تحليلات

مع تخوفات من مصير فريال والمريلاند.. ما الجديد عن حدائق المنتزه بعد إعلان “تطويرها”؟

أسئلة كثيرة تثيرها حكومة مصطفى مدبولي، بين القول والفعل، والفعل والفعل المضاد، في الوقت الذي تبنت فيه مؤتمر المناخ وأطلقت مبادرات تحضر للأخضر وقادة حملات توعوية عن التغير المناخي الذي أصبح يهدد العالم كله، على جانب آخر ظهرت خلال السنوات الأخيرة أكثر من حملة لقطع الأشجار تحت مسميات التطوير والإنشاء، ما أُثار غضب المصريين، وجعلهم يدشنون حملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لوقف ظاهرة قطع الأشجار.

 

 

وظهرت أخيرًا تخوفات حول حديقة المنتزه، وما يمكن أن يلحق بها على غرار عدد من الحدائق، في وقت خرج فيه رئيس الوزراء يوضح “حقيقة تطوير حديقة المنتزه”.

– أشار تقرير للأمم المتحدة إلى أن الأرض صارت الآن أكثر حرارة بنحو 1.1 درجة مئوية، مما كانت عليه في القرن التاسع عشر.

– اعتبر ليوناردو دي كابريو الممثل الأمريكي، أن التغير المناخي هو الأزمة الأكثر وجودية التي عرفتها حضارتنا على الإطلاق.

 

 

وفي رسالة طمأنة، أكد رئيس مجلس الوزراء المصري المهندس مصطفى مدبولي، عدم المساس بأي أشجار في أثناء تطوير حديقة المتنزه، خلال مؤتمر صحفي عقد عقب اجتماع الحكومة بمدينة العلمين الجديدة الأسبوع قبل الماضي.

 

وقال مدبولي “إن هناك توجيهًا من القيادة السياسية برفع كفاءة قصر المنتزه ليصبح مزارا سياحيا عالميًا، فيما رفعت عدد الكبائن التي يحتويها القصر من 220 غرفة إلى 920، دون المساس بالأشجار المحيطة.

 

وأضاف: تم إسناد إدارة وتشغيل الفنادق داخل القصر إلى إحدى شركات السياحة العالمية في إطار رفع جودة الخدمة.

 

 

وجاء المؤتمر الصحفي بعد أسبوع واحد فقط من تفقد مدبولي لسير المشروع، بعد جولة لمتابعة عدد من المصانع بمحافظة الإسكندرية، فيما اطلع على عرض تفصيلي حول سير العمل لـ”تطوير منطقة المنتزه”، وشرح مكونات مشروع التطوير المقام على مساحة 370 فدانا ويتكون من 7 أقسام رئيسية، وهي: النقل والمواصلات، والقلب الأخضر، والحدائق الملكية والعضوية، والغابات الساحلية، ومنتزه الممشى الأزرق، بالإضافة إلى أعمال المرافق بمشروع حدائق قصر المنتزه، وأعمال متنوعة أخرى.

 

 

تصريحات مدبولي جاءت عقب قلق شعبي عميق من أن تلقى حدائق المنتزه ذات القيمة التاريخية، مصير عدد من الحدائق المصرية التي شهدت إزالة لعدد من الأشجار المعمرة والتراثية تحت زعم التطوير، مثل حديقة “الميرلاند” وهي تعتبر واحدة من أكبر الحدائق وأشهرها في مصر، وتقع في حي مصر الجديدة، وتعتبر أحد أهم رموز هذا الحي العريق ومصدر فخر كبير لأبنائه، والمنطقة السكنية المحيطة بالحديقة بشكل عام واحدة من أجمل أحياء القاهرة.

 

 

ويعود تاريخ مشروع تطوير حدائق المنتزه أو ما يعرف أيضا بقصر المنتزه لعام 2022، حيث افتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المشروع في ديسمبر، بعد إسناد تطوير واستغلال إدارة قصر المنتزه التاريخي بالإسكندرية بنظام حق الانتفاع لرجل الأعمال ناصر عبد اللطيف مالك مجموعة فنادق ريكسوس، وأحد كبار المستثمرين بقطاع السياحة في مصر.

 

وحسب العقود المبرمة تتولى المجموعة عملية إنشاء فندق داخل القصر، وفقا لطراز معماري فريد يتناسب مع موقع القصر ويلبي تطلعات العملاء، يتم ذلك من خلال الاستعانة بأكبر مكاتب الاستشارات الهندسية للوصول لأحدث التصميمات العالمية، كما يتضمن المخطط إنشاء فندق داخل القصر تحت مسمى العلامة التجارية ريكسوس.

 

ومن المقرر أن يتضمن الفندق المقرر إقامته داخل القصر جميع الخدمات لتلبية احتياجات الزائرين، وفقا للاشتراطات العالمية في الفنادق، وتماشيا مع رؤية مصر لجذب أكبر عدد من السائحين.

 

 

ويعود تاريخ قصر المنتزه إلى عهد الخديوي عباس حلمي الثاني، الذي أعجب بالمنطقة، وعهد إلى مهندس القصور الخديوية حينذاك اليوناني الأصل ديمتري فابرشـيوس بناء قصر في هذه البقعة الجميلة من الشـاطئ، على غرار القصور النمساوية وسط الغابات، وانتهى البناء عام 1892، وتميز القصر بإحياء الطرز التاريخية للعمارة القوطية، وعمارة عصر النهضة، واستخدام الأبراج والقباب المتعددة، وعرف حينها بـقصر السلاملك باعتباره قصرا للاستجمام، فيما كان تشييده مبنى من طابق واحد للحريم، تمت إزالته بعد ذلك بأوامر من الملك فؤاد لإقامة قصر الحرملك.

 

 

وارتبط اسم قصر المنتزه بالملك فؤاد تاريخيًا، الذي طوره بناء على مقابلته مع “عرافة”، بحسب كتاب “وداعًا الإسكندرية” للكاتب هاري تزالاس، الذي يروي أن الملك فؤاد التقى بعرافة كانت تتجول في حدائق القصر وتنبأت له بملك مزدهر ونصحته بالحفاظ على أول حرف من اسمه، ويطلقه على أولاده وذريته، وهو ما فعله في أبنائه فاروق وفايزة وفوزية وفتحية وفايقة، كما أمر بتزيين القصر ووضع حرف الفاء في أجزاء مختلفة من القصر.

 

 ومن بعده جاء الملك فاروق وحافظ على تقليد والده في أبنائه وزوجته الأولى الملكة فريدة التي حول اسمها من صافيناز، إلا أن في زواجه الثاني من الملك ناريمان لم يحافظ على هذا التقليد، وأطلق على ولي عهد اسم أحمد فؤاد، وعقب ذلك بفترة قصيرة انهار ملكه بثورة 1952.

 

 

 

وشهدت مصر جدلاً كبير حول تطوير عدد من الحدائق، لما تتمتع به من حس شعبي، من بينها حديقتا الأورمان والحيوان، إلا أن الحدائق التي أثارت صخبًا حادًا حول تطويرها كانتا حدائق الأميرة فريال ببورسعيد التي وصل الجدل حولها لمجلس النواب عام 2017، وحديقة الميرلاند بالقاهرة التي وصلت أزمتها للقضاء الإداري، حيث قدمت المهندسة مرفت مرسى دعوى أمام محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة ضد رئيس حي مصر الجديدة، ووزير التنمية المحلية، ومحافظ القاهرة، ورئيس مجلس الوزراء بسبب قرار هدم حديقة الميريلاند، في يونيو الماضي.

 

وجاء التقرير الهندسي للجنة الخبراء ليدعم صاحبة الدعوى، حيث قال إن خلال فترة غلق الحديقة كان يتم إجراء تعديلات بها، إلا أنه كشف إزالة المشتل الأساسي لحديقة الميريلاند، وإزالة حديقة الحيوان وبحيرة الدولفين، وتم إنشاء جراج، كذا إزالة جميع الحيوانات والطيور من بط وبجع، مغيرًا لطبيعة الحديقة كليًا، ولم يتبقَ جزء على حاله، وهو ما يعني أن الحديقة المذكورة تم تدمير جزء كبير منها تحت مزاعم التطوير، وهو ما يخشاه الناس حول حديقة المنتزه.

 

اقرأ أيضًا:

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية