تحليلات

مصير غامض لـ اللاجئين السوريين في مصر بعد رحيل “الأسد”

أصدر مجلس النواب مشروع قانون جديد لتنظيم اللجوء في مصر، وتم التصديق عليه من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتاريخ 16 ديسمبر 2024، ونُشر في الجريدة الرسمية، في انتظار الصيغة التنفيذية التي ستصدر خلال 6 أشهر من تاريخ صدور القانون، في الوقت الذي أبدت فيه بعض المنظمات الحقوقية تخوفات من أن هذا المشروع قد يهدر حقوق اللاجئين.

 

وفي هذا الصدد، علق الناشط الحقوقي “مالك عدلي” مدير المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قائلاً: “إن ما يُتداول حالياً عن هذا القانون هو مجرد توقعات، ونحن بحاجة إلى الانتظار حتى صدور اللائحة التنفيذية للقانون، التي من المتوقع أن تصدر خلال 6 أشهر من تاريخ صدوره، وذلك حتى نتمكن من الحكم عليه”.

 

 

تبعات صدور القانون

 

وأضاف عدلي في تصريحات لمنصة “MENA”: “كانت الحكومة المصرية تترك اللاجئين يتعاملون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ولكن بعد صدور القانون سيتم إنشاء لجنة عليا لشؤون اللاجئين، وهي لجنة ستكون لها اختصاصات مشابهة لاختصاصات مفوضية الأمم المتحدة. وهذا من شأنه إما تسريع إجراءات اللجوء، أو أن يكون وسيلة لتصفية قضية اللاجئين في مصر. وهذا يتوقف على الإرادة السياسية في مصر، لذا لا يمكننا الجزم الآن ما إذا كان هذا القانون سيكون له تأثير إيجابي أو سلبي على اللاجئين في مصر”.

 

من جانبه، علق الباحث في الشأن السوري عصام سلامة: “لا أعتقد أن هذا القانون صدر خصيصاً بشأن اللاجئ السوري فقط، بل صدر بشكل عام، لكن بالطبع سيكون له تأثير على السوريين”.

 

 

مصير اللاجئين السوريين بعد رحيل بشار

 

وفيما يتعلق بالتساؤل المثار مؤخراً “هل يعتبر سقوط نظام الأسد عاملاً لترحيل اللاجئين السوريين بسبب انتفاء السبب في قبول لجوئهم”؟

 

أوضح الناشط الحقوقي “مالك عدلي” أن هذا الموضوع معقد، لأنه بموجب الاتفاقيات التي وقعتها مصر، إذا رفض اللاجئ العودة إلى بلده، فإنه لا يحق لمصر إجباره على العودة. قد يكون هناك بالفعل انتفاء لسبب اللجوء، لكن اللاجئ قد يكون في حالة نفسية تمنعه من العودة بسبب ما مر به من صعوبات. لذلك، عودة اللاجئ إلى بلده أمر اختياري له، ما لم يكن هناك توجه سياسي من الحكومة يبرر إصدار قرار بذلك. وهذا بالطبع يمكن أن يؤثر في وجود اللاجئين السوريين في مصر.

 

مبدأ Prima facie

 

وأضاف عدلي قائلاً: “السوريون في مصر كانوا يخضعون لمبدأ Prima facie، وهو مبدأ قانوني يعتمد على الانطباع الأولي أو الأدلة الظاهرة، بمعنى أن أي سوري في مصر يُعتبر لاجئاً بسبب استمرار الأزمة في سوريا. لكنني أعتقد أن هذه الأسباب قد تنتفي الآن، ومن الممكن أن تُخطر الحكومة السوريين بأنه لن يتم اعتبارهم لاجئين بعد الآن، وهذا قد يقلل من أعدادهم”.

 

وعلق على ذلك اللواء “حاتم صبري” قائلاً: “الدولة المصرية اتخذت قراراً بفحص الحالة الأمنية لطالبي اللجوء، وترحيل أي لاجئ يتوقف على الوضع الأمني في مصر. ولا أحد يمكنه التنبؤ بما سيحدث في الفترة القادمة. حالياً، يتم فحص جميع ملفات اللاجئين من حيث ما إذا كانوا يحملون إقامات دائمة أم مؤقتة”.

 

واعتبر صبري في تصريحات لمنصة “MENA”: “أنه لن يتم ترحيل أي لاجئ إلا إذا ثبت تورطه في أي عمل معادٍ للدولة المصرية، ويتم حالياً تقنين أوضاع جميع اللاجئين، سواء كانوا سوريين أو غيرهم. أما بالنسبة للسوريين، فلا يمكننا التنبؤ بما سيحدث حتى تستقر الأوضاع في سوريا”. وأوضح أن فكرة إيقاف إصدار الإقامات لبعض السوريين تعود إلى الإجراءات الأمنية التي بدأتها مصر بعد انهيار نظام الأسد لمراجعة الحالة الأمنية لجميع المقيمين، وهذه الإجراءات يصعب شرحها في الوقت الراهن.

 

 

 

من جانبه، قال “عصام سلامة”، الباحث في الشأن السوري: “في رأيي، لا يوجد قرار سيصدر ينص على ترحيل السوريين من مصر، ولكن أعتقد أنه سيتم تقنين أوضاعهم. فمن كان في مصر بسبب معارضته لبشار الأسد، فلم يعد هناك أزمة بالنسبة له، ويمكنه العودة إلى بلده. لكن الوضع الحالي في سوريا قد يزيد من عدد اللاجئين السوريين في جميع أنحاء العالم، لأن سوريا كدولة مؤسسات شبه انتهت، وكل المؤسسات تم حلها، رغم ادعاءات القيادة العامة في سوريا بأن المؤسسات ما زالت قائمة وتعمل. لكن الواقع عكس ذلك، ولا توجد مؤسسات حقيقية. حتى الذين يقومون بحماية الأمن الداخلي في سوريا غير معروفين للمواطن السوري”.

 

قلق مصري

 

وأضاف سلامة في تصريحات لمنصة “MENA”: “تتمثل الخطورة في وجود مقاتلين أجانب في صفوف التنظيمات الإرهابية، هذا يزيد من نسبة اللاجئين، سواء في مصر أو في العالم”. وأوضح أن “مصر تخشى من وصول جماعات إرهابية إلى الحكم، وهو ما سبق أن واجهته سواء بجيشها أو شرطتها، وهذه المخاوف ستظل قائمة بسبب الوضع السوري الحالي”.

 

وواصل عصام سلامة قائلاً: “لا أعتقد أن الحكومة المصرية ستمنح السوريين فترة لتصفية ممتلكاتهم، لأن مصر تحترم حق الملكية سواء كانت للمصريين أو الأجانب. لكن من الممكن أن تمنحهم فترة لتقنين أوضاعهم إذا انتهى سبب قبول لجوئهم أو إقامتهم في مصر، سواء كان السوريون أو أي جنسية أخرى”.

 

 

وفي الآونة الأخيرة، صدر تقرير أممي يدعو مصر إلى حماية حقوق المهاجرين. وفي هذا السياق، أوضح الناشط “مالك عدلي” قائلاً: “لا توجد دولة في العالم لا تشهد انتهاكات لحقوق المهاجرين. فقد شاهدنا في دول أخرى تجاوزات من السلطات ضد اللاجئين، مثل دول البلقان، وحتى حالات غرق اللاجئين في البحر عمداً. والهدف من هذا التقرير هو تحفيز الدول على مراعاة حقوق اللاجئين بشكل أكبر. رغم ذلك، في ظل الظروف الإقليمية والسياسية الحالية، ومع تصاعد اليمين المتطرف في العالم، أعتقد أن هذه التقارير لم تعد تلقى الاهتمام الكافي إلا لدى بعض الأطراف العقلانية في الحكومات أو المجتمع الدولي، لضغطها على بعض الدول لتحسين أوضاع اللاجئين، لأن اللاجئ هو الحلقة الأضعف في هذه القضية”.

 

من جانبه، علق اللواء “حاتم صبري” على دعوات بعض المنظمات بإعادة تعديل القانون بسبب غموض بعض مواده قائلاً: “القانون واضح وصريح، ولا يوجد به أي تضارب أو تداخل. وهذه الدعوات تهدف فقط إلى إصدار قرارات تخدم مصالح فئات أو جماعات معينة. قرارات مصر تعتمد على الوطنية والمستجدات الأمنية”.

 

اقرأ أيضًا:

 

دمج اللاجئين في مصر.. استثمار دولي أم قنبلة موقوتة؟

 

تداعيات الحرب السودانية على اللاجئين في مصر

 

إنقاذ الصناعة المصرية.. مبادرة جديدة لإنهاء تعثر ١٢ ألف مصنع متوقف

 

اللاجئون إلى مصر.. جهود دولية وشراكات أممية رغم الأعباء الاقتصادية

 

جواد قنديل
جواد قنديل صحفي مصري مقيم في القاهرة، مهتم بالقضايا الاجتماعية والسياسية و الحقوقية.

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية