سياسة

مع تصاعد الاتهامات للإمارات.. هل تنهي الوساطة المصرية أزمة السودان؟

مساعد وزير الخارجية الأسبق: خلاف سياسي بين الإمارات والحكومة السودانية

 

عضو المجلس المصري للشئون الخارجية: الذهب السوداني سبب التدخل الإماراتي

 

أستاذ علوم سياسية: وساطة مصر للحفاظ على أمنها القومي

 

كشف وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، وجود مساعٍ مصرية جديدة تهدف إلى عقد لقاء مباشر بين السودان والإمارات لحل الأزمة السودانية. وأكد إبراهيم أن هذه المساعي سبقت مكالمة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي بدأ خطوات فعلية لحل الأزمة بين حكومة السودان والإمارات.

 

وأشار إلى أن مصر تنسق مع السعودية ودول أخرى لتشكيل موقف إقليمي موحد، بهدف دعم الاستقرار وتجنب الاستقطاب الناتج عن التدخلات الخارجية في السودان.

 

عقبات أمام جهود الوساطة

 

بحسب خبراء وساسة، فإن هناك عراقيل عديدة تواجه الوساطة، بغض النظر عن الجهة التي تتبناها. وتتمثل أبرز هذه العراقيل في الأزمة بين عبدالفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، ومحمد حمدان دقلو (حميدتي)، قائد قوات الدعم السريع.

 

يعتبر البرهان حميدتي قائداً لمليشيات منشقة عن الجيش، ويرفض الجلوس معه أو الاعتراف بشرعيته. بينما يرى فريق آخر أن الوساطة المصرية تعتمد على تقريب وجهات النظر بين الجانبين، بما يفتح المجال أمام تسوية سياسية شاملة للأزمة.

 

 

صلب الأزمة

 

أكد السفير رخا أحمد، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية ومساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريح خاص لمنصة MENA، أن الإمارات تدعم قوات الدعم السريع بسبب المصالح الاقتصادية المرتبطة بمشروع استثمار الذهب في جبل عامر. وأوضح أن عائلة محمد حمدان دقلو، قائد الدعم السريع، تمتلك النصيب الأكبر من منجم الذهب بجبل عامر، وذلك بموجب القانون السوداني، الذي يتيح للمكتشف امتلاك الذهب مقابل ضريبة يدفعها للدولة.

 

وأضاف رخا أن عائلة دقلو، بعد اكتشافها المنجم، دخلت في شراكات مع شركة “فاجنر” الروسية ودولة الإمارات. وأوضح أن الإمارات تستحوذ على نحو 95% من إنتاج الذهب في المنجم، مقابل تقديمها الدعم العسكري لقوات الدعم السريع بالأسلحة والعتاد. وتتم إعادة تصنيع الذهب داخل الإمارات وبيعه في المنطقة العربية.

 

وتساءل رخا: “هل يمكن للإمارات التخلي عن هذه المصالح؟”، مشيراً إلى أن هذه المصالح تمثل جوهر الأزمة. وشدد على أنه بدون جلوس قائد قوات الدعم السريع مع الفريق عبدالفتاح البرهان، فإن الأزمة لن تُحل نهائياً.

 

 

تصاعد الاتهامات السودانية للإمارات

 

تفاقمت الاتهامات السودانية للإمارات خلال السنوات الأخيرة، حيث وصلت إلى تقديم شكاوى رسمية إلى الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن الدولي تحت عنوان “العدوان الإماراتي على شعب السودان وسيادته وسلامته الإقليمية واستقلاله السياسي”.

 

وجاء في بيان سوداني رسمي أن البلاد تتعرض، منذ 15 أبريل 2023 وحتى الآن، لحرب واسعة النطاق تم التخطيط لها بشكل خبيث من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة. وأوضح البيان أن هذه الحرب تُدار عبر مليشيا قوات الدعم السريع، بالإضافة إلى مليشيات متحالفة معها وفرق مرتزقة من تسع دول مختلفة، وفق نص البيان.

 

أسباب إطالة الأزمة

 

أشار السفير رخا أحمد، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إلى أن هناك سبباً آخر ساهم في إطالة أمد الأزمة السودانية الحالية، مما زاد من تعقيد جهود الوساطة المصرية. وأوضح رخا أن الانقسام داخل المكون المدني السوداني يلعب دوراً رئيسياً في هذا الصدد، حيث ينقسم المدنيون بين دعم الجيش السوداني ودعم قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).

 

وأشار إلى أن حميدتي يروج لأطروحات تطالب بحكم ديمقراطي في السودان قائم على أسس دستورية، مما يجعله يحظى بدعم شريحة من القوى المدنية.

 

 

دور الوساطة المصرية

 

أكد الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن الإمارات يجب أن تقبل الوساطة المصرية لإنهاء الأزمة التي يعاني منها ملايين السودانيين. وتساءل عن دوافع الإمارات للتدخل في شؤون دولة عربية أخرى من أجل الذهب، رغم ما تمتلكه من إمكانيات مالية هائلة.

 

وأضاف السيد أن مصر تُعد من أكثر الدول تضرراً من الأزمة السودانية بعد الشعب السوداني نفسه، مشيراً إلى أن السودان يمثل امتداداً طبيعياً للأمن القومي المصري. وحذر من خطورة انتشار السلاح بأيدي المليشيات، معتبراً ذلك كارثة تهدد استقرار المنطقة.

 

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن مصر استقبلت أعداداً كبيرة من اللاجئين السودانيين منذ بداية الأزمة، مما تسبب في ضغط اقتصادي كبير على الحكومة المصرية وأثر سلباً على الاقتصاد الوطني من عدة جوانب.

 

 

رؤية مستقبلية للمصالحة

 

من جانبه، توقع السفير رخا أحمد أن المصالحة التي تقودها مصر ستسعى لتحقيق ترضية للطرفين. وأشار إلى أن الإمارات قد تضطر لتخفيف دعمها لقوات الدعم السريع في مقابل الدخول في مشروعات مشتركة مع الحكومة السودانية.

 

وأضاف رخا أن الحل يتطلب تنازلات من الطرفين، مع ضرورة جلوس كافة الجهات المتنازعة إلى طاولة المفاوضات. لكنه لفت إلى أن الفريق عبدالفتاح البرهان ما زال ينظر إلى حميدتي كقائد لمليشيات من المرتزقة ولا يعترف بشرعيته. وأشار إلى أهمية العودة إلى مبادرة مؤتمر جدة التي لم تُنفذ حتى الآن كجزء من الحل.

 

إعلان جدة

 

نص إعلان جدة على مجموعة من البنود التي تهدف إلى تخفيف حدة الأزمة السودانية وضمان سلامة المدنيين. وجاء في الإعلان:

 

الالتزام بسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه- إعطاء الأولوية لمصالح وسلامة الشعب السوداني – ضمان حماية المدنيين السودانيين في جميع الأوقات- السماح بمرور آمن للمدنيين لمغادرة مناطق الأعمال العدائية- الامتناع عن تجنيد الأطفال واستخدامهم في الأعمال العدائية- تسهيل إجلاء الجرحى والمرضى دون تمييز، والسماح للمنظمات الإنسانية بتنفيذ عملياتها.

 

 

هل تنجح الوساطة المصرية؟

 

وأكد السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريح خاص لمنصة “MENA“، أن مصر لم يسبق لها أن أخفقت في جهود الوساطة، خاصة في القضايا العربية. وأشار إلى أن مصر لا ترضى بالخصومة بين البلدان العربية وتسعى دائماً لتحقيق الاستقرار.

 

وأضاف بيومي أن الخلاف بين الإمارات والسودان ليس عميقاً لدرجة النزاع المستمر، وأن علاقات مصر القوية بالإمارات تجعلها قادرة على التأثير الإيجابي لإنهاء الأزمة. كما أن مصر تُعتبر أحد أبرز الفاعلين في القارة الإفريقية والدولة العربية الأكبر، مما يمنحها ثقلًا سياسيًا وإقليميًا.

 

وتمنى بيومي عودة السودان موحداً كما كان، مشيراً إلى أن انفصال السودان إلى دولتين تسبب في أضرار كبيرة للأمن القومي المصري.

ولفت إلى أن انتشار الجماعات المسلحة غير النظامية في مختلف مناطق السودان يُعد تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة.

 

وأوضح أن مصر استقبلت حوالي 5 ملايين لاجئ سوداني هربوا من ويلات الحرب، مما يُثقل كاهل الحكومة المصرية اقتصادياً واجتماعياً.

 

دور الإمارات في الأزمة

 

طالب بيومي الإمارات بعدم التدخل في الشؤون السودانية، مشيراً إلى أن التدخل الإماراتي ليس اقتصادياً فقط، بل يعود أيضاً إلى عدم رضاها عن السياسة العامة للسودان. واتهم الإمارات بدعم قوات منشقة، وهو ما يزيد من تعقيد الوضع.

 

عبّر مساعد وزير الخارجية الأسبق عن تفاؤله بإمكانية نجاح الوساطة المصرية في الوصول إلى اتفاق مع الإمارات وقوات الدعم السريع. وأشار إلى أن العلاقة القوية بين مصر وقوات الدعم السريع قد تسهم في تقريب وجهات النظر. كما أكد أن السودانيين ينظرون إلى مصر بعين المودة والأخوة، مما يجعلها وسيطاً مقبولاً من جميع الأطراف.

 

اقرأ أيضًا:

 

هل بدأ الاستثمار الإماراتي في تعمير شبه جزيرة سيناء؟

 

مصير غامض لـ 16 مصريا محتجزا لدى ميليشيات الدعم السريع

 

اللواء محمد رشاد لمنصة “MENA”: قضيتا فلسطين والسودان في ذمة التاريخ.. وحزب العرجاني ينذر “بكارثة” | حوار

 

تحركات مصر لحل الأزمة السودانية وتفادي الانقسامات

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية