شهدت الأسواق المصرية حالة من الارتفاع الحاد في جميع السلع الغذائية خلال الفترات الماضية، وهو ما أثر على جيوب المواطنين، وهو ما تسبب في ارتفاع التضخم، بينما ظهرت مؤشرات منذ أيام قليلة.
حسب بيان الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بهبوط معدل التضخم لشهر يونيو، ما جعل المواطنين في حالة ترقب للأسعار على أمل انخفاضها.
وأظهرت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، أن معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن انخفض إلى 27.5% في يونيو من 28.1% في مايو.
وحول تأثير انخفاض معدل التضخم على جيوب المواطنين، قال خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي:
إن انخفاض هذا المعدل الصغير في التضخم السنوي بأن أسعار السلع الاستهلاكية في المدن لن يشعر المواطن بخفض أسعارها، بل سيظهر هذا التأثير عندما تعمل الحكومة بشكل جاد وعملي في ظل التصريحات النارية التي تخدم المواطن٬ وتعمل على إعادة الانضباط في أسعار السلع بالأسواق، وإعادة توازن أسعار السلع والمنتجات المعروضة داخل الأسواق، وتوفير الرقابة الفعالة والفورية على كل مدخلات ومخرجات السلع والمنتجات داخل الأسواق.
وتابع الشافعي، أنه إذا توفرت هذه الرقابة ستؤدي إلى ضبط الأسعار وبالتالي ينضبط معدل التضخم، مؤكداً أنه إذا لم يتم ضبط الأسعار فلم ينخفض معدل التضخم، فمؤشر انخفاض معدل التضخم 0.5 عن الشهر الماضي لا يعني ذلك ضبط معدل التضخم، وأن انخفاض أسعار مجموعة السلع الخاصة بالفراخ واللحوم أو الخضروات لا تحدث فرقاً كبيراً في معدلات التضخم داخل الأسواق.
وأضاف أن المواطن لن يشعر بإيجابية في أسعار الأسواق إلا بوجود عدالة وانضباط في سعر المنتج داخل السوق، فإذا لم تتوفر الرقابة سيسود الاحتكار الذي مازال مستمر والتجار تهيمن على الأسعار داخل الأسواق، في المقابل إذا تم تفعيل وتغليظ العقوبات على التجار وعلى كل حركة السلع داخل الأسواق فسوف يتحقق الانضباط.
وبيّن الخبير الاقتصادي أن السبب وراء انخفاض أسعار الأسماك والفاكهة والمأكولات في ظل ارتفاع في أسعار بعض السلع الأخرى هو التباين، وذلك حسب طلبات المستهلكين وطبيعة الوقت حالياً واتجاه الجميع لشراء اللحوم٬ فبالتالي حدث الانخفاض في أسعار الأسماك ولتغير المواسم أيضا تأثير كبير، لافتاً إلى أنه يعني ذلك الانخفاض في معدلات التضخم في الأسعار، وأن الأسعار مازالت مرتفعة داخل الأسواق، ومازال الجميع يُعاني من الآثار السلبية لأسعار كافة المنتجات.
ولفت إلى أن الحكومة إذا لم تتخذ التدابير اللازمة وتفعيل الرقابة الفورية، وذلك من خلال القوانين المنظمة لعملية بيع وعرض السلع والمنتجات داخل الأسواق والمحلات، سنشهد موجة تضخمية جديدة وارتفاعاً جديداً لأسعار السلع والمنتجات داخل الأسواق، وأن الوضع سيستمر كما هو، موضحاً أن تأجيل الدفعة المنتظرة من صندوق النقد الدولي بسبب بعض الأسباب الإدارية أو بعض الأسباب التي لم يتم استيفاء بعض البيانات أو الشروط التي وُضعت من قبل، ليس له تأثير يُذكر خلال الفترة الحالية أو الفترة القادمة.
وقالت حنان رمسيس، الخبيرة الاقتصادية، إن انخفاض نسب التضخم انخفضت في بنود وارتفعت في الأخرى، مؤكدة أن معدلات التضخم ترتفع من خلال السياسات النقدية التي اتخذها البنك المركزي وأدت إلى ارتفاع القيمة الشرائية للنقود، مضيفة أن استكمال مسيرة السير النقدي هي العامل الذي سيؤدي إلى شعور المواطن بانخفاض معدلات التضخم، وأن الدولة تحاول السيطرة على العرض والطلب داخل الأسواق، إضافة أن زيادة الاستهلاك والكثافة السكانية ووجود العديد من المستهلكين داخل الدولة ففي فصل الصيف تأتي الوفود العرب والسياح، والكم الكبير جداً من اللاجئين، كل تلك الأسباب هي السبب الحقيقي وراء عدم الشعور بانخفاض في معدلات التضخم.
اقرأ أيضاً:
ما بين شح السيولة وضعف التداول.. البورصة تجيب
السيسي يجتمع بمدير الـCIA..ما الغاية؟
لُغز اختفاء الأدوية في مصر ونية حكومية لرفع الأسعار
الفرق الغنائية المصرية بين الماضي والحاضر
الاستيراد عامل مهم في ضبط الأسعار
وأوضحت رمسيس أن أسعار السلع تتوقف على الاستيراد سواء كان من خارج أو داخل الدولة، وأن جشع التجار في رفع الأسعار عن مستواها الطبيعي هم عاملان رئيسيان أيضاً في الشعور بزيادة معدلات التضخم، معلقة: «أسعار الفواكه مبقاش فيها ٢٥ و ٣٠ جنيه» وأن بعض السلع أيضاً تتأثر أسعارها بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، مثل القمح ومن ثم التأثير على سعره تحديداً في السوق العالمي وأن مصر تحاول الحصول على القمح من دول أخرى، وذلك لخفض تكلفته، كما تحاول الدولة المصرية أن توجد الحلول دائما وذلك من خلال توفير منافذ بيع الخدمة الوطنية، بأسعار استهلاكية، وتقوم أيضا بعمل معارض لبيع هذه المنتجات الاستراتيجية، ولكن لا توجد رقابة على الأسواق نهائياً وأن التجار تسعر المنتجات كما يحلو لهم.
وأضافت خبيرة الاقتصاد أن أزمة صندوق الدولي مع مصر، ترجع إلى عدم تنفيذ مصر للعديد من البنود، إضافة إلى اختلاف صندوق النقد مع الدولة بسبب تنفيذها لمبادرات لا يريدها، مطالباً الصندوق مصر بضرورة خفض أسعار الطاقة وإلغاء الدعم الموجه للفقراء بشكل كامل، مشيرة إلى ضرورة أن تقوم مصر برفع أسعار الفائدة، وليس تخفيضها كما يريد صندوق النقد أيضاً إلى الحاجة لأن يفصح البنك المركزي عن السياسات التي ينتهجها، كسحب السيولة من البنوك كل أسبوع، وهي تقدر بالتيريليونات والتي تؤثر على القدرة الاستهلاكية للمتعاملين، والمقترضين، وأن كل تلك السياسات التي تنتهجها الدولة هي العامل الرئيسي وراء تأجيل الدفعة الثالثة والتي تقدر بـ ٣٢٠ مليون دولار، وأنه كان من المفترض الحصول على هذه الدفعة في ١٠ يوليو الحالي، وتأخيرها بسبب تلك الإشكاليات بين مصر وصندوق النقد الدولي.
وفي ذات السياق أشار رشاد عبده الخبير الاقتصادي، إلى وجود علاقة رئيسية بين عنصران رئيسيان:
وهما معدل التضخم ومعدل الفائدة، فعلى سبيل المثال من الضروري أن تكون أسعار الفائدة في البنوك أعلى من معدلات التضخم؛
حتى يشعر المواطن بانخفاض حقيقي، وهذا جعل الناس تترك البنوك وتستثمر في الذهب خلال العامان الماضيان حيث كان معدل زيادة أسعار الذهب أعلى من سعر الجنية في البنوك.
وأوضح عبده أن انخفاض معدل التضخم لا يعني زيادة سعر الفائدة، فمثلا اذا زاد مرتب الموظف إلى ١٠% أو ١٢%، وبلغت معدلات التضخم ٢٧.٥%، فإن الموظف عمليا شعر بالنقصان وليس بالزيادة، وأن زيادة مرتبه لم تعوضه عن ارتفاع معدلات التضخم في المنتجات والسلع بالأسواق.
بينما أكد الخبير الاقتصادي عبدالنبي عبدالمطلب، أن هناك تراجع ملحوظ في أسعار العديد من السلع، بنسب تتراوح بين 5%إلى 20%، فعلى سبيل المثال تراجعت أسعار اللحوم من 440 إلى 380 جنيه للكيلو، وبالنسبة للدواجن تراجع متوسط السعر من 90 جنيه إلى 85 جنيهًا، وينطبق هذا على الأرز والعدس والبقوليات، موضحاً أن هناك ارتفاعاً كبيراً في أسعار الخضر والفاكهة وايجارات المساكن وغيرها، ولذلك كان احساس المواطن بالتحسن قليل جدا، خاصة في ظل تراجع قيمة الجنيه المصري وعدم قدرة المواطن على تحمل تكاليف الحياة.
وأضاف عبدالنبي، أنه سيكون هناك تراجعاً في أسعار بعض السلع مثل البطاطس والطماطم وربما بعض أنواع الفاكهة بسبب نزول المحصول الجديد إلى الأسواق، مشيراً إلى أن هناك تخوفات من أن يؤدي عدم وضوح رؤية الحكومة بشأن أسعار الوقود إلى ارتفاع أسعار العديد من السلع والخدمات.
وحول تأثير تأجيل مراجعة صندوق النقد الدولي مع مصر، أكد أنه حتى الآن لم يتم الإعلان بشكل رسمي عن وجود خلافات جوهرية بين مصر وإدارة الصندوق، لكن في حال ظهور هذا الخلاف للعلن، فسوف يتسبب في ارتفاع حالة عدم اليقين في الاقتصاد المصري ككل، وهذا بالتأكيد سيعيدنا إلى فترة ارتفاع الأسعار.