قبل حوالي عقد ونصف من الزمن، أبرم المهندس سميح ساويرس، مالك شركة اوراسكوم آن ذاك، اتفاقية تعاون مع وزارة الثقافة، ليكون ممثلاً عنها قطاع الفنون، من أجل ضم أكاديمية الفنون للمشروع الذي جرى انشاؤه “هرم سيتي” بصفتهم تابعين للوزارة.
على أن تقوم، الشركة التابعة لسميح ساويرس، بإتاحة حوالي 100 مرسم في المدينة “هرم سيتي”، وبأجر رمزي بسيط، بداعي التشجيع على الفن، والحفاظ على اسم مصر كراعية للفنون، عبر الأزمنة مدينة هرم سيتي المملوكة لساويرس، منارة للفن، ومقصد للذين يرغبون في أخذ وحدات سكنية، لقربهم من حي الفنانين، كما يشار في الحملات الدعائية للمدينة التابعة لأوراسكم.
تغيير مفاجئ!
بعد 16 عام، على الاتفاق المبرم من شركة، وخلال تلك السنوات، تغيير الكثير من الاداريين والمسؤولين، باتت هناك رغبة مُلحة، لأخذ تلك المراسم التي يبلغ سعتها 34 متر، لكل فنان من الذين جاءوا لخلق حي الفنانين.
والذين أحدثوا تغييرًا ملحوظًا، في تنكيس وتعمير تلك المساحة الضئيلة، التي كان يجب عمل المراسم فيها، والتي كانت وما زالت من الحجر الجيري، لأنها كانت في الأساس سكنًا للعمال، المنفذين لمشروع هرم سيتي.
وبذلك، فقد فؤجئ الفنانون، بإنذارات مع محضر، بغرض إخلاء المراسم، دون تفاهم أو معرفة أي سبب لذلك، وهو الأمر الذي يعتبر تناقض واضح من إدارة شركة اوراسكوم التابعة للملياردير سميح ساويرس، وهدم للفكرة المركزية وهي حي الفنانون، الذي أحدث فرقًا وتغييرًا حضاريًا، وثقافيًا ملفت.
ما رد الفنانون أصحاب المراسم؟
الأمر، يبدو وكأنه الأكثر احباطًا في حياة هؤلاء الفنانين، الذين اغلبهم يقضي النسبة القصوى من يومه في مرسمه، حيث جوار اعماله، طيلة العقد ونصف، من الابداع الفني، علاوة على الاستفادة من الفنانون.
هذا، وقد ناشد الفنانون الجهات المسؤولة، بالحفاظ على الصياغة الاساسية، للمشروع الثقافي والفني الذي جرى تدشينه منذ عام 2008 وإلى الآن، وأنه لا يجوز اخلاء أو إزالة مراسم الفنانين لما له من أثر تعسفي على المشروع الثقافي المبرم بين سميح ساويرس ووزارة الثقافة متمثلة في قطاع الفنون التشكيلية.
بالإضافة، إلى تقنين وضع الفنانين، بما يتناسب مع مجالاتهم الفنية، وعدم وجود تهديدات بالإخلاء من قبل الإدارات المتعاقبة، ويكون ذلك من خلال توثيق المشروع كمراسم واستوديوهات الممارسة للأعمال الفنية في اقرب وقت وليست كوحدات سكنية، والتواصل المباشر والدائم، ما بين ممثل لمجلس الإدارة ومجموعة مختارة تمثل فناني المراسم درءًا لسوء الفهم.
فضلاً عن إمكانية التعاون في مشروعات فنية تفيد المدينة ومشروعات الشركة ذات العوائد الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، والحفاظ على البيئة الخضراء في المنطقة المواجهة لحي الفنانين والتي خصصت في التخطيط السابق كمكان مفتوح للعرض والفاعليات الفنية وإقامة الورش.
مبادرة الفنانين
خرجت مبادرات، من الفنانين أصحاب المراسم، بمدنية هرم سيتي، لا سيما لحاجتهم الشديدة للمرسم الخاص بهم، والذي جرى المكوث فيه لفترة طويلة من الزمن ولتطوير وإعداد حي الفنانين
أهم تلك المبادرات، تم التأكيد من خلالها، على أن هذا المشروع الثقافي الناجح “حي الفنانين”، بدأ تحت مظلة الدولة المصرية وعلى أرضها، وبالتعاون مع أحد أهم رعاة الفنون والثقافة في مصر، وأنه لا يجوز المساس به أو إزالته تحت أي ظرف.
كما أدان الفنانين خلال مبادرتهم لوقف تلك الاعمال، هذه الخطوة التعسفية من قبل شركة “نيو سيتي للإسكان والتنمية”، وطالبت بوقفها فورًا، والآمال لحل هذه المشكلات وضمان استمرار هذا الحي كمركز إشعاع ثقافي وفني يساهم في دعم المشهد الثقافي والفني في مصر.
ودعوة جميع الجهات المعنية إلى التدخل العاجل لحماية هذا المشروع الوطني الهام، والحفاظ على استمراره كنموذج للتنمية الثقافية والحضرية المستدامة.
حلول
طُرحت العديد من الحلول الودية والرسمية، جراء المفاوضات مع شركة الملياردير سميح ساويرس صاحب شركة اوراسكوم، وأصحاب المراسم بحي الفنانين بمدينة هرم سيتي
جاء أهمها، مقترح الدكتورة ريهام عمران، أمين عام نقابة الفنانين التشكيليين، حيث قالت إن نواة حي للفنانين بمشروع هرم سيتي، جاءت للقيام بدور فعَال في توفير بيئة صحية للمبدعين والفنانين للإسهام بدور فعَال في الحركة الفنية، بتوفير عدد من الوحدات تصلح استوديوهات بإيجار مدعم ووضع تخطيط مبدئي لخدمة الأنشطة الفنية، لتشجيع الفنانين.
وتضيف عمران: لكن المبادرة تحولت إلى أزمة حقيقية بعد رغبة إدارة شركة هرم سيتي في استغلال الوحدات بشكل استثماري والابتعاد عن الهدف الأصلي للمشروع الذي أبدع فيه الفنانين لمدة تصل الى خمسة عشر عاما طوروا فيها من شكل المكان ليليق بمسمى حي الفنانين.
وبخصوص الحل، أوضحت أمين عام نقابة الفنانين التشكيليين، إلى أنه يتمثل في مبادرة، تجمع بين شركة ساويرس، والفنانين التشكيليين وإظهار الوجه الحضاري والثقافي للدولة، وأن يخرج هذا التفاوض بنتائج عادلة بعيدًا عن ساحات القضاء التي لا يليق الوصول إليها إلا بعد نفاذ كل وسائل التفاوض الودية بما يليق مع أطراف النزاع، ليستفيد جميع الأطراف.
دعوى قضائية ضد الفنانين
وجهت شركة اوراسكوم التابعة لسميح ساويرس، دعوى قضائية ضد الفنانين، لطردهم من المراسم البالغة مساحتها 34 متر والتي جرى تسليمها لهم قبل 16 عام.
وذلك، بعد يومان فقط من الإنذار بالطرد، من المراسم التي توجد داخل حي الفنانين، بمدينة هرم سيتي بأكتوبر، ليثير الأمر العديد من الشكوك حوله.
وبالأخص، من محاولات الشركة المملوكة لرجل الأعمال المصري، من طرد الفنانين المستأجرين، الذين دعاهم ساويرس بنفسه لإقامة حي الفنون بهرم سيتي، قبل عقد ونصف، ولتدعيم المشروع قرر ساويرس أن يأخذ فقط 170 جنيه كقيمة للموارد من الكهرباء والماء والصرف الصحي فقط.
ليقلب الموضوع رأسًا على عقب، بين عشية وضحاها، مع قرب تمام المشروع لـ17 عام، كان خلالهم قد أقيم صالون ثقافي للفنانين الذين لهم مراسم داخل حي الفنانين بهرم سيتي.
صفحة هرم سيتي تكًذب القضية
على غير المتوقع، وبعد وصول محضر رسمي، بدعوى قضائية ضد فنانين هرم سيتي، قامت صفحة هرم سيتي عبر منصة التواصل الاجتماعي فيسبوك، بتكذيب الأخبار التي تدور حول رفع دعوى للطرد، وذلك خلال بيان صحفي.
قالت فيه شركة هرم سيتي، إن ما يثار علي مواقع التواصل الاجتماع مؤخراً بأن الشركة قامت برفع عدد كبير من الدعاوى القضائية ضد السكان لا يمت للحقيقة بصلة. وتوضح الشركة، أن وزارة الإسكان والمرافق وهيئة المجتمعات العمرانية طلبتا من الشركة إفادات واستفسارات وبيانات.
واضاف بيان المدينة التابعة لساويرس: بخصوص وحدات حي الفنانين، تجدر الإشارة إلى أن المالك السابق للشركة قد قام بتخصيص بعض الوحدات لبعض الفنانين مؤقتاً ولفترة محددة لاستخدامها كورش حتى يتم إعادة بنائها أو التصرف فيها وفقاً لاشتراطات المشروع القومي للإسكان.
وتابع البيان: وحيث أن الشركة ترغب في ترميم وإعادة بناء بعض من تلك الوحدات وتقنين أوضاع البعض الأخر، فقد قامت في سبيل ذلك بمخاطبة والتواصل مع شاغلي الوحدات من أجل تقنين أوضاعهم إما من خلال اشتراطات الصندوق بشأن الإسكان القومي أو طبقاً لاشتراطات الهيئة بشأن الإسكان الحر.
وقد أوضحت شركة ساويرس: “من يرغب من ملاك الوحدات الذين تم مخاطبتهم بخصوص وحدات حي الفنانين التوجه إلى إدارة خدمة السكان بالشركة من أجل تقنين ملكيتهم للوحدات”.
صالون فني ودور فعال
على صعيد آخر، قدم الفنانون الذين لهم مراسم بهرم سيتي، صالون فني مبهر، في دار الأوبرا المصرية، قبل عدة سنوات.
مما يعزز، فكرة أن الفنانين، ليسوا بالمستولين على المكان، أو حتى أن عملهم ضعيف، ولا يستحقوا المراسم التي مكثوا يعملون بها لأكثر من 16 عام.