وأن نتقرب إلى الله بالأعمال الصالحة، احتفاء بميلاد الرسول الكريم، الذي جاء بشرى للعالمين.

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية