تأثير هروب الأموال الساخنة على الاقتصاد المصري
هروب الأموال الساخنة واقتصاديون يحذرون من الاعتماد عليه
في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية والتوترات الجيوسياسية، تواجه مصر تحديات كبيرة نتيجة هروب الأموال الساخنة، التي تعتبر جزءًا لا يتجزأ من الاستثمارات قصيرة الأجل في السوق المالية.
هذه الأموال، التي تتدفق بحثًا عن الفوائد العالية والأرباح السريعة، أصبحت تمثل خطرًا متزايدًا على الاقتصاد المصري، خصوصًا مع استمرار الضبابية التي تحيط بالسياسات الأمريكية وتأثيرها المباشر على الأسواق العالمية.
ومع تزايد الاعتماد على الاستثمارات الخارجية، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى قدرة الاقتصاد المصري على الصمود أمام هذه التحديات، وكيف يمكن للدولة اتخاذ خطوات جدية لحماية السوق المحلية وتعزيز الاستثمارات المستدامة.
قال السيد خضر، الخبير الاقتصادي، إن السبب وراء اضطراب السياسة النقدية في العالم هو الضبابية التي تحيط بالسياسة الأمريكية حاليًا.
وأشار خضر إلى أن استمرار الصراعات الداخلية في الولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، وعدم وضوح السياسات التي ستتعامل بها أمريكا مع الشرق الأوسط؛ أثار مخاوف في أسواق المال.
خطر التبعية الاقتصادية
وأكد الخبير الاقتصادي أن التبعية الاقتصادية تضع السوق المصرية في خطر كبير مع أقل اضطراب في السياسة أو الاقتصاد الأمريكي.
ولفت إلى أن الأموال الساخنة تبحث دائمًا عن مصالحها وعن أعلى هامش ربح، لذلك تتجه دائمًا إلى الدول ذات الفوائد العالية، مشيرًا إلى أنها لا تعتمد على الاستثمارات الحقيقية.
وبين أن البورصة كلما حققت مكاسب أعلى كان هذا عامل جذب للأموال الساخنة، موضحًا أن استثمارات الأموال الساخنة دائمًا ما تكون قصيرة المدى.
وشدد خضر على أن السوق المصري يعاني من الإشاعات والاعتماد على مصادر غير موثوقة، لافتًا إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة القلق وزعزعة الثقة في الاستثمار.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن هذه الأزمة تدفع المواطنين إلى شراء الذهب والدولار بدلًا من الاستثمار في البورصة.
حملة ترويجية لدعم الاستثمار في البورصة
ونوه إلى ضرورة قيام الدولة بحملة ترويجية لدعم الاستثمار في البورصة، معللًا ذلك بأن البورصة من أهم ركائز الاستثمار في مصر.
وأعرب خضر عن أمله في أن يتحول اعتماد الدولة إلى الاستثمارات الداخلية، موضحًا أن الاعتماد على الاستثمارات الخارجية يؤدي إلى ضعف الاقتصاد.
وطالب الخبير الاقتصادي الدولة بدعم الصناعة وتسهيل الإجراءات على المستثمرين، مؤكدًا أن هذا هو الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد المصري في ظل الظروف الإقليمية.
وأضاف أن أكبر المخاطر التي تواجهها مصر بسبب هروب الأموال الساخنة هي رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة.
وتوقع خضر أن يرفع البنك المركزي سعر الفائدة بنسبة قد تصل إلى 5% إذا استمر هروب الأموال الساخنة، موضحًا أن رفع أسعار الفائدة يهدف إلى سحب السيولة من السوق.
خفض الفائدة هو الحل
ورأى الخبير الاقتصادي أن الحل الأمثل للاقتصاد المصري الآن هو خفض أسعار الفائدة وإعادة السيولة النقدية إلى السوق وتشجيع المستثمرين على القيام باستثمارات حقيقية تفتح فرص عمل.
وأشار إلى عزوف المستثمرين عن الاقتراض من البنوك بسبب تكلفته المرتفعة، قائلًا: “المستثمر اليوم لكي يأخذ قرضًا بنسبة فائدة 17% بالإضافة إلى الأعباء والضرائب التي قد تصل إلى 30%، ما الذي سيربحه مشروعه؟”.
ليس هناك خطر من هروب الأموال الساخنة
وقال الدكتور محمد عبد العال، الخبير المصرفي، إن هروب الأموال الساخنة لا يشكل خطرًا كبيرًا على الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أنها لم تتجاوز 3 مليارات جنيه من أصل 35 مليار جنيه.
وأوضح عبد العال أن أذون الخزانة أو الأموال الساخنة هي عبارة عن وعاء متحرك، يبحث عن الفائدة العالية، ويكون في البلد التي تستمر فيها هياكل إدارية مثل أذون الخزانة والسندات والبورصة والأسهم.
وأشار إلى أن التوترات الجيوسياسية والجيواقتصادية هي السبب وراء خروج الأموال الساخنة، مؤكدًا أنها لا تسبب خسارة كبيرة للدولة.
وأوضح عبد العال، أن الأموال الساخنة تمثل رؤوس أموال تتنقل بسرعة بين الأسواق المالية والدول، بحثًا عن العوائد القصيرة الأجل. وغالبًا ما تجسدت في استثمارات بالأسهم والسندات والعملات والأدوات المالية الأخرى.
وبيّن أن هذه الأموال اتسمت بالسرعة والمرونة في التحرك، حيث استجابت للفروق في أسعار الفائدة أو التغيرات الكبيرة في قيمة العملات أو الأدوات المالية.
الأموال الساخنة تسهم في زيادة السيولة
أشار عبد العال إلى أن الأموال الساخنة قد أسهمت في زيادة السيولة في الأسواق المالية الناشئة، مما أتاح للشركات والحكومات المحلية الحصول على التمويل بسهولة أكبر. كما ساهمت في تنشيط الأسواق المالية من خلال زيادة النشاط التداولي، وهو ما جعل الأسواق أكثر كفاءة.
وأكد عبد العال أن تدفق هذه الأموال قد حسن من قيمة العملة المحلية نتيجة لزيادة الطلب عليها، وفي بعض الحالات، استخدمت هذه الأموال في تمويل مشاريع بنية تحتية، مما حفز النمو الاقتصادي.
وحذر عبد العال من المخاطر المرتبطة بالأموال الساخنة، حيث أوضح أنها قد أدت إلى عدم استقرار مالي بسبب التقلبات الشديدة التي تسببت فيها في الأسواق المالية، مما زاد من مخاطر الأزمات المالية، كما نبه إلى أن خروج هذه الأموال بسرعة قد أدى إلى انخفاض حاد في السيولة، مما خلق حالة من عدم الاستقرار والانهيارات المحتملة في السوق.
تذبذب سعر الصرف نتيجة الأموال الساخنة
كما لفت عبد العال إلى أن الأموال الساخنة قد تسببت في تذبذب سعر الصرف بشكل كبير ومفاجئ، مما أثر سلباً على التجارة والاقتصاد الكلي، كما أوضح أن تدفق رأس المال الأجنبي قد أدى إلى زيادة التضخم، خاصة إذا لم يتم استثماره في الأنشطة الإنتاجية.
ودعا عبد العال إلى ضرورة إدارة جيدة لتدفقات الأموال الساخنة من خلال سياسات اقتصادية ومالية محكمة، حتى تتمكن الدول الناشئة من الاستفادة من مميزات هذه الأموال وتقليل المخاطر المرتبطة بها، وأشار إلى أن التركيز على العوائد السريعة قد أعاق الاستثمار في المشاريع طويلة الأجل، مما حد من التنمية المستدامة.
وأضاف علي الإدريسي، الخبير الاقتصادي، أن الاقتصاد العالمي لم يتعافَ حتى الآن من الخسائر التي لحقت به الأسبوع الماضي، مؤكدًا أن التوترات الجيوسياسية تلعب دورًا كبيرًا في هذه الأزمة.
الاستثمار في الذهب
وأوضح الإدريسي أن رؤوس الأموال في الاقتصادات الناشئة تتجه دائمًا إلى الاستثمار في الذهب، أو تهاجر إلى الاقتصادات الكبرى، ما ينعكس سلبًا على سعر الصرف والبورصة.
ولفت إلى أن مصر شهدت في الفترة الماضية تراجعًا في حجم الأموال الساخنة بنسبة 8%، رغم الزيادة التي حدثت بعد قرار التعويم في مارس الماضي.
وبين الإدريسي أن التوترات الجيوسياسية تخلق حالة من الضبابية في المشهد الاقتصادي، وتثير الرعب في نفوس المستثمرين، ما يدفعهم إلى اللجوء إلى الذهب كملاذ آمن.
وأشار إلى وجود توقعات بارتفاع كبير في أسعار الذهب عالميًا خلال الفترة المقبلة، موضحًا أن جزءًا من ملاذات الاقتصاد الناشئة الآمنة هو الدولار، مما سيخلق طلبًا عاليًا عليه في الفترة المقبلة.
وكشف الإدريسي أن هذه التقلبات ستتسبب في تراجع سعر الصرف في مصر، لأن العملات الأجنبية تخرج من اقتصاداتها، لافتًا إلى ارتفاع سعر الدولار في مصر واقترابه من 50 جنيهًا بعد خروج الأموال الساخنة.
وأكد الخبير الاقتصادي أن هروب الأموال الساخنة سيتسبب في تراجع سعر الصرف، ما يؤثر بشكل سلبي على معدلات التضخم، بسبب اعتماد مصر على الاستيراد.
ونوه الإدريسي إلى أن زيادة معدلات التضخم تعني زيادة أسعار السلع وأسعار المحروقات والطاقة.
استبدال الأموال الساخنة بمصادر مستدامة
وقال إن الحل الوحيد لتفادي هذه الارتفاعات هو عدم التعويل على الأموال الساخنة، واستبدالها بمصادر أموال مستدامة مثل: السياحة، عوائد قناة السويس، الاستثمارات المباشرة، بالإضافة إلى أموال المصريين في الخارج.
وحذر من أن الأموال الساخنة تهرب من الدولة مع أقل اضطراب، مضيفًا أن الاعتماد عليها يعني زيادة الدين الخارجي.
ولفت إلى أن الأموال الساخنة هي استثمارات للأجانب في سندات الدين الحكومية، موضحًا أن هذه الأموال تأتي إلى مصر منتظرة وجود فائدة عالية.
اقرأ أيضًا:
“الصرف المرن” مسمى التعويم الجديد الذى أطلقه صندوق النقد الدولي
تحويلات المصريون بالخارج تُضيف 241.5 مليار دولار للاقتصاد خلال 10 سنوات
امتصاص السيولة.. العقارات في المقدمة والذهب يتراجع لصالح الشهادات البنكية
الأموال الساخنة مخاطرة جديدة لاقتصاد مصر فهل تلعب الحكومة بالنار؟
هروب كبير لرؤوس الأموال المصرية.. السعودية أبرز الوجهات