سياسة

ما دلالات الاتصال المصري “بالإدارة السورية الجديدة”؟

مع نهاية ديسمبر من العام المنقضي 2024، نشر أسعد الشيباني، وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال السورية، تدوينة عبر منصة التواصل الاجتماعي “X”، قال فيها إن الحكومة السورية الجديدة تتطلع إلى بناء علاقات “هامة واستراتيجية” مع مصر.

 

وأشار كذلك إلى أنه من الضروري واللازم على سوريا ومصر احترام سيادة كل منهما، وذلك في سياق عدم التدخل في شؤون أي منهما.

 

تبدو تطلعات إقامة علاقة جديدة بين النظام السوري الجديد ومصر مبادرة من طرف سوريا فقط، إلى أن قام بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، بإجراء اتصال مع نظيره أسعد الشيباني قبل عدة أيام.

 

وقوف مصر مع سوريا

 

وبحسب بيان الخارجية المصرية، أكد الوزير المصري خلال المكالمة على وقوف مصر بشكل كامل مع الشعب السوري الشقيق ودعم تطلعاته المشروعة، مع دعوة كافة الأطراف السورية في هذه المرحلة الفاصلة إلى إعلاء المصلحة الوطنية.

 

كما شدد على دعم الاستقرار في سوريا والحفاظ على مؤسساتها الوطنية ومقدراتها ووحدة وسلامة أراضيها. ووفقًا لما أعلنته الخارجية المصرية، فإن مصر تأمل أن تتسم عملية الانتقال السياسي في سوريا بالشمولية، وأن تتم عبر ملكية وطنية سورية خالصة دون إملاءات أو تدخلات خارجية، بما يدعم وحدة واستقرار سوريا وشعبها بكل مكوناته وأطيافه ويحافظ على هويتها العربية الأصيلة.

 

 

 

بهذا الصدد، يقول السفير معصوم مرزوق، السياسي والدبلوماسي، إن العلاقات بين مصر وسوريا علاقات تاريخية. وأكد أن سوريا، من الناحية الاستراتيجية، دولة مهمة جدًا في الشرق الأوسط، وبالتالي من الطبيعي الاهتمام بما يحدث فيها. وأضاف أنه كان متوقعًا حدوث تواصل بين الخارجية المصرية ونظيرتها السورية في حكومة تصريف الأعمال.

 

يرى مرزوق، في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أن ما يحدث في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد يتطلب تحركًا تقدره القيادة السياسية في مصر، خاصة في ظل ظروف قد لا تكون واضحة الإجابة عليها الآن. وأشار إلى أن من الأفضل ألا يمر وقت طويل دون وجود وفد مصري في دمشق أو وفد سوري في القاهرة، لأن ذلك سيساعد في حل المشكلات القائمة والإجابة على التساؤلات إذا كانت موجودة.

 

وأضاف: “لا توجد علاقات بين أي بلدين إلا ويكون هناك داعٍ لجلسات لمناقشة وجهات النظر. وبما أن لدينا علاقات مع إسرائيل، وتناميًا في العلاقات مع تركيا وإيران وقطر، فلا مشكلة من إقامة علاقات جديدة مع النظام السوري الحالي. ولا أظن أن المشكلات مع سوريا يصعب التوصل إلى حلول لها. وبالتأكيد، النظام السوري في حاجة شديدة إلى مصر في الفترة الحالية، سواء من النواحي القانونية أو الدبلوماسية أو إنشاء دستور جديد”.

 

 

مستقبل السوريين في مصر

 

ويستطرد السفير والدبلوماسي في تصريحاته الخاصة لـ”MENA“: “هناك سوريون موجودون بطبيعة الحال في مصر وكذلك خارجها. أما بالنسبة لقرار منع دخول السوريين القادمين من أي بلد دون تصريح سفر أو موافقة أمنية، فلا أظن أن ذلك سيدوم طويلاً. والحقيقة أن سوريا تحتاج لجهد سنوات للنهوض مرة أخرى، وبالتالي من الضروري وجود استثمارات مصرية للمساهمة في إعادة البناء. وإذا صح صدور قرار بمنع دخول السوريين إلا في شروط معينة، فالحكومة هي من لديها المعلومة ويجب أن توضح الأمور للرأي العام”.

 

كما انتقد مرزوق الإعلام المصري لتغاضيه عن التحاور مع النظام السوري الجديد، وتسليط الضوء على مظهره الخارجي مثل لحيته أو عدم مصافحته للسيدات، بدلًا من التركيز على أهمية إقامة حوار مع السلطة السورية، وكذلك تنظيم نقاشات بناءة مع متخصصين لتحليل ما تقوم به الإدارة السورية.

 

جس النبض

 

وافق كثيرون، رغم التخوفات والاعتراضات على النظام السوري الجديد، على مكالمة بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، لنظيره أسعد الشيباني في حكومة تصريف الأعمال، بداعي جس النبض ومتابعة الأوضاع.

 

 

وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور عبد المنعم سعيد، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام والمصري اليوم الأسبق، أن ما قام به وزير الخارجية بدر عبد العاطي هو متابعة الأوضاع في سوريا، مع إبداء وجهة نظر مصر التي تتجه نحو التكامل الإقليمي للدولة السورية، والحفاظ عليها في ظل نظام سياسي يشمل جميع الطوائف والأديان، من أجل تحقيق التنوع في نشاطات سوريا.

 

وأضاف سعيد في تصريحاته الخاصة لمنصة “MENA“: “أرسلت مصر مساعدات طبية وغذائية إلى دمشق كنوع من التعاون وتقديم المساعدة الممكنة للشعب السوري، وهو نفس الأمر الذي قامت به السعودية والإمارات وقطر. وبذلك يتضح أن هناك محاولة من الأقطار العربية لمساندة الوضع السوري، لتخطي حالة التوتر والخوف من بعض الطوائف السورية، وخلق قنوات اتصال، خاصة أن سوريا عضو في الجامعة العربية”.

 

وتابع سعيد أن إرسال وفد مصري إلى دمشق أو وفد سوري إلى القاهرة الآن ليس فكرة جيدة، لأن الجماعة التي تقود السلطة في سوريا حاليًا لا تقدم خطابًا مشجعًا. وأضاف: “علينا انتظار ما سيحدث في الحوار الوطني السوري وتشكيل الحكومة الانتقالية مستقبلًا، لأن الحكومة الحالية لتصريف الأعمال تحت سيطرة جماعة فتح الشام، التي يقودها أحمد الشرع. ومع ذلك، فإن الحكومة الانتقالية المقبلة من المفترض أن تضم تمثيلًا لكل الطوائف، مما سيجعل الأمور أوضح”.

 

 

مصر وسوريا تاريخيا

 

يقول السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية وعضو الجمعية المصرية للأمم المتحدة، إن سوريا بلد عربي شقيق وله أهمية خاصة بالنسبة لمصر. وأضاف أن البلدين كانا في يوم من الأيام دولة واحدة، وبالتالي هناك علاقات طيبة بين الشعبين.

 

وأضاف رخا في تصريحاته الخاصة لمنصة “MENA“: “استقرار الوضع السوري يتطلب الأمن والتنمية وإعادة البناء، كما تطالب بذلك المنظمات الدولية. وهذا ما أكده مندوب مصر في مجلس الأمن عن المجموعة العربية، حيث شدد على أهمية الحوار الوطني الذي يضم جميع فئات الشعب، والانتقال السلمي للسلطة بطريقة لا تُقصي أحدًا”.

 

وأشار رخا إلى أن مصر ساعدت سوريا من خلال تقديم المساعدات الطبية والغذائية، في ظل الأوضاع الحرجة التي تمر بها البلاد، بما في ذلك احتلال عدة دول لأجزاء من الأراضي السورية. وأكد رخا أن مصر تطالب بعدم التدخل في الشؤون السورية، ودعت إلى تحقيق توافق وطني دون تدخلات خارجية تفسد تلك العملية.

 

وأوضح رخا أن العملية الانتقالية في سوريا تحتاج إلى التخلص من الانقسام، ثم التركيز على البناء والتنمية والتخلص من الاحتلال، مشيرًا إلى قرب زيادة اللقاءات بين الخارجية السورية وعدد من الدول العربية والمجاورة.

 

وختم رخا تصريحاته بالإشارة إلى احتمالية وجود زيارة قريبة بين مصر وسوريا، سواء من القاهرة إلى دمشق أو العكس، بناءً على التقييم اليومي الذي تقوم به مصر للموقف في سوريا.

 

اقرأ أيضًا:

 

مصير غامض لـ اللاجئين السوريين في مصر بعد رحيل “الأسد”

 

أبرز محطات 2024.. أحداث شكلت ملامح العام في مصر

 

اللواء محمد رشاد لمنصة “MENA”: قضيتا فلسطين والسودان في ذمة التاريخ.. وحزب العرجاني ينذر “بكارثة” | حوار

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية