تحليلات

مع تخوفات عالمية بانتشاره.. ما علاقة “الجنس” بفيروس جدري القرود؟

وسام حمدي

مع تخوفات عالمية بانتشاره.. ما علاقة


فيروس إفريقي يهدد العالم.. “الصحة العالمية” ترفع الطوارئ ومصر تطبق الإجراءات الاحترازية


أساتذة فيروسات ومناعة: الطفح الجلدي والحمى القشعريرة وآلام الجسم وتورم الغدد الليمفاوية والبثور فوق الجلد أبرز الأعراض.. وهذه حقيقة علاقته بفيروس كورونا


بعد إعلان منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ في منتصف الشهر الماضي نتيجة ظهور فيروس جدري القرود، تصاعدت المخاوف العالمية من انتشاره، رغم “التطمينات الطبية” بأنه لن يصل إلى مستوى جائحة مثل كوفيد-19.

ويثير الفيروس القلق بشكل خاص بسبب انتشاره بين فئات معينة، مثل الرجال المثليين، واعتماده على طرق انتقال مباشرة، مثل الاحتكاك الجسدي والتلامس مع الأسطح الملوثة.


ومع تسجيل حالات إصابة في بعض البلدان الإفريقية والغربية، سارعت مصر إلى اتخاذ إجراءات وقائية مشددة، على الرغم من عدم تسجيل أي حالات حتى الآن.

ويُعرف الخبراء الذين ناقشناهم فيروس جدري القرود، باسم “إمبوكس Mpox” أي عدوى فيروسية يمكن أن تنتشر بسبب اختلاط البشر والاحتكاك المباشر أو التلامس أو بسبب الأسطح التي يلمسها شخص مصاب بالمرض.



ووجد العلماء أن أكثر نسب الإصابة بجدري القرود كانت في المثليين من الرجال في كل الأعمار.

وتتثمل أعراض المرض في حمى مفاجئة، وقشعريرة، وآلام في الجسم ثم ظهور طفح جلدي يبدأ على الوجه، وينتشر إلى بقية أجزاء الجسم، مثل باطن اليدين والقدمين.



قال الدكتور محمد أحمد على، أستاذ الفيروسات بالمركز القومي للبحوث، إن الفيروس ظهر قبل عاميين في مصر وبعض بلدان العالم، عبر سلالتين، وهم 1A و 1B الأكثر انتشارا في العالم، عقب ظهوره في الكونغو الديمقراطية لأول مرة.

وأضاف “علي” في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أن المتحور بدأ في التغير عبر طفرات في الحامض النووي الذي يغير شكلة كباقي المتحورات والفيروسات، وهي من الأنواع التي يعاد بثها وتسمى “Retransmitted viruses”.




وأوضح أستاذ الفيروسات أن الأعراض تتمثل في الحمى والسخونة، ثم ظهور بثور على الجلد حمراء يتم تقشيرها بعد ذلك ثم تأخذ دورتها.

وأشار إلى أن نسبة الوفيات قليلة جدا، وهنا يكون فيروسا غير مقلق ولا يمثل خطورة مثل كوفيد 19، مضيفWا: وأي فيروس معدي نطلق عليه “جائحة” ولكن وفق درجات معينة.

ولفت إلى أن فيروس الإنفلونزا، والذي ظهر في عام 1918، تسبب في وفاة 50 مليون شخص، حتى وصلنا إلى كوفيد 19، والذي تسبب في وفاة 7 ملايين شخص.



وبين أن الفيروس يظل نشطا وقويا حتى تصل المجتمعات إلى ما نسميه “المناعة المجتمعية” التي بدورها تحوله من فيروس جائحي “خطر” إلى “مستوطن” يمكن التعايش معه.

ونوه بأنه حتى الآن لم تسجل حالة إصابة في مصر، علاوة عن عدم وجود بروتوكول علاجي محدد له، لكن يتم تداوي الأعراض التي تظهر مثل ارتفاع درجات الحرارة والبثور التي تظهر.



أكد الدكتور خالد عبد الغفار، وزير الصحة والسكان، أن مصر لم تسجل أي حالات إصابة بفيروس جدري القرود حتى الآن.

وأوضح أن الوزارة اتخذت عدة إجراءات استباقية لضمان عدم انتشار المرض في البلاد. تشمل هذه الإجراءات تحديث ونشر الدليل الإرشادي لمواجهة جدري القرود في جميع المحافظات، وتدريب العاملين في الحجر الصحي على كيفية اكتشاف الحالات المصابة، مع تطبيق الدليل على أرض الواقع.



وأضاف أن المنظومة الوطنية الوقائية التي تهدف إلى الحفاظ على الصحة العامة، بدأت إجراءات استباقية، مستندةً إلى أربعة محاور رئيسية، وهي الاستعداد والجاهزية، الوقاية ومنع انتشار الأمراض المعدية، الاكتشاف المبكر، الاستجابة الفورية للأحداث الصحية.


كما تشمل أيضًا إجراءات رقابة على الأغذية والمياه، الرصد البيئي لملوثات الهواء ونهر النيل، معالجة النفايات الطبية الخطرة.


وأوضح الدكتور محمد عز العرب، استشاري الجهاز الهضمي والمستشار الطبي لجمعية الحق في الدواء، أن جدري القرود يعتبر من الفيروسات التي قد تشهد تحورات، إلا أنه لا يُتوقع أن يسبب جائحة عالمية، كتلك التي شهدها العالم مع كوفيد-19.


وبيّن في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أن معدل انتقال العدوى بين المخالطين لمرضى جدري القرود يبلغ 1 لكل 50 شخصًا، وهو أقل بكثير من كوفيد-19 الذي ينتقل بسرعة عن طريق التنفس والرذاذ.

وأكد “عز العرب” أن أسباب ظهور المرض ترتبط بالتلامس المباشر مع المريض، وأن نسب الإصابة أعلى بين الرجال المثليين، مشيرا إلى أن المرض قد يصيب جميع الأعمار ولكنه ينتشر أكثر في مرحلة ما بعد البلوغ.




وأكد “عز العرب” أن منظمة الصحة العالمية وضعت معايير طارئة لاحتواء انتشار الفيروس. وأوضح أن إفريقيا هي الموطن الأصلي للفيروس، إذ سجلت الكونغو الديمقراطية أكثر من 540 حالة وفاة.




وأضاف أن إفريقيا بحاجة ماسة إلى لقاحات جدري القرود، حيث تم توفير حوالي 100 ألف لقاح فقط، رغم أن الاحتياج الفعلي يُقدّر بحوالي 10 ملايين لقاح، ما يضع تحديًا كبيرًا أمام الجهات الصحية في القارة.



وكانت أعلنت وزارة الصحة المصرية توفير البروتوكول العلاجي الخاص بعلاج جدري القردة بمستشفيات الحميات بالجمهورية، مشيرة إلى أنه تم توزيع الدليل الإرشادي الخاص بتشخيص وعلاج المرض على جميع المستشفيات.

وأضافت أن الدليل يشمل إجراءات الحجر الصحي بمنافذ الدخول وطرق الإبلاغ عن الحالات المكتشفة.


يعلق”عز العرب”: الوضع في مصر غير مقلق، فلا تتعرض لخطورة مباشرة، ولكنها كباقي دول العالم يمكن أن تتعرض لظهور حالات، وعليها تشديد الإجراءات اللازمة للقادمين من الخارج، وعبر المنافذ سواء البحرية أو البرية والجوية، مع ضرورة رفع وعي الأطباء حتى المواطنين، بأعراض المرض ليتمكنوا من اتخاذ الإجراءات اللازمة عن ظهور حالات.



بحسب المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن أعراض جدري القرود تشبه إلى حد كبير أعراض نزلات البرد أو الإنفلونزا، مثل الحمى، والقشعريرة، والإرهاق، والصداع، وضعف العضلات، يلي هذه الأعراض تورم في الغدد الليمفاوية، والتي تساعد الجسم في مكافحة العدوى، فيما تقدر فترة حضانة فيروس جدري القرود بين 7 و14 يومًا.


وتضيف وكالة CDC أن “تورم الغدد الليمفاوية”، متبوعًا بظهور طفح جلدي واسع النطاق على الوجه والجسم، بما في ذلك داخل الفم، وراحتَي اليدين، وباطن القدمين، وهي أبرز العلامات المميزة للمرض، بالإضافة إلى الحمى، الصداع، الانتفاخ، وآلام الظهر والعضلات.



ظهر جدري القرود لأول مرة عام 1958، عندما تفشى مرض شبيه بالجدري في مستعمرات أبحاث تخص القرود، وفقًا لوكالة CDC.

وعلى الرغم من أن الناقل الرئيسي لفيروس جدري القرود ما زال غير معروف، فإن القوارض الإفريقية يشتبه في أنها تلعب دورًا رئيسيًا في انتقال العدوى.


أما أول حالة معروفة لجدري القرود لدى البشر، فسجلت في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 1970، وذلك في أثناء جهود عالمية مكثفة للقضاء على مرض الجدري، وبعدها ظل المرض غير نشط حتى عاد للظهور في نيجيريا عام 2017 بعد غياب دام 40 عامًا. منذ ذلك الحين، أُبلغ عن أكثر من 450 حالة في نيجيريا، وتم تصدير ما لا يقل عن 8 حالات إلى دول أخرى.


في عام 2003، شهدت الولايات المتحدة تفشي المرض بعد إصابة 47 شخصًا في 6 ولايات، وذلك بسبب الاتصال بكلاب المروج الأليفة.

وفي عام 2005، انتشر جدري القرود في ولاية الوحدة بالسودان، وسجلت حالات متفرقة في أجزاء أخرى من إفريقيا.


وفي عام 2021، أُصيب شخصان قادمان من نيجيريا إلى الولايات المتحدة بالمرض، كما شهد شهر مايو 2022 انتشارًا لحالات جدري القرود في أوروبا، خاصة في المملكة المتحدة، التي تعد من أكثر الدول تسجيلًا للإصابات حتى الآن.



وقال الدكتور مجدي بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، إن فيروس جدري القرود ليس ظاهرة جديدة، لكنه عاد للظهور نتيجة للتغيرات في الأنماط الحياتية والسلوكيات الجنسية.


وأوضح “بدران” في تصريحات خاصة لمنصة “MENA“، أن تجاهل التدابير الوقائية، مثل ارتداء الكمامات والتباعد الجسدي، يساهم في تسهيل انتقال العدوى، خاصة بين الأطفال والحوامل.


كما أشار إلى أن الفيروس قد يستوطن في حيوانات جديدة خارج القارة الإفريقية، مما سيزيد من تعقيد جهود القضاء عليه.



وأضاف بدران أن هناك سلالتين رئيسيتين لفيروس جدري القرود، سلالة إفريقيا الوسطى، وهي السلالة الأكثر انتشارًا وخطورة، وسلالة غرب إفريقيا، وهي الأقل انتشارًا والأقل قابلية للانتقال بين البشر.


ونوه بأن الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس هم المخالطون بشكل مباشر للمصابين، خاصة الأطفال والحوامل. وفي حالات نقص المناعة، تتراوح معدلات الوفيات بسبب الفيروس بين 1% و3%.


أماكن الطفح


الوجه (95% من الحالات)
راحتا اليدين وأخمصا القدمين (75%)
أغشية الفم المخاطية (70%)
الأعضاء التناسلية (30%)
ملتحمة العين (20%)






شارك المقالة

مقالات مشابهة

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟

بعد وقف استيرادها.. متى يَهْنأُ ذوو الهمم بسياراتهم؟ تصاعدت أزمة سيارات ذوي الهمم بعد إعلان الحكومة وقف استيرادها، إذ ألقى هذا

محمد الإمبابي

رحلة لـ منصة

رحلة لـ منصة “MENA” في قلب العالم الموازي لصناعة الدواء في مصر

رحلة لـ منصة “MENA” في قلب العالم الموازي لصناعة الدواء في مصر كيف يصنع الدواء من ماكينات الحلوى؟ مصانع “بير السلم” تبيع الأدوية على

محمد مصطفى

رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة

رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة | تقرير

رسائل مصر إلى إثيوبيا ودور الإمارات في قضية سد النهضة بعد تسارع التحركات الإثيوبية المتعلقة بسد النهضة وإنشاء قاعدة عسكرية وميناء

أيمن مصطفى