تحليلات

بحكم التاريخ.. هل تستطيع مصر لم شمل الجسد السوري ووقف مطامع إسرائيل؟

أكاديمي سوري:

 

تصفيات ميدانية وتهجير قسري عبر مليشيات إرهابية

الإعلان الدستوري باطل ويخدم الجماعات المتطرفة ونحتاج لتدخل مصري عاجل

نترحم على أيام جمال عبد الناصر

 

حسن نافعة:

 

مصر لها دور تاريخي ولا يمكن أن تلعب أدوارًا ثنائية

وساطة عربية مشتركة مع دول أكثر تأثيرًا كالسعودية وقطر

إسرائيل تغذي الثغرات الطائفية والدروز خير دليل لتفتيت سوريا

 

سياسيون:

 

الإعلان السوري أعطى الشرعية لنفسه بالحكم لمدة خمس سنوات

النظام لا يمثل كل التيارات السياسية والإيديولوجية

نحتاج لضغط دولي عربي لمجابهة الجماعات المتطرفة ووحدة الشعب السوري

 

لا تزال الأوضاع في سوريا غير مستقرة، فبينما تتصاعد وتيرة العنف بين قوات أحمد الشرع وفلول النظام السابق، تٌنزف دماء الشعب السوري تحت اسم الطائفة، فيما تراقب إسرائيل التي لا تريد دولة قوية على حدودها وفتحت ذراعيها للدروز.

 

يرى الخبراء الذين ناقشتهم منصة “MENA” أن إسرائيل هي الرابح الأكبر، وأن الإعلان الدستوري الذي أصدره الشرع غير قانوني ويسهم في مزيد من الفرقة، حيث أدخل مفهوم الأقليات، وهناك تمييز على أساس الدين والنوع.

 

كما تتصاعد الأصوات على دور مصري مرتقب بحكم الروابط التاريخية بين البلدين. فيما يرى آخرون أن فلول الأسد تتحمل مسؤولية أكبر في تصاعد التوترات، وأنه لا يمكن لمصر أن تؤثر بشكل ثنائي إلا من خلال وساطة عربية مع دول أكثر تأثيرًا مثل السعودية وقطر، ويمكن الاستعانة بتركيا.

 

فلول الأسد

 

قبل أسابيع، قامت مجموعات مسلحة في قريتي بيت عانا ودالية قرب اللاذقية بالهجوم وقتل عدد من قوات الأمن السوري. وهذه المجموعات محسوبة على نظام الأسد، ويقودها العقيد السابق في الجيش السوري “غالب دلة”، الذي أصدر بيانًا باسم “المجلس العسكري لتحرير سوريا” يدعو للتمرد على السلطة الجديدة في دمشق بقيادة أحمد الشرع، الذي تم تنصيبه رئيسًا لسوريا، ولقي اعترافًا ودعمًا عربيًا بدليل ظهور مشاركته في القمة العربية في القاهرة.

 

في اليوم التالي، بدأت قوات السلطة الجديدة بمهاجمة العديد من قرى الساحل ذات الأغلبية العلوية بهدف ردع المجموعات المسلحة المتمردة، لكن الحملة العسكرية تحولت إلى انتهاكات على نطاق واسع ضد المدنيين العلويين في الساحل. وتوالت أنباء القتل لعدد كبير من المدنيين والمدنيات، حيث نشرت تسجيلات وفيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي من مقاتلين محسوبين على “الشرع” لإعدامات ميدانية وعمليات إذلال لأشخاص قيل إنهم من المعارضين.

 

بحسب رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، بلغ عدد الضحايا المدنيين في الساحل نحو 745 قتيلًا من المدنيين العلويين، بجانب 125 من عناصر الأمن، و150 مسلحًا من المجموعات المتمردة المحسوبة على النظام السابق، بينما أشارت تقديرات موالية للحكومة السورية إلى أن عدد قتلى الأمن العام يصل إلى 200 قتيل.

 

 

بدوره، يقول الأكاديمي “صلاح نيوف”، رئيس التجمع الوطني في الساحل السوري، إن الجرائم المرتكبة بحق الطائفة العلوية في الساحل تعرض الجسد السوري إلى تمزق نفسي وروحي وجسدي، حيث عادت التكوينات الاجتماعية للتخفي وراء بنيتها الطائفية الاجتماعية والدينية بسبب أن من يقود السلطة هم مجموعات لا تؤمن بالعيش المشترك. وهذا يعني أن هذه المجموعات إقصائية وإرهابية، وليست سوريين بل قوات أجنبية مثل التركستانيين والإيغوريين وغيرهم، ولا يتكلمون العربية.

 

يضيف “نيوف”: بالنسبة للعلويين، لن يعودوا كما كانوا سابقًا. من خلال ما أعرفه، فالجرح الذي أصابهم عميق ولن يندمل إلا بإحقاق حقوقهم. لكن عمليًا، فالشعب العلوي لن يؤمن بالدولة، لأن الجميع غدر بهم. المجزرة كبيرة ولن تعبر عنها وسائل الإعلام أو منظمات حقوقية، بل تركوا لوحدهم. تواصلنا مع بعض وسائل الإعلام الدولية فقط لعرض الحقائق. فالجسد السوري أصبح ممزقًا وانتهى، خاصة بعد إصدار الإعلان الدستوري عن الفصائل المتطرفة والجهادية. فمحافظة السويداء (الدروز) أعلنت رفضها للإعلان الدستوري، بخلاف الاتفاق مع الأكراد على إقليم خاص لهم، ما يعني أن الجسد السوري كجغرافيا فيزيائية انتهى، وبات الآن يتم الترتيب للشكل الثقافي والسياسي.

 

يواصل “نيوف” لمنصة “MENA“: هذه السلطة فقدت مصداقيتها لأنها أقصت الجميع، خاصة أن الوثيقة تقول إن المرحلة المؤقتة تمتد لخمس سنوات، ما يمهد لأن تصبح سوريا واحدة من أكبر دول التطرف في الشرق الأوسط وقارة آسيا، وبذلك تسبق أفغانستان. فالبتالي، لن تكون أي طائفة أو تكوين اجتماعي لديه الاستعداد للعيش تحت مظلة دينية، فهم أكثر تطرفًا من جماعة الإخوان المسلمين.

 

السلطة الجديدة تنفي

 

من ناحية أخرى، رفض الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع الإعدامات الميدانية واستهداف المدنيين، وعزت تصريحات حكومية سورية الانتهاكات إلى انخراط مجموعات مدنية في العملية العسكرية، كما نسب بعض النشطاء الانتهاكات إلى ميليشيا الجبهة السورية للتحرير المعروفة إعلاميًا باسم العمشات والحمزات.

 

ويطالب “نيوف”: نأمل في تدخل مصري أكثر من ذلك، حيث نحزن لغياب دور مصر التاريخي الذي ننتظره كثيرًا. مع العلم أن الصراعات الجيوسياسية في المنطقة ستسبب ضررًا لمصر، ونريد أن تمد مصر يدها لنا. وأتذكر زيارة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، فكانت محافظة اللاذقية هي المكان الذي نزل فيه لزيارته. وحتى الآن، باستثناء الإعلام المصري، مستعدون للتعاون مع الجانب المصري على جميع المستويات.

 

نداء إلى مصر

 

ناشد الحقوقي السوري رامي عبد الرحمن، مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، الرئيس عبد الفتاح السيسي “التدخل الفوري لدى السلطات السورية والقوى الفاعلة على الأرض، وحثها على الوقف الفوري لجميع أشكال العقاب الجماعي والتصفيات الميدانية بحق المدنيين العلويين، وإنهاء سياسة التهجير القسري، وحماية المنازل والممتلكات من النهب، وفتح تحقيق دولي مستقل في هذه الانتهاكات ومحاسبة المتورطين فيها، وتوفير مسارات آمنة لإغاثة المتضررين وضمان وصول المساعدات الإنسانية”. كما تملك مصر ميزات كونها بلا تاريخ من الانحياز الطائفي، وهدفها هو فقط وحدة شعوب المنطقة واستقرارها.

 

 

يقول الدكتور حسن نافعة، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن مصر لها دور تاريخي في المنطقة العربية، ولكن وضعها الحالي لا يسمح لها بأن تقوم بأي أدوار في السياسة الخارجية مثلما كانت تقوم بها في الخمسينيات والستينيات. نحن لدينا علاقات تاريخية مهمة مع سوريا، لاسيما كنا دولة واحدة في الفترة من 1985 إلى 1961، وكان الرئيس جمال عبد الناصر يُرفع سيارته على أعناق الرجال، وبالتالي كان لنا تأثير هائل على الشعب السوري، وتربط الشعبين المصري والسوري علاقات قوية.

 

قدرة السياسة الخارجية المصرية

 

يضيف “نافعة” لمنصة “MENA“: لكن السياسة الخارجية المصرية ليس لديها القدرة على التأثير على الداخل السوري، فمصر منكفئة على ذاتها أكثر، والدول التي لها علاقات قوية مع سوريا هي تركيا وقطر. وتعتبر قطر هي الدولة العربية الوحيدة الأقدر على التأثير على الحكومة السورية. لكن قد تملك مصر تأثيرًا على بعض الفئات في الشعب السوري، وليس لنا علاقات قوية مع الحكومة السورية تسمح لنا بممارسة التأثير.

 

ويشرح “نافعة”: الوضع السوري يمثل خطورة، ويجب علينا أن نحول دون تفتيت سوريا، ما يخدم رغبة إسرائيل في عدم وجود دولة قوية في سوريا. وتتلاعب مع الأكراد والدروز لتفتيت سوريا، إلى جانب تفتيت الجيش السوري من خلال الضربات التي وجهتها له. وبالتالي، إذا دخلت إسرائيل من الثغرة الطائفية والعلاقات المتوترة بين الطوائف، ستلعب دورًا حاسمًا في تفتيت سوريا، وهذا ليس في مصلحة مصر، ويمثل تهديدًا للأمن القومي المصري. وعلى مصر أن تنسق مع الدول العربية التي لها مصلحة في بقاء سوريا موحدة وقوية، وأن تعيد ترتيب البيت السوري بما لا يتناقض مع المصالح القومية العربية، وفي مقدمتها المصالح المصرية.

 

جدير بالذكر أن التاريخ يربط البلدين، فقد كانت سوريا دائمًا خطًا استراتيجيًا لمصر من أجل تكوين دولة قوية في المشرق العربي تحمي الأمن القومي للإقليم. وكان أول ظهور لهذا الارتباط في توحيد صلاح الدين الأيوبي لمصر والشام، الذي كان خطوة محورية في مواجهة الحملات الصليبية على الشرق. واستمرت هذه الوحدة على مدى خمسة قرون حتى الغزو العثماني للشام ومصر. ثم حاول محمد علي وجمال عبد الناصر خلال القرنين الماضيين إعادة هذه الوحدة.

 

آلية التدخل المصري

 

لا يعني التدخل المصري الانحياز لأي طرف أو التربص أو الصيد في الماء العكر، وإنما هو تقديم النصح والمشورة والدعم للحكومة السورية الجديدة في دمشق. وفي نفس الوقت، تقديم المقترحات والخطط والآليات لحماية الأقليات السورية، وعلى رأسها الأقلية العلوية في غرب سوريا والأقلية الدرزية في الجنوب. وهذه الإجراءات تعد ضمانًا لوحدة سوريا وسلامة أراضيها، كما تقطع الطريق أمام التدخل الإسرائيلي وأطماع عدد من الأطراف الإقليمية والدولية التي قد تستغل الأقليات لخدمة أجنداتها الخاصة.

 

 

ومن ناحية أخرى، يقول المتخصص في الشأن السوري، مصطفى النعيمي: “الشعب السوري يرحب بأي جهود عربية تبذل من أجل استقرار سوريا، الذي يعد عنوانًا لمرحلة جديدة ليست فقط من أجل سوريا، وإنما من أجل المناطق العربية كافة. الأمن القومي السوري والعربي مهدد في حال عدم وجود نية حقيقية للجامعة العربية لإعادة سوريا إلى مكانتها العربية والإقليمية والدولية”. أما تحركات فلول الأسد في الساحل السوري ومحاولة الانقلاب، فهي ليست فقط ضد السلطة القائمة، وإنما هي محاولة لإعادة قوات وميليشيات المحور الإيراني التي تسعى لاستعادة السيطرة، كما يزعم مرشدهم بضرورة إعادة سوريا إلى “بيت الطاعة” الإيرانية، وأن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء.

 

14 عامًا من نزيف الدم السوري

 

ويضيف “النعيمي” أن الجسد السوري تمزق عبر سنوات الحروب التي استمرت أكثر من 14 عامًا إثر استخدام العنف المفرط من قبل نظام الأسد ضد أبناء الشعب السوري، وسبق ذلك أيضًا التغيير القسري على مدار 54 عامًا، وهو مستمر حتى الآن. وهناك مقولة لأحد الذين خرجوا من السجون: “الداخل مفقود والخارج مولود”، بمعنى أن كل من يدخل إلى تلك السجون ليس بالضرورة أن يخرج منها معافى أو على قيد الحياة. وبالتالي، فإن الحرب السورية هي نتيجة طبيعية لنظام استبدادي استمر أكثر من 54 عامًا، استخدم كافة الأسلحة لقمع التظاهرات السلمية وصولًا إلى المواجهات المسلحة، ثم انشأ الفصائل العسكرية، لينتهي به المطاف إلى الفرار إلى موسكو.

 

 

فهمي: نصف حل وشبه خيار

 

الدكتور طارق فهمي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية والمتخصص في العلاقات الدولية، يرى أنه من المستبعد تمامًا تدخل مصر في هذا التوقيت، لأنها لا تزال تتعامل بنصف حل وشبه خيار، إن صح التعبير، مع الإدارة السورية. بصرف النظر عن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي مع أحمد الشرع في جامعة الدول العربية، إلا أن لمصر حساباتها وتقديراتها الكبرى سياسيًا واستراتيجيًا في التعامل مع الجانب السوري، وهو ما سينعكس بطبيعة الحال على رؤية مصر المستقبلية. كما تتبع مصر استراتيجية المراقبة والمتابعة والرصد، وهذا لا يمنع وجود مسارات أخرى. علمًا بأن الوضع السوري ما زال متأزمًا وفي حالة من عدم الاستقرار، مما يجعل الخيارات العسكرية تتسابق مع الخيارات السياسية”.

 

ويضيف “فهمي” لمنصة “MENA“: “ما تقوم به الإدارة السورية في هذا التوقيت جيد من حيث الشكل، لكن استيعاب باقي القوى السورية في المنظومة المجتمعية الكاملة وإحداث التماسك سيتطلب المزيد من الوقت، لأننا نتكلم عن سوريا المفيدة وبقية المدن الأربعة الرئيسية، فالحدود التي رسمت بالدم لا تزال مستمرة. وبالتالي، الحديث هنا عن سوريا المفيدة الخاصة بالشرع. أما ما دون ذلك، فإن الدروز والعلويين والأقليات الأخرى هناك كلام كثير. دخول الدروز إلى إسرائيل الأسبوع قبل الماضي يشير إلى تفكك المنظومة الداخلية، والعلويين يترقبون. ومن الممكن أن تتكرر أحداث الساحل رغم ما جرى من استقرار في الأوضاع الأمنية والسياسية، ورغم الدعم، ولكن في النهاية، كل السيناريوهات واردة وكل الخيارات محتملة”.

 

 

وساطة عربية

 

تقول السفيرة “منى عمر”، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية سابقًا، لمنصة “MENA“: “لا أعتقد أن مصر ستلعب دورًا ثنائيًا مع سوريا، لكنها قد تدخل في إطار عربي مثل إنشاء لجنة عربية مشتركة، لأن العلاقات المصرية السورية، رغم حضور أحمد الشرع في قمة الجامعة العربية، لا تشمل لقاءات ثنائية. ويمكن لدول أخرى لديها أوراق ضغط وقدرة أكبر على التأثير، مثل تركيا والسعودية وقطر، أن تساهم في هذه الوساطة”.

 

وتضيف “منى” لمنصة “MENA“: “يتوقف الإعلان الدستوري على مدى الالتزام بنصوصه الواردة فيه. نرى التوجهات السلبية القائمة على الطائفية الدينية والقبلية. ومن هنا، فإن قدرة الحكومة على تنفيذ البنود المنصوص عليها هي المعيار الحقيقي سواء في سوريا أو في أي مكان آخر. أما الكاسب الأكبر فهي إسرائيل، بدليل الدعم الكبير الذي تقدمه للدروز وتدخلها في إشعال الفتن أكثر في النسيج السوري، بخلاف الاعتداءات التي قامت بها إسرائيل ضد الجيش السوري. وهذا يعطي مؤشرًا على أن قدرة الحكومة السورية في توحيد البلاد مشكوك فيها، وأن الاستمرار في هذا الاتجاه يمثل ناقوس خطر على الدولة السورية ووحدتها. ولن تستطيع الحكومة الاستمرار في تمثيل كافة الطوائف والفئات، مثل النساء والأقباط”.

 

بطلان الإعلان الدستوري

 

يشرح “نافعة” لمنصة “MENA“: “الإعلان السوري أعطى الشرع لنفسه أولوية حكم سوريا لمدة خمس سنوات من خلال نظام حكم غير منتخب وغير ممثل لكل التيارات السياسية والأيديولوجية. وبالتالي، يحاول الشرع إعادة صياغة سوريا على مقاسه الشخصي. ولا ننسى تاريخ الشرع الطويل في التطرف والسلفية الدينية، ويحمل دوافع انتقامية ضد تيارات معينة، وهذا ما لا يجب أن يُمكّن منه. يجب على الدول الأخرى ممارسة ضغوط عليه لتحويل سوريا إلى دولة ديمقراطية أو إلى نظام حكم توافقى بين مختلف التيارات والطوائف على أقل تقدير”.

 

ويتفق معه في الرأي “نيوف” لمنصة “MENA“: “ليس هناك أي شيء دستوري في هذا الإعلان، خاصة أن الدستور ليس له مصدر سوى مجموعة من المؤتمرات النقاشية والجماعات الجهادية، ناهيك عن وضع الحريات وخاصة حقوق المرأة، كأننا في أفغانستان الجديدة. فمنذ ثلاثة أشهر، بدأت عمليات الفصل بين الذكور والإناث في الجامعات والأتوبيسات وفي باقي المدن. علاوة على تصاعد دعوات الحشمة للمرأة، وقتل عدد كبير من طالبات كلية الطب في بنياس. ناهيك عن غياب الإعلام وإضافة كلمة “أقليات”، وإلغاء منصب رئيس الوزراء ومنح كل الصلاحيات لرئيس لا يمكن محاسبته، في حين أن مجلس الشعب هو الذي سيقوم بتشكيله”.

 

خطوة جدية

 

يخالفه في الرأي “النعيمي”، حيث يعتبر الإعلان خطوة جدية وجديدة وضرورية في ظروف استثنائية. وفي فترة زمنية قصيرة جدًا تم إنجاز هذا الإعلان الذي يتكون من 54 فقرة، والتي عالجت الكثير من الملفات الوطنية الملحة، ومنها وحدة الأراضي السورية، واسم الجمهورية العربية السورية. وما تبقى يعتبر تفاصيل يمكن التوافق عليها في الدستور السوري القادم. أما محاولات سحب البساط مجددًا عن حكومة دمشق فهي تأتي في سياق تصعيدي، نظرًا لأن سوريا اليوم تلملم جراحها، وتحتاج إلى جهود كل أبنائها بكافة مكوناتهم. وبالتالي، وجود مناطق نفوذ خارج نطاق سيطرة الدولة السورية سيبقي الفوضى حاضرة وسيبقي التجاذبات المحلية والإقليمية مستمرة. بناءً عليه، أرى أن المرحلة القادمة يجب أن تركز على بحث المشتركات الأخلاقية والإنسانية بين كافة مكونات الشعب السوري للوصول إلى ردم الهوة التي نتجت عن حقبة الأسد المظلمة التي استمرت أكثر من 54 عامًا”.

 

جدير بالذكر أن العلويين طائفة دينية خرجت من رحم المذهب الشيعي، لكنها شكلت مجتمعًا مغلقًا تمركز في مدن الساحل السوري مثل اللاذقية وطرطوس، وهي الطائفة التي تنتمي إليها عائلة الأسد. وقامت العائلة خلال فترة حكمها باستخدام عناصر من الطائفة لبناء ميليشيات واحتلال مناصب تضمن الولاء لنظام الأسد على أساس القرابة والطائفة.

 

أما “العمشات” فهي نسبة إلى قائد فرقة السلطان سليمان شاه، محمد جاسم المعروف بأبو عمشة، و”الحمزات” نسبة إلى فرقة حمزة، وهي ميليشيا شكلتها تركيا للسيطرة على الشريط الحدودي المتاخم لها في الشمال، وإبعاد القوات الكردية. وانضمت رسمياً تحت لواء الحكومة الجديدة، وتم تعيين أبو عمشة قائدًا للفرقة 25 من الجيش السوري الجديد، وهو ما لاقى انتقادات واسعة، وتم اعتباره مجرد انضمام اسمي.

 

اقرأ أيضًا: 

 

مصر قلقة من انتقال حماس الثورة السورية إليها

 

ما دلالات الاتصال المصري “بالإدارة السورية الجديدة”؟

 

مصير غامض لـ اللاجئين السوريين في مصر بعد رحيل “الأسد”

 

الشرق الأوسط ومصر في بؤرة الصراع: الحرب الروسية الأوكرانية تعيد تشكيل التحالفات العالمية

 

وسام حمدي
وسام حمدي صحفي تحقيقات استقصائية، يهتم بالصحافة البيئية والصحية وحقوق الإنسان، وحاصل على جوائز صحفية

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية