ساحل شمالي آخر أم صفقة جديدة؟.. «رأس البر» بين مستقبل تطوير المدينة واللحاق برأس الحكمة
«ساحل شمالي جديد»، بتلك الدعاية روجت إحدى شركات الاستثمار العاملة في مشروع تطوير مدينة رأس البر باستثمارات تتخطى الـ 10 مليارات جنيه عن نفسها، في الوقت الذي كشفت فيه الحكومة المصرية ملامح خطتها لتطوير هذه البقعة من «يابان مصر» كما وصفها الرئيس الراحل حسني مبارك، فهل تسير على خطى رأس الحكمة؟ .
ملامح مشروع تطوير منطقة رأس البر كشفت عنه الحكومة المصرية ويتضمن مرحلتين الأولى بجنوب رأس البر وتتضمن تنفيذ 1920 وحدة سكنية لتسكين 8 آلاف نسمة، بكثافة سكانية تبلغ 133 شخصًا لكل فدان، ومسجد بسعة 500 مصلي يمتد على مساحة 750 م2، ووحدة صحية بمساحة 600 م2، وسوقا تحتوي على 16 محلًا تجاريًا، وتقع السوق على مساحة 1300 م.
المرحلة الثانية تتضمن تنفيذ 2860 وحدة سكنية، تستهدف عدد سكان يبلغ 11440 نسمة، بكثافة سكانية 159 شخصا لكل فدان، موضحًا أن مساحة العمارة السكنية تصل إلى 523 م2، ومسجدان بسعة 500 مصلي لكل مسجد، وسوقان تشملان 16 محلًا تجاريًا، بالإضافة إلى دار حضانة على مساحة 300 م2، ووحدة صحية على مساحة 600 م.
تطوير منطقة اللسان والممشى السياحي
بدورها كشفت الدكتورة منال عوض محافظ دمياط، عن ملامح مشروع تطوير منطقة اللسان والممشى السياحي بمدينة رأس البر، مُشيرةً إلى أن المشروع يُحقق التطوير الشامل لهذه البقعة السياحية الهامة بمدينة رأس البر، موضحةً أن أعمال التطوير تتضمن تدعيم حاجز الأمواج الغاطس الشمالي بمنطقة الخليج وانشاء حاجز بحري بطول 420 مترًا طوليًا، وحائط بحري بطول 420 مترًا طوليًا بطول الكورنيش، وذلك لحماية الشاطئ.
وأضافت أن المشروع يتضمن إنشاء ساحة المطاعم الرئيسية بإجمالي مُسطح 5200 م2 وهي “ساحة من تشكيلات الجرانيت بمسطح ألفي م2 وباقي المساحة مسطحات خضراء و أشجار، علاوةً على إنشاء ساحة علوية ملحق بها “رامبات” لذوي الهمم، والسلم الرئيسي ومبنى المطعم على مسطح مائتي متر.
وتابعت: كما يشمل المشروع ساحة خارجية وكذلك إنشاء مسرح بسعة 750 فردًا يطل على الكورنيش الرئيسى الذى يقع على مسطح 7 آلاف م2 و يشمل مسطحات خضراء وإنشاء مرافق كاملة ومقاعد ديكورية، بالإضافة إلى مسار دراجات بطول 700 متر طولي يمتد حول جميع ساحات الكورنيش.
وأشارت محافظ دمياط إلى أن المشروع يشمل إنشاء مظلات وأعمال فرش ديكورية، وشبكة ري، وأعمال الزراعة والمسطحات الخضراء، وشبكات التغذية والصرف، وشبكات صرف الأمطار، وأماكن انتظار السيارات و”عربات طعام متنقلة”.
مشروع “رأس البر باي”
شركة «إم بي جي» للاستثمار العقارى، صاحبة الـ 10 مليارات جنيه بدأت رحلة تسويقها المرحلة الأولى لمشروع “رأس البر باي”، والذي حصلت عليه بنظام الشراكة مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، على مساحة 42 فدان.
وأكد الدكتور محمود العدل، رئيس الشركة، أن المشروع عبارة عن سكني سياحي ترفيهي وتجاري، يقع على مساحة 42 فدان، وأنه تم التعاقد مع كبرى المكاتب الاستشارية لتصميم المشروع.
ويتضمن فندق سياحى نظام 5 نجوم، ووحدات فندقية، فضلاً عن تضمنه وحدات سكنية بمساحات مختلفة تلائم كافة الفئات، تبدأ من 60 متر، ويتضمن أيضا مول تجاري ومستهدف أن يضم كبرى العلامات التجارية .
كما أن المشروع يتضمن أول ممشي سياحي بالدلتا بالكامل، بطول 1000 متر، ولسان داخل البحر وبه مرسى لليخوت، فضلاً عن أنه يُعد أول مشروع يتضمن نادى للأطفال”Kids club”، و”CLUB HOUS”، وفيلات وقصور تطل على البحر، ولأول قصر يطل على البحر مباشرةً بمساحة أرض 800 متر، وفندق سياحي، وعدد من الشاليهات.
وأكد أن موقع المشروع له قيمة تاريخية كبرى، حيث كان يجمع الملك فاروق وبعض الأمراء فضلًا عن الرموز الفنية الكبرى منها كوكب الشرق أم كلثوم وكبار الفنانين والملحنين.
المشروع يتضمن لسان داخل البحر، ورومانتيك تراك، 3 مجمعات حمام سباحة، ومجمع للملاعب، ومجمع للأسرة، فضلاً عن تضمنه منطقة تجارية على مساحة 18 ألف متر، ووحدات فندقية .
وأكد أن محفظة استثمارات الشركة تقدر بنحو 50 مليار جنيه، لافتًا إلى أن تكامل عناصر النجاح في مشروع درة باي خطف أنظار العملاء، وهو يمثل أول مشروع سياحي فندقي سكني برأس البر، ويعد أيقونة الجمهورية الجديدة داخل رأس البر.
وأعلن رئيس شركة MBG للاستثمار العقارى، عن موعد تسليم مشروع “رأس البر باى” والمقرر تنفيذه خلال 4 سنوات، من تاريخ استخراج التراخيص، وذلك طبقًا للاتفاق مع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة .
وأشار العدل إلى أن منطقتي الساحل الشمالي ورأس البر، تشهد طفرة تنموية غير مسبوقة، وذلك بسبب اهتمام الرئيس السيسى بالمناطق الساحلية، وتنميتها، وذلك لجذب أكبر عدد من الاستثمارات الأجنبية والمحلية لتلك المناطق، فضلاً عن جعل تلك المناطق مناطق سياحية عالمية تستهدف جذب أكبر عدد من السياح لمصر.
تطوير قرية الصيادين
من جانبه، قال المهندس عمرو خطاب، المتحدث باسم وزارة الإسكان، إن تطوير قرية الصيادين بمدينة رأس البر له بُعد اجتماعي وبيئي وصحي وسياسي أيضًا، مشيرًا إلى أن دمياط من المحافظات الساحلية ومتجه لكل المصريين في الصيف فكان من الطبيعي المحافظة على الجمال وإعادتها لرونقها القديم المعروف في الجزء المصيفي .
وأضاف “خطاب”، أن مدينة رأس البر كان بها مناطق عشوائية وغير مخططة وهو ما يؤثر على أهالي المحافظة بالكامل، موضحًا: “التطوير مش وحدات سكنية بل وحدات تم تشطيبها بكامل الخدمات بجانب تطوير كورنيش النيل برأس البر بالإضافة لتوفير الخدمات والمرافق العامة لأهالى المنطقة، وذكر أنه تم تطوير البنية التحتية بالمنطقة.
كما أن مشروع تطوير شمال وجنوب الصيادين، وفّر حوالي 250 وحدة سكنية كاملة المرافق، موضحًا أنه تم تطوير السوق للصيادين، بعدما كان عشوائيًا وغير منظم وكان به مشكلات كبيرة بالمنطقة، ولكن أقيمت سوق منظمة بها عدد من الوحدات حوالي 192، بالإضافة إلى تطوير الممشى السياحي.
إحياء فكرة مشروع الدكتور البرادعي
المشروع لم يسلم من الانتقادات والتخوفات، حيث قال عبده عبد الباري – أحد رواد مواقع التواصل الاجتماعي ومعني بالشأن العمراني- إن مشروع تطوير شاطئ رأس البر، يُعيد فكرة مشروع تطوير الدكتور البرادعى لرأس البر، حيث سيتم إزالة ممشى البحر، وبيع 50 قطعة لبناء عشش وفيلات صف أول وسيتم طرحها في مزاد لن تقل قيمة القطعة الواحدة عن 30 مليون، مضيفًا: “الكارثة إن الممشى (الكورنيش) هيكون مرتفع وكأنه سور يحجب البحر مثله مثل سوق النيل الحضارى، وتحت الممشي سيتم عمل بوابة دخول امام كل شاطئ بما يعنى تحول الشاطئ كاملا إلى شاطئ مغلق لتضيع هوية رأس البر المعروف عنه مصيف شعبي للطبقة الوسطى والبسطاء من أهل مصر”.
وتابع: تم إخطار أصحاب كافتيريات الشاطئ بمد الفترة الإيجارية لمدة 4 أشهر لحين انتهاء الصيف وبذلك لن يكون هناك مزاد لهذا العام بسبب أعمال تطوير الشاطئ، كما سيتم إزالة ممشى شاطئ رأس البر من 101 وحتى المنطقة الأولى.
وطالب بعرض خطة التطوير على أهالي المحافظة و الاستعانة بشركات كبيرة وتشكيل لجنة موسعة تضم متخصصين ومهندسين كبار بينهم المهندس ممدوح حمزة كأحد أبناء دمياط، وكذلك الدكتور محمد فتحى البرادعى المحافظ الأسبق ووزير الإسكان.
محذرًا من تكرار كارثة وكابوس مدينة الأثاث وطريق مشرفة كورنيش النيل وحديقة بنت الشاطئ وسوق النيل الحضارى، عاوزين دراسة وخطط مدروسة وتصميمات عالمية تليق برأس البر.
وشدد: فى حاجات بتحصل من تحت لتحت، غسيل أموال لأشخاص من خارج المحافظة بدأوا يشتروا عشش صف أول وثاني نظرًا لارتفاع الأسعار بعد أعمال التطوير وتحويل بعض العشش لفنادق.
هل يتكرر سيناريو مدينة الأثاث
في مايو 2017 بدأت الدولة أعمال إنشاءات مدينة الأثاث بقرية شطا في محافظة دمياط، على مساحة 331 فداناً، بعد ردم وتجفيف أجزاء من بحيرة المنزلة لإقامة المشروع عليها.
تضمن المشروع 54 هنغاراً تشتمل على 1348 ورشة متوسطة، وفي ديسمبر 2019، افتتح الرئيس السيسي المدينة معلناً إياها مشروعاً قومياً “سينقل صناعة الأثاث المصرية نقلة عالمية”، ولكن بعد أن تم تدشين المدينة برأس مال 3.625 مليار جنيه مصري، لم تحقق المدينة العائد المرجو .
ولم تتخطى عدد الورش المباعة 440 ورشة فقط من أصل 1348. كما أن الدولة لم تنجح سوى في بيع 32.6% من ورش المشروع، بينما بلغت نسبة الورش التي لم تباع 67.4%. ولا تتخطى نسبة التشغيل سوى أكثر قليلاً من نصف الورش المُباعة.
ووسط الحديث عن نقلة نوعية لسوق صناعة الأثاث تعثر كثيرون من أرباب تلك الحرفة، يقول أحمد مغازي أحد أصحاب الورش: “نحن الآن مطالبين بسداد أقساط متأخرة تزيد عن 3 آلاف جنيه للشهر الواحد، يطالبوننا أيضًا بدفع ثلاث دفعات مقدمة للتنازل عن دعاوى قضائية ضدنا، ناهيك عن المقدم الذي يتجاوز 40 الآف جنيهًا للورشة، ذلك بعدما لجأ بعضنا بسبب التعثر إلى الحصول على قروض من البنوك، تتعاقد معها الجهات المالكة على الأغلب، وفق فائدة معلنة .
ووفق تصريحات سابقة لمحمد الحطاب، المستشار الأول لنقابة صناع الأثاث المستقلة في دمياط، فإن مشروع مدينة الأثاث فشل لأنه لم يراع العديد من الجوانب، أبرزها أن هذه المنطقة لا تضم مطارًا لاستقبال المستثمرين الأجانب، وفنادق خاصة لإقامتهم. علاوة على أنه لا يمكن أن يتشارك أكثر من صانع لشراء ورشة 50 مترًا. فالدمايطة كان ينقصهم التسويق والدعم، وليس مدينة جديدة .