اقتصاد

نمو التهرب الجمركي وجهود لظبط الخارجين عن القانون

التضييق على الاستيراد خلال العام الماضي، أدى للجوء المستوردين إلى طرق ومسالك نمت وتوسعت خلال العام الماضي،

رغبةً في المحافظة على رؤوس أموالهم وتوفيرًا لاحتياجات المواطنين من السلع المختلفة.

دبت بذور الأمل لدى القطاعات الاقتصادية المعتمدة على الاستيراد لعودة العملية بشكل رسمي سلسل٬ وذلك مع توافر السيولة المالية بعد صفقة رأس الحكمة واستلام الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد، إلا أن الانفراجة آتت على قطاع السلع الأساسية فقط ولم تمتد لغيرها.

وبعينة بسيطة عشوائية على محاضر التهرب الجمركي نجد أن إجمالي ما حررته المنافذ الجمركية خلال أول شهرين من 2023 بلغ 4300 عملية بقيمة 3.6 مليار جنيه، ومطار القاهرة أحبط 35 محاولة في أبريل الماضي، لتهريب مستلزمات طبية وأدوية وهواتف محمولة وسبائك ذهبية، وغير ذلك من الأخبار العديدة عن الأخبار المنشورة عن قضايا بمليارات الجنيهات كلها تحت عنوان التهرب الجمركي.

تعمل الجمارك وفق مجموعة من القوانين المنظمة لعملها، فهي تمنع دخول الأدوية والهواتف وغيرها وفقًا للقوانين الصادرات من الجهات المعنية بإعطاء التراخيص اللازمة لاستيراد سلعة ما بشروط ما، بالإضافة إلى قانون الاستيراد والتصدير رقم 118 لسنة 1975 والذي نص على معاقبة المهرب بالحبس أو الغرامة بقيمة من 10 آلاف إلى مائة ألف جنيه، وتزداد إلى 250 ألف جنيه في حالة الإتجار.

الإقبال على التهريب بسبب التضييق على الاستيراد

يؤكد مصدر من إدارة الجمارك أن صعوبة عمليات الاستيراد خلال العام الماضي٬ جعلت الكثيرين يتجهون للتهريب بجميع الطرق ما زود العبء على رجال الجمارك، حتى أن بعض السفن أفرغت ما تهربه بقوارب بعيدًا عن الميناء. ويوضح أن الشك وأشعة إكس والإخباريات أهم العناصر التي يعتمد عليها رجال الجمارك لاكتشاف عمليات التهريب، مع العلم أننا لا نتبع نمط معين بل نعتمد على عناصر المفاجأة أحياناً، بالإضافة أن دولة الشحنة القادمة منها تعد عنصر اشتباه قوي، فالبرازيل مشهورة بتهريب بالمخدرات والأدوية من أوروبا والتكنولوجيا من الإمارات.

الأجهزة التكنولوجية والخمور وأدوية السرطان والمخدرات والهواتف المحمولة أكثر السلع المستهدفة بالتهريب، وفقًا لمصدر بالجمارك المصرية، ويضيف أن مكافحة التهرب الجمركي أمر معقد ومتعدد الوسائل بداية من التهريب مع الركاب القادمين برا وبحر وجوا وصولا إلى الشحنات الجمركية التي تأتي وبداخلها سلع أخرى. وعلى سبيل المثال تأتي شحنة ملابس بملايين الجنيهات تحتوي بداخلها على آلف وآلفان محمول، وفي هذه الحالة صعبة الاكتشاف لأن مسؤول الجمرك لن يستطيع فتح جميع الحاويات٬ بل يفتح واحدة أو اثنين بنسبة لا تتعدى 10% وذلك بسبب ضغط العمل المستمر لدينا على جميع المنافذ.

اقرأ أيضاً:

لُغز اختفاء الأدوية في مصر ونية حكومية لرفع الأسعار

 

الفرق الغنائية المصرية بين الماضي والحاضر

 

خطة الحكومة المصرية لتعزيز انخراط الشباب في العمل السياسي

 

جهود الوساطة المصرية لوقف حرب غزة

حمد النبراوي عضو مجلس إدارة شعبة استيراد الهواتف المحمولة بالغرفة التجارية بالقاهرة

أغلب الهواتف المحمولة في السوق مهربة

يوضح أن تهريب الموبايلات رائج للغاية بين التجار والوكلاء على حد السواء لأنها قليلة الحجم كثيرة الربح سهلة البيع.

ويضيف أن الموبايلات تعد أكثر السلع تهريبًا من النوافذ الجمركية وأغلبها يأتي من دولة الإمارات العربية المتحدة٬ حيث تقل الأسعار بنسبة 40% تقريبًا، وتدخل بأكثر من طريقة أولهم تزوير بوليصة الشحن بأن تدرج على أنها أجهزة طبية لما تتمتع به من رسوم أقل من غيرها، وبعضها يدخل مع أفراد عبر شبكات متصلة ببعضها تتغير من منفذ لأخر مع اكتشاف أمرها، وأهم المنافذ حاليًا لتهريب المحمول وغيره من السلع الحدود الليبية المصرية، فالشحنات تأتي من الإمارات إلى بنغازي أو طبرق، لتدخل بريًا إلى مصر في النهاية، وتفوت على موازنة البلاد مليارات الجنهات سنويًا، مستطردًا أن اكسسوار الهواتف ليست مستهدفة بالتهريب لأن الجمارك المقررة عليها، منخفضة للغاية ولا تغري بالمخاطرة كالهواتف وأدوات التكنولوجيا والأدوية.

وقال النبراوي إن الهواتف المحمولة بالأساس معفية من الجمارك، إلا أن ضريبة القيمة المضافة ورسوم الجهاز القومي للاتصالات وغيرها تصل إلى 30% من سعر الهاتف، أضف أن انفراد عدد باستيراد الهواتف جعل تحديد سعرها في يد شبكة ضيقة. النبراوي أدان وكلاء الهواتف المحمولة وحملهم مسؤولية ازدهار تهريب الهواتف المحمولة بسبب التسعير المبالغ فيه، ما جعل هذه الشبكات تنمو وزدهر بل أن بعض الوكلاء يلجأون للتهريب للاستفادة من عدم تسديد الرسوم المقررة على الهواتف، والدليل على ذلك واضحًا لا يقبل الشك ففي ذروة أزمة وقف الاستيراد خلال أزمة نقص الدولار٬ لم يعاني سوق الهواتف المحمولة من نقص أي طراز بل توافرت جميع الطرازات وبكثرة، لتدرك أن المنافذ سداح مداح أمام شبكات التهريب القادرة على خلق ثغرات باستمرار.

وبحسب النبراوي فالتهريب لن ينتهي بسهولة ولا بديل عن تشديد الرقابة واستخدام الأجهزة الحديثة لضمان تسديد الجمارك إلى خزينة الدولة والضرائب وغيرها من الرسوم من جهة، ومن جهة أخرى فتح باب الاستيراد للجميع في ظل سياسات السوق المفتوح التي تنتهجها البلاد، بما يسمح بالمنافسة وتخفيض السعر على المستهلك.

التهرب الجمركي يؤثر سلبيًا على الاقتصاد

الدكتور وائل النحاس الخبير الاقتصادي، يوضح أن سياسة التشديد والتضييق على الاستيراد أهم عامل في لازدهار التهرب الجمركي وتنامي شبكة غير رسمية من الفساد، تسمح لاستغلال جميع منافذ البرية والبحرية والجوية، مضيفًا أن ظاهرة التهرب من الرسوم الجمركية وإن كانت في ظاهرها لتوفير السلع إلا أنها تحمل خسائر كبيرة للدولة.

 

التهرب الجمركي لا يؤثر على الاقتصاد الرسمي في تراجع الحصيلة الجمركية فقط، إنما يمتد للحصيلة الضريبية، فالمنتجات المهربة لا يمكن رصدها ضريبيًا لأنها تباع بلا فواتير رسمية، فلا تخضع لضرائب الأرباح ولا يحصل عنها ضريبة القيمة المضافة، وتتسبب في نمو الاقتصاد الغير رسمي.

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية