سياسة

جهود مصرية مستمرة لوقف إطلاق النار في غزة رغم الضغوط الاقتصادية والتعنت الإسرائيلي

في ظل تصاعد الأحداث في قطاع غزة، تواصل مصر جهودها الحثيثة لإنهاء الصراع ووقف إطلاق النار، وسط تحديات داخلية وخارجية تؤثر على دورها كوسيط إقليمي رئيسي.

وبينما تتعرض القاهرة لضغوط اقتصادية هائلة جراء استمرار الحرب، ترفض بشدة أي محاولات إسرائيلية للسيطرة على معبر رفح ومحور فيلادلفيا، معتبرة ذلك تهديدًا لأمنها القومي.

 

ورغم تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وإطالة أمد الحرب، تبقى مصر الداعم الأول للقضية الفلسطينية، متمسكة بحل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء هذا الصراع المستمر.

أكد اللواء أحمد العوضي، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، حرص مصر الكامل على إنهاء المفاوضات ووقف إطلاق النار في غزة.

 

وأوضح العوضي في تصريحات خاصة لمنصة “MENA” أن مصر هي المتضرر الأكبر من استمرار الصراع والحرب، إضافة إلى أنها الشقيقة الكبرى للدول العربية، والراغب الأول في إنهاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي الذي يمس الأمن القومي المصري.

 


وأضاف العوضي أن مصر تحملت في سبيل القضية الفلسطينية أعباء اقتصادية ومادية هائلة، وسخرت كل إمكانياتها لدعم الشعب الفلسطيني. وقال: “لا يصح أن تُتهم مصر بأنها تستفيد من استمرار الحرب أو من إطالة أمد المفاوضات. نحن في مواجهة عبء اقتصادي كبير نتيجة هذه الحرب.”

وكشف تقرير أعده برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مايو الماضي عن تضرر إيرادات مصر من السياحة وقناة السويس، مشيرًا إلى أن الحرب الدائرة في غزة لها تداعيات سلبية قد تؤدي إلى تراجع التنمية البشرية في مصر لخمس سنوات مقبلة.

 


وقدّر التقرير أن تصل التكلفة الاقتصادية للحرب في غزة على الاقتصاد المصري إلى 20 مليار دولار خلال العامين الماليين السابق والجاري (2024-2025) في حال استمرار التوترات الجيوسياسية، مع انخفاض إيرادات السياحة وقناة السويس بمقدار 13.7 مليار دولار إذا اشتدت الحرب بمشاركة دول إقليمية أخرى.

 


وذكر العوضي أن مصر تُعتبر الجارة والشقيقة الكبرى التي تتأثر بشكل مباشر من إطالة أمد الصراع، سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية.

 

ولفت رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري إلى أن التاريخ يؤكد ما قدمته مصر من تضحيات من أجل الشعب الفلسطيني، محذرًا من الاستماع إلى أحاديث فردية غير مسؤولة لا تعرف ماذا تقول وماذا قدمت مصر وما زالت من أجل القضية الفلسطينية.

 

وأشار الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية والمتخصص في الشأن الفلسطيني، إلى أن مصر هي الدولة المعنية الأولى في دعم القضية الفلسطينية منذ بدء الاحتلال الإسرائيلي عام 1948.

 

وقال جاد في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، إن مصر فوجئت بما حدث في 7 أكتوبر 2023، إذ لم تنسق حماس مع مصر أو أي طرف آخر فيما قامت به.

 


أضاف جاد أن مصر سعت منذ اللحظات الأولى للتهدئة ووقف إطلاق النار، وحاولت إدخال المساعدات إلى غزة، لكن إسرائيل سيطرت على معبر رفح ومحور فيلادلفيا، فتحول الدور المصري من الوساطة إلى الاشتباك الدبلوماسي مع إسرائيل.

 

وأوضح أن نتنياهو، في خطابه الأخير، قال إن محور فيلادلفيا هو جزء من “محور الشر” وأنه يجب السيطرة عليه، ما أدى إلى أزمة دبلوماسية كبيرة.

 

وكانت القوات الإسرائيلية سيطرت على معبر رفح من الجانب الفلسطيني الذي يربط مصر بقطاع غزة صباح الثلاثاء 7 مايو الماضي، رغم التحذيرات والرفض المصري لأي عملية عسكرية إسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

 

وفصلت إسرائيل المعبر عن محور صلاح الدين المعروف باسم “فيلادلفيا”، متوغلة في محور “فيلادلفيا” -لأول مرة منذ انسحابها من قطاع غزة منتصف أغسطس 2005- وهو شريط حدودي يبلغ طوله 14 كيلومترًا، يفصل بين الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء.

 

وتنص اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل على أن يكون “منطقة عازلة” على طول الحدود بين الطرفين.

وأشار جاد إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية رغم دعمها الكامل للكيان المحتل، إلا أنها عارضت قرارات نتنياهو.

 

وقال الرئيس الأمريكي بايدن إن نتنياهو لم يبذل الجهد الكافي للتوصل لوقف إطلاق النار.

 

ورفض نتنياهو في مؤتمر صحفي يوم الاثنين 2 سبتمبر الجاري إبداء أي مرونة بشأن الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا المتاخم للحدود المصرية، لإتاحة المجال لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار، مشددًا على ضرورة السيطرة عليه بالنسبة لإسرائيل وأنه يمثل شريان حياة رئيسيًا لحركة حماس، على حد قوله.

 

 

وأعربت الخارجية المصرية في بيان لها يوم الثلاثاء 3 سبتمبر عن رفضها التام لتصريحات نتنياهو.

وحملت القاهرة الحكومة الإسرائيلية عواقب تلك التصريحات التي وصفتها بأنها تزيد من تأزيم الموقف وتؤدي إلى مزيد من التصعيد في المنطقة، وأن نتنياهو حاول “الزج باسم مصر لتشتيت انتباه الرأي العام الإسرائيلي” وعرقلة جهود الوساطة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وفق البيان.

 


ونوه المتخصص في الشأن الفلسطيني بأن انتقاد البعض لمصر لعدم اتخاذها موقفًا عسكريًا، خاطئ، بسبب وجود حسابات معقدة جدًا.

ولفت نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية إلى أن دخول مصر حربًا مسألة لها نتائج كارثية على جميع شعوب منطقة الشرق الأوسط بل والعالم أجمع، وأي مسؤول لا بد أن يحسب خطواته جيدًا وألا ينجرف خلف العواطف التي قد تؤدي إلى كارثة حقيقية.

 

وتابع جاد أنه حتى الآن هناك انتهاكات من الجانب الإسرائيلي وعند حدوث مشكلة يتم تسويتها، مثلما يحدث على الحدود أحيانًا، لافتًا إلى أن مصر وقطر يعملان كوسطاء مع أمريكا لوقف إطلاق النار.

 

وأشار إلى أن قطر تتواصل بشكل أكبر مع حركة حماس باعتبار المكتب السياسي وقيادات الحركة موجودين على الأراضي القطرية، بينما مصر أكثر تواصلًا وتأثيرًا على الجانب الإسرائيلي.

 

وأكد أن هناك قلقًا أمريكيًا وأوروبيًا كبيرًا من تدهور العلاقات المصرية الإسرائيلية، وحتى الداخل الإسرائيلي نفسه يخشى من توتر العلاقات مع مصر، بدليل تصريح نتنياهو في السابق بأنه لن يخرج من محور فيلادلفيا ولو بعد 42 عامًا، عاد مؤخرًا بتصريح أنه يمكن أن يخرج في المرحلة الثانية بعد الستة أسابيع الأولى في حال التوصل لوقف إطلاق النار.

 


ورأى الدكتور عماد جاد أن مصر تبذل جهودًا مضنية للضغط وإيجاد حل سلمي للأزمة في غزة، مشيرًا إلى أن الانقسام الفلسطيني نفسه بين حماس والسلطة الفلسطينية وعدم اتحادهما، يقف أحيانًا ضد هذه الجهود.

 

ورفض جاد رفضًا قاطعًا ما يُثار من إشاعات حول اتحاد القبائل في سيناء ودورها في الحرب، مؤكدًا أن كل ما يُثار حول ذلك ليس له أساس من الصحة.

 

 


وقال وزير الخارجية المصري الأسبق ورئيس حزب المؤتمر السفير محمد العرابي، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو الوحيد الذي يسعى بكل السبل لتقويض مفاوضات التهدئة وإطالة أمد الحرب في قطاع غزة، بعد فشله في تحقيق أي نجاح عسكري منذ أحداث السابع من أكتوبر الماضي.

 

وأضاف العرابي لمنصة “MENA” أن ادعاءات نتنياهو بتهريب السلاح من مصر إلى قطاع غزة عبر الأنفاق هي شماعة جديدة دون أي دلائل، ومحاولة للسعي نحو السيطرة على محور فيلادلفيا وكذلك معبر رفح، وهو أمر مرفوض من الجانب المصري.

 

وأكد أن مصر لن تسمح بذلك باعتباره يؤثر على أمنها القومي، وستتخذ كل ما يلزم لحماية حدودها.

أعرب عن ثقته في قرارات القيادة السياسية المصرية، مؤكدًا أن مصر هي المتضرر الأكبر من إطالة أمد الحرب، وتتكبد يوميًا خسائر اقتصادية جراء استمرارها.

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية