نجحت “الأجهزة المعنية” في مصر، في تحرير عدد من المواطنين المصريين المختطفين على يد ميليشيا الدعم السريع في السودان، “بالتنسيق مع السلطات السودانية”. جاء ذلك “بعد توجيه الرئيس عبد الفتاح السيسي باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لاستعادة المصريين المختطفين”.
وأفادت قناة إكسترا نيوز، إبان العملية، بأنه “جرت عملية تحرير المصريين المختطفين في إطار تحركات دقيقة”، حيث “تم نقلهم من مناطق الاشتباكات في وسط الخرطوم إلى مدينة بورتسودان ثم إعادتهم إلى مصر سالمين”.
وتؤكد هذه العملية “نجاح التنسيق بين الأجهزة الأمنية المصرية والسودانية في ظل الظروف الأمنية المعقدة، مما يعكس التزام مصر بحماية مواطنيها في الخارج واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان سلامتهم”.
وتواصلت منصة “MENA”، مع أكثر من مصدر عسكري لمعرفة طبيعة العملية، وما إذا كانت مصر قد تدخلت عسكريا لتحرير مختطفين من ميليشيا الدعم السريع، لكنهم رفض التعليق.
وصرح السفير صلاح حليمة، الخبير في الشؤون الإفريقية، لمنصة MENA بأن احتجاز الرهائن المصريين من قبل قوات الدعم السريع تم منذ مدة طويلة نسبيًا، مشيرًا إلى أنهم مدنيون وليسوا عسكريين، حيث تم اختطافهم من قبل عناصر تابعة للدعم السريع في أثناء تواجدهم في منطقة “دنا” بالخرطوم، مؤكدًا أن مدة احتجازهم تجاوزت العام تقريبًا.
وقال حليمة في حديثه لمنصة “MENA“، إن الاتصالات التي جرت بين أجهزة الأمن المصرية ونظيرتها السودانية، بالإضافة إلى قوات الدعم السريع، كانت تهدف إلى إطلاق سراح الرهائن. وقد تم الإفراج عنهم بفضل الدور الذي لعبه الجانب السوداني بالتنسيق مع الجهات المصرية. وأوضح أن عملية الخطف في حد ذاتها تُعد انتهاكًا للقوانين الدولية، وأن ما قامت به قوات الدعم السريع يرقى إلى جريمة حرب، لأن اختطاف المدنيين واحتجازهم يشكل جريمة مكتملة الأركان.
وأكد الخبير في الشؤون الإفريقية أن تصريحات حميدتي، التي اتهم فيها مصر بدعم الجيش السوداني عسكريًا لا تمت للواقع بصلة، مشيرًا إلى أن حميدتي يستخدم هذه الشائعات لتبرير سلسلة الهزائم التي تعرض لها مؤخرًا، سواء في الخرطوم أو خارجها. وأضاف أن الجيش السوداني يحقق انتصارات واضحة على الأرض، في حين أن السياسة الخارجية لمصر معروفة بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة.
وأوضح حليمة أن الموقف المصري واضح فيما يتعلق بعدم الاعتراف بالحكومة الموازية، مستشهدًا بواقعة سد مروي في بداية المعارك، حيث كان لقوات الدعم السريع توجيهات مرتبطة ببعض الدول الإقليمية. وأكد أن مصر، باعتبارها دولة كبيرة ذات تأثير قوي، لا يمكن لأي جهة أن تمارس ضغوطًا عليها في منطقة الشرق الأوسط.
وبيّن حليمة أن قوات الدعم السريع قد تحظى بدعم من بعض الدول الإقليمية، إلا أن هذه الأطراف تفتقر إلى الوزن والقدرة على التأثير على الدولة المصرية بأي شكل من الأشكال.
واختتم حليمة حديثه قائلًا: “مصر دولة قوية لها تأثيرها وقواتها العسكرية والاقتصادية التي يُحسب لها ألف حساب. كما أن مصر لا تتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة، ولا تهدد وحدة أو سلامة أي بلد، وتسعى دائمًا إلى تحقيق الأمن والاستقرار والسلام في مواجهة الأزمات.”
وفي ذات السياق، قال أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه يرحب بخبر الإفراج عن المختطفين المصريين من قبل قوات الدعم السريع، مشيرًا إلى أنه استقبل الخبر كمواطن مصري يشعر بالفخر لقدرة مصر على متابعة عملية الإفراج عن مواطنيها.
وأوضح يوسف في حديثه لمنصة “MENA“، أن الموقف المصري واضح وثابت بشأن وحدة الدولة السودانية، مؤكدًا أن محمد حمدان دقلو، المعروف بـ”حميدتي”، قائد قوات الدعم السريع، يتبنى موقفًا معاديًا لمصر. وأضاف أنه لا يعلم ما إذا كانت مصر تقدم دعمًا للجيش السوداني يتجاوز الدعم السياسي، مستبعدًا تقديم أي دعم عسكري.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن احتجاز قوات الدعم السريع للرهائن المصريين يعود إلى تصورهم بأن مصر تتبنى موقفًا معاديًا. واستشهد بمقطع فيديو سابق مسجل بالصوت والصورة يظهر أحد قادة قوات الدعم السريع وهو يتوعد قادة الجيش السوداني بعدم التعاون مع مصر، حتى في العلاقات التجارية.
وأكد يوسف أن بقاء المصريين في السودان رغم اندلاع الحرب يعود إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مضيفًا: “العلاقة الرسمية بين البلدين وبين الشعبين لم ولن تتأثر.”
وأضاف أن وجود وحدات عسكرية مصرية على الأراضي السودانية يأتي في إطار التنسيق العسكري بين البلدين، وهو أمر معروف. وأكد أن دخول قوات الدعم السريع إلى مناطق تضم قوات مصرية واحتجازها لا يعني أن مصر كانت تدعم الجيش السوداني عسكريًا.
وكان أكد مصدر مصري مطلع في تصريحات صحفية، أن المصريين الذين تم تحريرهم في عملية تمت بتوجيهات من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، كانوا يعملون في التجارة في الخرطوم قبل أن يتم احتجازهم من قبل قوات الدعم السريع في المناطق التي تسيطر عليها منذ العام الماضي. وأوضح المصدر أن تحريرهم تم بعد تنسيق أمني مع السلطات السودانية، دون تنفيذ عمليات أمنية مصرية على الأراضي السودانية.
وأفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط بأن التعاون بين مصر والسودان أسفر عن نقل المحتجزين من مناطق القتال في وسط الخرطوم إلى مدينة بورتسودان، ومن هناك تم تأمين عودتهم إلى مصر.
كما أضاف المصدر أن المصريين الذين تم تحريرهم كانوا قد رفضوا العودة إلى بلادهم عند اندلاع الحرب الداخلية في السودان في أبريل 2023، خوفاً على ممتلكاتهم التجارية من السرقة. وذكرت بعض وسائل الإعلام المحلية أن العدد الإجمالي للمصريين الذين تم تحريرهم هو سبعة أشخاص من محافظة الفيوم، حيث كانوا يقيمون في السودان ويعملون في تجارة الأدوات المنزلية.
وأشار المصدر إلى أن قوات الدعم السريع كانت قد استولت على ممتلكات سودانيين وأجانب، من بينهم مصريون، بينما رفضت مجموعة منهم مغادرة السودان ضمن مبادرة العودة الطوعية التي أُطلقت بعد اندلاع الحرب.
اقرأ أيضًا:
اختلاف الرؤى بين مصر والإمارات على السودان
مصير غامض لـ 16 مصريا محتجزا لدى ميليشيات الدعم السريع
استهداف “الدعم السريع” سد مروي.. تصعيد سوداني أم رسالة لمصر؟
هل تخلت الإمارات عن دعم حميدتي؟