سياسة

ماذا قدمت الوساطة المصرية خلال عام من العدوان على غزة؟

مرّ أكثر من عام على اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، فيما سعت الوساطة المصرية المستمرة إلى وقف إطلاق النار ومنع توسع نطاق الصراع. إلا أن الحرب استمرت، بل وامتدت الغارات الإسرائيلية لتشمل لبنان، مستهدفة مواقع حزب الله في الجنوب.

 

وأكد خبراء أن الدور المصري ظل فاعلاً رغم تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو واستمراره في عمليات القتل والتدمير، مشيرين إلى أن القاهرة تمكنت من إحباط مخططات إسرائيلية كانت تهدد بتغيير خريطة المنطقة بأكملها، ولولا تدخل مصر لكانت إسرائيل قد بدأت في تصفية القضية الفلسطينية.

 

 

قال الدكتور عماد جاد، نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والمتخصص في الشؤون الفلسطينية، إن مصر أفشلت مشروعاً صهيونياً كان يقوده نتنياهو، يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهل غزة إلى سيناء بمصر ثم تهجير أهل الضفة الغربية إلى الأردن، واحتلال كامل الأراضي الفلسطينية، إلى جانب ضرب لبنان والقضاء على كل فصائل المقاومة.

 

وأضاف جاد، في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أن مصر تفاجأت بأحداث 7 أكتوبر 2023، والتي تبعتها غارات إسرائيلية عشوائية على غزة، لم تفرق بين حماس والمدنيين، ورغم ذلك، ظلت ثابتة في مساعيها لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى غزة عبر معبر رفح، إلى جانب التوسط مع الولايات المتحدة وقطر والمنظمات الدولية لإنهاء الحرب.

 

 

 

تعجب جاد من مطالبات البعض مصر بالتدخل العسكري، موضحاً أن اتخاذ قرار الحرب يخضع لحسابات معقدة، وأن أي خطوة عسكرية مصرية ضد إسرائيل ستترتب عليها كارثة، مشيرًا إلى أن هناك قلقاً أمريكياً وأوروبياً كبيراً من تدهور العلاقات بين القاهرة وتل أبيب.

 

كما أوضح أن القوات المسلحة المصرية تدافع عن السيادة الوطنية وأمن مصر القومي، وأن الضعف والانقسام العربي يعزز من ضرورة اتخاذ قرارات سياسية حكيمة، تحفظ أمن مصر القومي دون تهور، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية تبقى هي الأولوية الأولى لمصر، لكن التعامل معها يجب أن يكون بعقلانية وحسابات دقيقة لتجنب الانجرار في صراع مدمر.

 

وأشار نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية إلى أزمة دبلوماسية متصاعدة بين إسرائيل ومصر، خاصة بعد احتلال إسرائيل معبر رفح ومحور فيلادلفيا، لافتًا إلى أن نتنياهو تجاهل النداءات الدولية، بما في ذلك نداءات الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي انتقد بشدة استمرار نتنياهو في الحرب دون بذل جهود كافية للوصول إلى اتفاق.

 

وكان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، انتقد نتنياهو خلال توجهه لاجتماع حول حرب غزة مع أعضاء إدارته سبتمبر الماضي، قائلاً: “لا أعتقد أن نتنياهو يبذل ما يكفي من الجهد لضمان التوصل لاتفاق”.

 

وتجنبت نائب الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، والمرشحة المحتملة للحزب الديمقراطي في الانتخابات الأمريكية المقبلة، خلال مقابلة مع شبكة CBS يوم الاثنين 8 أكتوبر الجاري، الرد على سؤال حول ما إذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حليفًا مقربًا للولايات المتحدة، وردت بأن “الشعبين الأمريكي والإسرائيلي هما الحليفان المقربان”، ما يعكس الحرج الذي تعاني منه الإدارة الأمريكية في التعامل مع نتنياهو، خصوصًا مع تصاعد الانتقادات حول سياسة إسرائيل في المنطقة.

 

وأضاف المتخصص في شؤون القضية الفلسطينية أن مصر قامت بالدور الأكبر في دعم القضية الفلسطينية إقليميًا ودوليًا، بعد محاولات التصفية التي كان يسعى لها الكيان الصهيوني ورغم ذلك، لم تستطع القاهرة إيقاف الحرب والقتل؛ نتيجة تقاعس العالم والمنظمات الدولية والدول الكبرى ومساندتها للعدوان الاسرائيلي.

 

 

 

من جانبه، أشار الدكتور نجاح الريس، عميد كلية السياسة والاقتصاد بجامعة قناة السويس، إلى أن الدور المصري الثابت يقوم على انتهاج سياسة السلام والاستقرار، ودعم جهود المجتمع الدولي لوقف الحرب في غزة ولبنان، مؤكدًا أن الوساطة المصرية مع القوى الكبرى لن تتوقف لحماية أرواح المدنيين.

 

وأضاف الريس في تصريحات خاصة لمنصة “MENA” أن القاهرة تلعب دوراً محورياً في الوساطة بين إسرائيل وحماس بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة، إلا أن مساعيها لم تحقق تقدماً ملموساً في وقف الحرب، مشيراً إلى أن نتنياهو استمر في تصعيد الموقف واستفزاز مصر بالسيطرة على معبر رفح ومحور فيلادلفيا.

 

وفي الجلسة الطارئة لمجلس الأمن بشأن الوضع في فلسطين، يوم 4 أكتوبر، ندد وزير الخارجية والهجرة المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، بتوسع إسرائيل في رقعة الصراع، مجدداً مطالبة تل أبيب بالانسحاب من معبر رفح ومحور فيلادلفيا.

 

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن القاهرة تمسكت بموقفها الرافض للتصعيد وعدم الانجرار إلى حرب مدمرة في المنطقة. وقد تحملت مصر خسائر مادية كبيرة بسبب تهديدات جماعة الحوثي للملاحة في جنوب البحر الأحمر، على أمل أن تتوقف حدود الحرب عند قطاع غزة، إلا أن المنطقة أصبحت على فوهة بركان، مع اقتراب إيران من حرب انخرطت فيها أذرعها المختلفة في المنطقة.

 

 

 

أوضح الريس أن القاهرة حذرت من خطر انفجار إقليمي، وتسعى جاهدة لمنعه عبر وساطات مع عدة أطراف، حيث تعاملت بحذر مع التطورات في محور فيلادلفيا. لكن العديد من عناصر الصراع ليست تحت سيطرتها. فبعد تدخل حماس، ثم حزب الله، وربما إيران، يمكن أن تنفلت الأمور في المنطقة، مع صعوبة التحكم في قواعد الحرب أو الجهات المتورطة فيها.

 

وأضاف أستاذ السياسة والاقتصاد أن القاهرة تتواصل مع كافة الدول والمنظمات الدولية لتجنب الوصول إلى نقطة اللاعودة، مشيرًا إلى أنها لن تتردد لحظة في الدفاع عن أمنها القومي. ورغم أنها لا ترغب في الانخراط في صراع إقليمي، فإنها حذرت مرارًا من خطورة الحرب في غزة، التي تُعد الشرارة الأساسية للأحداث التي تجري في المنطقة والتي يصعب حصر تداعياتها في نطاق محدد.

 

 

أكد الريس أن مصر تسعى إلى ضبط النفس، مدركةً رغبة بعض الأطراف في جرها إلى صراع إقليمي. وأشار إلى أن التصعيد بين إيران، التي تتعارض مصالحها مع مصر ولها أطماع في المنطقة، وبين إسرائيل، التي يمتلك رئيس حكومتها طموحات إقليمية لتغيير واقع المنطقة بما يخدم مصالحه، لن يستثني أحدًا.

 

 

 

أكد اللواء إبراهيم المصري، وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري، أن مصر لم تدخر جهدًا من أجل تقديم مختلف أوجه الدعم لأشقائنا في فلسطين، والوقوف بقوة ضد تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني على حساب دول الجوار. كما عملت مصر على توفير المساعدات الإنسانية والإغاثية بكافة أشكالها.

 

وأوضح وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب في تصريحات خاصة لمنصة “MENA” أن مصر دفعت الكثير من الدماء والأرواح والتكلفة المادية على مدار التاريخ لمساندة القضية الفلسطينية ودعم الأشقاء في فلسطين، وستظل عازمة على مواصلة الجهود حتى إقرار الحق الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.

 

وأشار اللواء إبراهيم المصري إلى رسائل الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال تفقده تفتيش حرب الفرقة السادسة المدرعة بالجيش الثاني الميداني، موجهًا لمن يفكر في معاداة الدولة المصرية، مشددًا على استعداد القوات المسلحة المصرية للدفاع عن الأمن القومي المصري في أي وقت.

 

 

وأكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، يوم الثلاثاء 8 أكتوبر الجاري، أن موقف الدولة المصرية ثابت تجاه القضية الفلسطينية، وهو إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.

 

وأضاف وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي أن الموقف المصري الداعم دائمًا للقضية والشعب الفلسطيني تاريخي وإنساني. وأكد أن موقف القيادة المصرية الرافض لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة أنقذ القضية الفلسطينية من التصفية، مشددًا على أن مصر لم ولن تتخلى عن الأشقاء العرب وسعيها لاستعادة الاستقرار في المنطقة.

 

وأكد أن التحركات المصرية أوقفت هذا المشروع، وأعلنت صراحة بشكل مباشر وغير مباشر أن القوات المصرية في أتم استعداد للدفاع عن أمنها القومي وسيادتها الوطنية، ومستعدة للحرب في أي وقت. مشيرًا إلى أن إسرائيل تدرك ذلك تمامًا ولا يمكن أن تنجر إلى حرب مع القاهرة، باعتبار الجيش المصري الأقوى في الشرق الأوسط بلا منازع. لكن تل أبيب حاولت الضغط بوسائل مختلفة لتحقيق مخططها، وهو ما لم تنجح فيه.

 

وكان المتحدث العسكري المصري، العقيد غريب عبد الحافظ، قد أعلن يوم الأربعاء 2 أكتوبر أن رجال القوات المسلحة يبذلون جهودًا مضنية لمواجهة التحديات الراهنة وغير المسبوقة على كافة الاتجاهات الإستراتيجية، مؤكدًا دعم قدرات وإمكانات كافة الأفرع الرئيسية للجيش بأحدث نظم التسليح لحماية الأمن القومي المصري وتأمين المقدرات الاقتصادية على جميع الاتجاهات الإستراتيجية للدولة.

 

قال وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي المصري إن القاهرة تدرك أن إسرائيل تحاول قدر الإمكان تهديد مصر واستقرارها، لكنها لا تفكر مطلقًا في الدخول في صراع عسكري مباشر مع مصر، لأنه يعني تدمير المنطقة بالكامل، خاصة مع تدخل أكيد لأطراف أخرى داعمة للكيان الإسرائيلي، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن القاهرة ستدعمها قوى كبرى، مما سيجعل الحرب مدمرة.

 

وأضاف أن نتنياهو يهاجم مصر حاليًا بعد فشل مشروعه الحقيقي المتمثل في تهجير الفلسطينيين واحتلال الأراضي الفلسطينية بالكامل، مما جعل حربه بلا هدف، وتصميمه على التهجير يعد إعلان حرب مع مصر، ويمثل نهاية اتفاق السلام مع مصر والأردن.

 

ولفت إلى أن ما يسعى إليه نتنياهو من خلال حربه على لبنان حاليًا هو صناعة منطقة عازلة حتى نهر الليطاني وعودة الإسرائيليين إلى منطقة الشمال الإسرائيلي.

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية