سياسة

تحدي التهجير.. إلغاء زيارة السيسي للبيت الأبيض

أعلنت مصادر مطلعة، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ألغى زيارته للبيت الأبيض، التي كانت مقررة اليوم 18 فبراير، رفضًا لضغوط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأي مناقشات تتعلق بتهجير أهل غزة أو الشعب الفلسطيني من بلادهم. جاء ذلك بعد ما فعله ترامب خلال لقائه مع العاهل الأردني الملك عبدالله، حيث حاول إحراجه على الهواء مباشرة بمجرد وصوله للبيت الأبيض. ليُرسل السيسي بذلك رسالة ضمنية برفض الخطة الأمريكية الإسرائيلية جملةً وتفصيلاً.

 

 

ويرى السفير محمد العرابي، وزير خارجية مصر الأسبق ورئيس حزب المؤتمر، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أعلنها صراحة وفي كل المحافل: لا لتهجير أهل غزة، ولا يمكننا قبول تصفية القضية الفلسطينية. ولقي ذلك دعم جميع زعماء العالم والمجتمع الدولي، وهو ما شدد عليه أيضًا يوم الأحد الماضي 16 فبراير، خلال لقائه رئيس الكونغرس اليهودي العالمي رونالد لاودر، بحضور حسن رشاد، رئيس المخابرات العامة المصرية. وأضاف أن مصر تعد خطة متكاملة لإعمار غزة دون تهجير سكانها.

 

رفض مجرد النقاش

 

وقال وزير الخارجية الأسبق لمنصة “MENA”، إن إلغاء زيارة الرئيس السيسي للولايات المتحدة الأمريكية كان رسالة واضحة وصريحة للرئيس الأمريكي ورئيس وزراء إسرائيل وللمجتمع الدولي والعالم، برفض مصر لمجرد النقاش حول فكرة تهجير أهل غزة وتصفية القضية الفلسطينية. وأكد على أن استقرار الشرق الأوسط والمنطقة وأمن إسرائيل لن يتحقق إلا بإقامة الدولتين، وأن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية هي السبيل لتحقيق ذلك.

 

وأضاف العرابي أن إلغاء الزيارة كان رفضًا لأي جدول أعمال في البيت الأبيض يشمل تهجير سكان غزة، مشيرًا إلى بيانات وزارة الخارجية المصرية التي أكدت أن أي رؤية لحل القضية الفلسطينية يجب أن تأخذ في الاعتبار مكتسبات السلام في المنطقة والتوازي مع السعي لاحتواء مسببات الصراع. كما اعتبر ذلك بمثابة تلويح بإمكانية انهيار معاهدات السلام الموقعة مع إسرائيل. وأكد أن نهاية الاحتلال للأراضي الفلسطينية وحل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار والتعايش المشترك بين شعوب المنطقة.

 

 

سلاح المعونات الأمريكية

 

وفيما يتعلق بالمعونات العسكرية والمادية، التي لوح الرئيس الأمريكي بإمكانية إلغائها في حالة رفض القاهرة وعمان لمقترح التهجير، أكد وزير الخارجية الأسبق أن الثوابت المصرية لن ترضخ لهذا الابتزاز، وأن مثل هذه الخطوة لن تؤثر على القرار المصري المستقل والحفاظ على الأمن القومي. وأضاف أن مصر تحملت مليارات الدولارات من الخسائر بسبب اضطرابات المنطقة، ولن تؤثر فيها 1.3 مليار دولار من المساعدات الأمريكية.

 

وقد زار العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الولايات المتحدة الأمريكية، والتقى الرئيس دونالد ترامب في البيت الأبيض في 11 فبراير، وفوجئ باللقاء الذي تم على الهواء مباشرة. وقال محللون إنه كان بهدف إحراج ترامب للملك بشأن خطته لاستقبال أهل غزة في الأردن ومصر، ولكن تعامل ملك الأردن بدبلوماسية وطالب بضرورة تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين. كما جدد تأكيد مواقف بلاده الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، وأشار إلى أن مصر تعد خطة موحدة لكافة العرب سيتم مناقشتها ردًا على مقترح ترامب.

 

وأعلنت القاهرة تجهيز خطة مصرية لمستقبل قطاع غزة وإعمارها دون تهجير أهلها من أراضيهم، ولكن لم تعلن أو توضح تفاصيل الخطة حتى الآن انتظارًا لعرضها على القمة العربية المقررة عقدها في 27 فبراير الجاري بالقاهرة، رغم ما يثار من تسريبات أو شائعات بخصوص إمكانية تشكيل لجنة فلسطينية لحكم غزة دون حماس.

 

 

محاولة رفع السقف

 

وقال الدكتور حامد فارس، أستاذ العلاقات الدولية والمتخصص في الشأن العربي، إن خطة الرئيس ترامب وتصريحاته بشأن تهجير أهل غزة ومطالبته لمصر والأردن ودول أخرى بتوطينهم داخل أراضيهم اعتمدت في المقام الأول على زيادة سقف المطالب للوصول إلى هدفه الحقيقي، وهو القضاء على المقاومة الفلسطينية وحركة حماس، مثلما قرر زيادة الرسوم الجمركية بنسبة 25% على كندا والمكسيك ثم تراجع عنها وأجلها لمدة شهر. وأكد أن هذا هو أسلوبه في التعامل مع كافة الملفات بعقلية رجل الأعمال والتاجر.

 

وأضاف أستاذ العلاقات الدولية لمنصة “MENA”، أن مصر والأردن لن تقبل نهائيًا مثل هذا المقترح، ولا يمكن أن تقبله الشعوب العربية، لأن مثل هذه المطالب المجحفة والمخالفة للقانون الدولي تهدف إلى القضاء على القضية الفلسطينية وتصفيتها. بل ستؤدي إلى دمار المنطقة وانتشار الإرهاب وزيادة الصراع والتوترات في المنطقة، بالإضافة إلى أن الشعب الفلسطيني الذي ارتوت أراضيه بدمائه وشهدائه لن يغره كلام براقة لكنها سامة بدعوى العيش في أمان واستقرار.

 

المطامع الإسرائيلية

 

وأوضح فارس أن ترامب عندما طالب إسرائيل بوقف إطلاق النار كان مقابل أن تؤيد أمريكا المطامع الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية. مؤكداً أن الرئيس الأمريكي لا يستطيع أن يفرض على الدول العربية أو الشعب الفلسطيني الخروج من أرضه بهذه السهولة. وطالب الدول العربية بالاتحاد والوقوف صفًا واحدًا في مواجهة هذا المخطط والتحدي غير المسبوق، الذي هو في الأساس المشروع الصهيوني التاريخي للاستيلاء على أرض فلسطين تحت الانتداب من البحر إلى النهر.

 

وأكد المتخصص في الشأن العربي أن القمة العربية المخطط لها في 27 فبراير الجاري تتحمل مسؤولية تاريخية في إفشال المخططات الصهيونية واتخاذ موقف قوي موحد لإعمار غزة لأهلها ودعم الشعب الفلسطيني، والتأكيد على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. مشددًا على ضرورة أن يسانده موقف فلسطيني موحد وتوحيد الأطراف الفلسطينية وإزالة الخلافات لمساعدة الدول العربية.

 

رفض عالمي

 

وأشار أستاذ العلاقات الدولية إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي ترامب لم تجد من يؤيدها في العالم سوى قوى اليمين المتطرف والاستيطاني الإسرائيلي الصهيوني، وهي تمثل تحديًا صارخًا ومهينًا لهذا العالم كله وقرارات الشرعية الدولية التي صدرت منذ نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948، والتي تؤكد جميعها على كونه شعبًا محتلة أراضيه، وله حق ثابت في إقامة دولته المستقلة الموحدة على كامل أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، ضمن حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.

 

 

وأكد الكاتب الصحفي ضياء رشوان، رئيس مجلس أمناء الحوار الوطني ورئيس هيئة الاستعلامات، أن كافة القوى الوطنية داخل مصر أعلنت رفضها القاطع جملة وتفصيلاً لأي نوع من التهجير أو النقل أو إعادة التوطين للفلسطينيين، سواء لمدة مؤقتة أو طويلة، ليس فقط لأن هذا يعد جريمة حرب وفقًا للقانون الدولي، ولكن أيضًا لأنه يعني تصفية القضية الفلسطينية التي هي قضية القضايا العربية.

 

وأضاف رئيس مجلس أمناء الحوار الوطني لمنصة “MENA”، أن كل الأطياف السياسية والمجتمعية المشاركة في الحوار الوطني أعلنت دعمها الكامل للقيادة السياسية المصرية، على موقفها المبدئي والثابت الداعم لقضية فلسطين وشعبها بكل السبل السياسية والإنسانية، والمبادر فور وقوع العدوان الإسرائيلي على غزة بالإعلان عن الرفض القاطع لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين من أرضهم بما يؤدي إلى تصفية القضية الفلسطينية.

 

اقرأ أيضًا:

 

العالم العربي وإدارة ترامب له في ولايته الثانية

 

ترامب يزعم أن مصر “منفتحة” على استقبال الفلسطينيين من غزة.. والقاهرة تنفي ذلك

 

مع الإصرار على نقل الفلسطينيين للخارج.. هل تعطل مصر مساعي ترامب؟

 

معبر رفح.. شريان الحياة “المحدود” إلى جسد غزة

 

خبراء دوليون: خطة ترامب لتفريغ غزة تعد انتهاكًا جسيمًا للقانون الدولي

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية