كيف تعيش القاهرة في ظل استضافة 10 ملايين شخص؟
خبير ثقافي: هناك ملايين من الأشخاص دخلوا مصر دون وجود بيانات لهم وهذا يضر بهم وبالمصريين.
ما بين حروب ونزاعات وحروب أهلية في بلاد شقيقة، استقبلت مصر نحو 10 ملايين شخص البعض منهم دخل بشكل قانوني ومسجل وله بيانات، والبعض الآخر ربما بطرق غير معروفة لدى الدولة، ولكن وجودهم أمر واقع رحب به البعض واعتبروه التزام اخلاقي على المصريين مع جيرانهم ورفضه البعض الآخر بسبب التداعيات الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن في هذه الفترة.
بطبيعة الحال رفض أو قبول الأمر لم يعد منه فائدة لكونه أمر واقع، ولكن الأهم كيف تتعايش تلك الثقافات المختلفة بتلك الأعداد الكبيرة مع بعضها البعض، وهل تلك الاعداد المليونية تشكل عبء على المصريين، أم أنها كنزا يمكن للدولة المصرية استثماره، اقتصاديون ومثقفون يوضحون الوضع الذي تعيشه القاهرة مع تلك الاعداد وما يجب على الدولة اتباعه لتقنين الأمر.
في أبريل الماضي، كشف رئيس وفد الاتحاد الأوروبي بالقاهرة كريستيان بيرجر أن الاتحاد الأوروبي خصص 2 مليون يورو لمصر لمساعدتها في احتواء اللاجئين والوافدين السودانيين الجدد.
قالت هدى الملاح، مدير عام المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، أنها ترى أنه بعد استضافة مصر لنحو عشر ملايين لاجئ، بأن يكون هناك أزمات اقتصادية كثيرة على الدولة المصرية، وغلاءً في الأسعار العالمية، وليس في مصر وحدها، ومشيرة إلى أن مصر تعتبر من أكثر الدول التي ارتفعت بها الأسعار، حيث أن إنتاجنا الذي يعتمد على السلع الوسيطة، يتم الذي يتم استيرادها من الخارج، وبالتالي فإن الدولار يرتفع أمام الجنيه المصري، والقيمة الشرائية بالنسبة للدولار مرتفعة أمام الجنيه المصري.
تضخم في الأسعار بسبب زيادة الطلب عليها
ولفتت إلى أنه بعد قدوم عشرة ملايين لاجئ إلى مصر، يعيشون بها ويشاركون المصريين في أعمالهم وغذائهم، أدى ذلك إلى حدوث تضخم في ارتفاع مستوى الأسعار، حيث أصبح الطلب أكثر من العرض، وبالتالي حدث تضخم وارتفاع في الأسعار، موضحة أنه يجب على الحكومة أن تقنن أوضاع اللاجئين هذه الفترة، وخصوصًا القادمين من السودان الشقيق.
وأوضحت الملاح أن مصر بالرغم من حالة التدهور الاقتصادي التي تمر بها، وغلاء الأسعار، ولكنها لؤلؤة تهتم بالبنية التحتية الكبيرة، وأن المواطن المصري هو من دفع ثمن هذه البنية وتحديداً بعد غلاء الأسعار، لافتة إلى أن البنية التحتية والمشاريع التي تنفذها الدولة أدت إلى جذب استثمارات أجنبية، ونحن نحتاج إلى تسويق للاستثمارات التي قامت بها الدولة المصرية، حيث قامت الدولة بعمل عاصمة إدارية ذكية، والروبكي، فنحن نحتاج أن نستثمر في البنية التحتية، ولكن بقدوم اللاجئين ازدادت الأسعار وخصوصا أسعار العقارات.
لكل دولة نسبة معينة من اللاجئين
وأشارت إلى أن لكل دولة نسبة معينة لاستقبال اللاجئين، وأن مصر تخطت هذه النسبة، فيمكن أن يكون في وسط اللاجئين، أشخاص أجانب يضروا بالأمن الوطني، وبعد زيادة نسبة استقبال اللاجئين في مصر، ارتفعت الأسعار، كما زادت معدلات البطالة، وعدم وجود رقابة على الأسواق أيضًا له دوراً في زيادة الأسعار.
وأكدت أنه يجب لتصليح هذه الأوضاع، أن تقوم الدولة بتقليل أعداد اللاجئين، وذلك لأنه كلما ازداد الطلب، وقل العرض ارتفع السعر، ويأتي دور تفعيل الرقابة على الأسعار في الأسواق، والرقابة أيضا على الإيجارات، ووجود بورصة لهذه الإيجارات في العقارات مثل بورصة الفراخ، وبورصة الذهب، حتى تصبح الأسعار مُقننة بوجود بورصة للسلع بمختلف أنواعها.
استقبال تلك الأعداد التزام أخلاقي
بينما منى عزت، خبيرة الاقتصاد، قالت إن الالتزام الأخلاقي يستوجب أن تستضيف مصر اللاجئين، فهي لها دوراً إيجابياً في هذا الصدد، والتعامل مع قضايا اللاجئين واستضافتهم، وأن هذا الملف يمثل أهمية قصوى للدولة المصرية، مشيرة إلى أن دولة السودان مهمة لمصر على مختلف الأصعدة، ولذلك يجب المحافظة على العلاقات الوثيقة بين الشعبين، فهي مسألة بالغة الأهمية، حيث أنها تصب في المصالح الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لمصر.
وتابعت خبيرة الاقتصاد، أنه بمجرد وصول اللاجئين إلى مصر، يقوم هؤلاء اللاجئين بفتح مشاريع وأعمال خاصة بهم، وأن هذا يفيد حركة الاقتصاد، موضحة أن السودانيون على سبيل المثال يقومون بفتح مدارس خاصة لهم، لمزاولة العملية التعليمية الخاصة بهم.
وأوضحت عزت، أن المصريين هم من استغلوا فكرة الإيجارات، وليس اللاجئين، كما يحدث في أشكال الاستغلال الأخرى التي نعاني منها نتيجة غلاء الأسعار، وعدم وجود ضوابط لضبط السوق، وبالتالي فكرة عدم انضباط السوق مرتبطة بممارسات مصرية نعاني منها منذ فترة، وليست مرتبطة باللاجئين، ولكن هذا لا يعني أن يقوموا بفتح مشاريعهم دون ضوابط، حيث يقومون بعمل التراخيص اللازمة لهذه المشروعات، أو الأعمال الخاصة بهم.
تقنيين مشاريع اللاجئين
وأضافت أن المدارس التي يفتحها اللاجئون، يجب أن تكون مقننة، وتحت إشراف الحكومة، فهي مسألة في غاية الأهمية، كما يجب عليهم رعاية عادات وتقاليد المجتمع الذي يلجؤون إليه، وأن يحافظوا على الأبعاد الشخصية والاجتماعية والثقافية للمجتمع.
وعن كيفية استثمار تلك الكتلة ثقافيا وفنيا، قال محمد عبد الباسط، الخبير الثقافي، إنه يجب النظر إلى الأشخاص أولاً، إذا كانوا لاجئين أم ضيوف، لأن هذا الاصطلاح سيحدد الطريقة التي يتم بها التعامل معهم، إضافة إلى معرفة الفئات، ووظائفهم، وذلك لأنه من الضروري اقتراح كيفية الاستفادة منهم، وأن هذه المعلومات غير متوفرة، لأن جانب منهم جاءوا إلى مصر بدون تسجيل، أو بشكل غير قانوني.
وتابع الخبير الثقافي، أنه يوافق على الدور الذي تفرضه علينا الأخوة والجيرة والمصالح، كمصالحنا في السودان، ومصالحنا أيضاً في سوريا، فهي مصالح كبيرة ومهمة، ولكن هذا الدور هو أخلاقي ودور استراتيجي، ولكن هذا لا يمنع عملية التنظيم، مشيراً إلى أنه يجب معرفة الفئات التي تدخل مصر ووظائفهم، وإذا كانوا يدخلون كلاجئين، وفي هذه الحالة يوجد وضع آخر تفرضه علينا المنظمات الدولية والقوانين الدولية، فهي تفرض علينا طرق التعامل، والطريقة التي يتلقى بها هؤلاء الدعم، وما يجب على الدولة المضيفة أن تقوم به.
توزيع اللاجئين يساهم في حل الزيادة السكانية
وأكد أن غياب المعلومات عن هؤلاء اللاجئين يجعل أي كاتب غير قادر على التفكير، موضحا أنهم يتواجدون في مناطق مزدحمة بالأساس، مثل منطقة فيصل، والهرم، فهي مناطق شديدة الازدحام، وبالتالي سيصبحون عبئا على المؤسسات الثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، وحتى السكانية، لأنها منطقة بطبيعتها مزدحمة بسكانها، وخصوصًا أنهم فئات متنوعة من رجال ونساء وأطفال وشيوخ، وبالتالي سيمثلون عبئا على النظام الأمني أيضًا.
وعن تأثريهم في ثقافة المجتمع المصري واكسابها نكهة مختلفة، أكد عبد الباسط أنه طبقًا لطبيعة الأماكن المتواجدون بها المزدحمة لابد أن يكون هناك اكتساب لبعض الثقافات من قبل الجانبين بحكم الاحتكاك المستمر.
المهاجرون مساهمون في النهضة الثقافية
وأوضح أن مصر تعرف الهجرات من الدول المجاورة منذ قديم الزمان، مثل الهجرة من سوريا، أو الشام تحديدًا، والدليل على ذلك أن جريدة الأهرام، وجريدة دار الهلال انشأها مثقف كبير، وكبار كتاب هاجروا من الشام إلى مصر، وكانوا في ذلك التوقيت كوادر، وكانوا أيضًا سببًا في حدوث نهضة ثقافية، بالتعاون مع المثقفين المصريين، ولكن كانوا فئات محدودة، وأسماءً محدودة، لافتاً إلى أن هؤلاء الأسماء كانوا مطلوبين أمنيًا من السلطة في ذلك الوقت، وبالتالي كان وجودهم في مصر، مرحب به ومُبرر، وكان وجودهم أيضا مفهوم وواضح، وبالتالي نستطيع أن نتحدث عنهم كضيوف، ولم تكن الهجرة بأعداد لا حصر لها مثل الآن.
اقرأ أيضًا:
تهديد لحياة المصريين.. تعليق النواب على اتفاقية عنتيبي
مؤتمر القاهرة للقوى السياسية السودانية..خطوة مصرية ناجحة لحل الصراع الدائر فى السودان
كواليس العبور لمصر من معبر رفح.. مأساة يرويها نازحون
لجوء شعوب دول الصراعات للأمان في مصر
جهود مصرية لتقنيين أوضاع السودانيين في مصر