إغلاق في مواعيد محددة للمحلات في مصر، قرار أصدرته الحكومة المصرية برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، في مشهد يعيد للأذهان ما حدث إبان فترة الإغلاق وقت فيروس كورونا، حيث ما زالت هذه المحلات تعاني للعام الرابع على التوالي، منذ بداية الجائحة وحتى الآن.
مشهد يتنافى مع سمعة القاهرة الساهرة حتى الصباح، النابضة بالحياة، لتكون الأوامر “أن اغلقوا في هذه المواعيد”، وسط استياء من أصحاب المحلات، بسبب الخسائر التي سيتعرضون لها نتيجة الإغلاق، فهل يحقق هذا الإغلاق الأهداف التي أرادتها الحكومة أم لا؟.
ترشيد الاستهلاك
علل الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء قرار الإغلاق الجديد، من أجل ترشيد استهلاك الكهرباء.
ويقضي القرار الجديد الذي أصدرته الحكومة بغلق المحال التجارية من الساعة العاشرة مساءً، باستثناء السوبر ماركت والصيدليات والمولات، والتي سيتم إغلاقها عند منتصف الليل، مع زيادة ساعة واحدة يومي الخميس والجمعة وأيام الإجازات الرسمية.
وفي حوار مع أحد أصحاب المحلات التجارية، “سوبر ماركت” قال لنا إن هذا القرار لن يرشد الكثير من استهلاك الكهرباء.
وأكد في حديثه، أن المحل التجاري الخاص به متوسط المساحة، “ويمتلك به حوالي 12 ثلاجة عرض، وعدد 6 فريزر للتجميد، ومبرد للألبان، مشيراً إلى أن هذه الأجهزة الكهربائية لن تتوقف عن العمل، وذلك حتى لا تفسد البضاعة.
وتابع الرجل أن قرار الإغلاق الجديد سيمنعه من العمل منذ 12 وحتى الساعة 7 صباحاً، مؤكداً أن هذا الترشيد سيشمل عدد لمبات “ليد” موفرة فقط، وستظل باقي الأجهزة الكهربائية تعمل حتى الصباح.
الترشيد والصيف
قرار ترشيد الاستهلاك، مع زيادة معدلات استهلاك الكهرباء في فصل الصيف، وضع أصحاب المحلات في حيرة من أمرهم، مؤكدين أن هذا الوقت هو ذروة العمل بالنسبة إليهم.
صاحب محل “حلاقة” في أحد أحياء القاهرة، رفض ذكر اسمه، قال: “إن مهنته تتعلق بفئة معينة، لا تمتلك وقت فراغ غير بضع ساعات في اليوم، وأن قرار الإغلاق سيفقده نصف ذروة الوقت بالنسبة إليه.
وأشار الرجل إلى أن زبائنه يعملون طوال اليوم، ومن ثم فإنني أحتاج إلى فتح المحل عدة ساعات إضافية لاستقبال الزبائن.
وتابع الرجل أن المحل منذ 3 عقود من الزمن، في عهد والده، كان يغلق قبل صلاة العشاء، ويرجع السبب إلى أن معظم الزبائن حينها كانوا يعملون حتى الساعة الثانية ظهراً فقط، مضيفاً، “أما الآن فقد تغير الوضع”.
وطالب الرجل، بأن يتم النظر من قبل الحكومة، في بعض أنشطة المحلات التجارية، مع أخذ الضمانات الكافية لترشيد استهلاك الكهرباء أثناء فترات العمل.
وشدد الرجل على أن كل ما يتم تشغيله في المحل هو مروحة سقف و4 لمبات موفرة، يتم إغلاق 3 منها في حال عدم وجود زبائن بالمحل.
تهديد للسياحة
أصحاب المحال التجارية السياحية، في القاهرة والمدن الساحلية، أعربوا عن استيائهم من القرار الجديد للحكومة.
والذي قال رئيس الوزراء عنه، إنه يستهدف ترشيد استهلاك الكهرباء، ومواجهة تخفيض الأحمال، بتنسيق بين وزارتي الكهرباء والتنمية المحلية.
إلا أن القرار الجديد اعتبره أصحاب المحلات السياحية، المسمار الأخير في نعش تجارتهم، والتي تأثرت بداية من ثورة يناير، والأحداث التي تلتها، حتى جاء حادث الطائرة الروسية.
صاحب أحد البازارات السياحية في خان الخليلي، قال إن وضع المحلات التي تعمل بمجال السياحة أصبح مزرياً للغاية، في ظل انقطاع الكهرباء 3 ساعات يومياً، وتوقف النشاط التجاري حينها، إضافة إلى ساعات الظهيرة التي ترتفع فيها درجات الحرارة، ويقل على إثرها عدد السياح بالشوارع.
وطالب صاحب المحل الحكومة بالتراجع عن القرار لمصلحة السياحة والعاملين بها، مؤكداً أن ذروة أعمالهم تبدأ من الساعة العاشرة مساءً وهو موعد الإغلاق، ويستمر حتى الثالثة صباحاً، وأحياناً يمتد العمل إلى الساعة السابعة صباحاً، ليتم إغلاق المحل بعدها، وهو الوقت الذي تسمح الحكومة فيه بفتح المحل مرة أخرى، متسائلاً، “مين هيشتري الساعة سبعة صباحاً؟”.
تنفيذ قرارات الإغلاق
قانون المحلات العامة ينص على، “أنه في حالة عدم التزام أصحاب المحلات بالآداب العامة، أو مخالفة شروط السلامة والصحة المهنية والحماية المدنية وتشكيله خطراً على الأمن العام، يتم تغريم كل مخالف بمبلغ لا يقل عن 20 ألف جنيه ولا يزيد عن 50 ألف جنيه، وأحياناً تصل العقوبة إلى السجن لمدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد عن سنة”.
أحد أصحاب المحلات التجارية وبسؤاله، هل سيلتزم بالقرار الجديد؟
قال، “إنه ملتزم بهذا القرار خشية أن يتعرض لموقف لا يحسد عليه، قائلاً، “أقل حاجة، هيجي واحد من دور عيالي يقول لي كلمتين ملهمش لزمة”، مضيفاً، “وبعدين ممكن ادفع غرامة والوضع أصلاً لا يحتمل”.
أحد العمال في محل تجاري، نشر عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي قصته، وسط تفاعل كبير من المتابعين.
وتحدث العامل عن قرار صاحب المحل بالاستغناء عنه، حيث كان يعمل في الفترة الليلية، وتساءل العامل، ماذا يفعل في هذه الحالة؟، مطالباً الحكومة بتوفير وظيفة له.
قرار الإغلاق هل يحل المشكلة؟
قال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء إن وقف قطع التيار الكهربائي سيتوقف بداية من الأسبوع الثالث في شهر يوليو الجاري، مع وصول شحنات إضافية من المازوت والغاز الطبيعي الأسبوع الحالي.
ولكن لم يتحدث رئيس الوزراء عن إمكانية التراجع عن قرار الإغلاق بعد حل المشكلة، ليتساءل أصحاب المحلات، هل يمكن أن تتراجع الحكومة عن الإغلاق، بعد حل المشكلة في الموعد الذي حددته الحكومة؟