سياسة

نقل تبعية “الصندوق السيادي”.. ما القصة؟


أعلن الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، استقالته من منصبه، بعد فترة قصيرة من توليه القيادة منذ تعيينه في عام 2019، تأتي هذه الاستقالة في ظل أجواء سياسية مشحونة ومناقشات مستمرة حول مستقبل الصندوق ودوره في الاقتصاد المصري.


وأكدت مصادر حكومية مطلعة أن استقالة سليمان تأتي في إطار خطة أوسع تهدف إلى ضخ دماء جديدة في المناصب القيادية للدولة، وذلك في أعقاب التعديل الوزاري الذي أُجري أخيرًا، وعلى الرغم من أن استقالته قدمت في شهر يونيو الماضي، إلا أنه سيواصل مهامه حتى نهاية أغسطس الجاري.



ويُشير مراقبون إلى أن الاستقالة قد تكون مرتبطة بتغيرات في خطط الخصخصة التي كان “سليمان” مكلفًا بها، إذ ذكرت مصادر لوكالة “رويترز” أن التقدم المحدود في برنامج الخصخصة الذي أُعلن عنه خلال فترة رئاسته كان أحد الدوافع وراء تقديم استقالته.


ويُدير صندوق مصر السيادي أصولًا تصل قيمتها إلى نحو 12 مليار دولار، ويضم خمسة صناديق فرعية تغطي مجالات الخدمات المالية والتحول الرقمي، المرافق والبنية الأساسية، الخدمات الصحية والصناعات الدوائية، السياحة والاستثمار العقاري وتطوير الآثار، وإدارة وإعادة هيكلة الأصول، ويهدف الصندوق إلى خلق شراكات مع المستثمرين المحليين والدوليين من خلال الاستغلال الأمثل للأصول المملوكة للدولة.



في سياق متصل، تسعى الحكومة المصرية إلى نقل تبعية صندوق مصر السيادي إلى رئاسة الوزراء، وهو ما يجري مناقشته حالياً في مجلس النواب عبر مشروع قانون تم تقديمه أخيرًا.

وفي شأن اقتصادي آخر، أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر، انخفاض معدل البطالة إلى 6.5% في الربع الثاني من 2024، مقارنة بـ6.7% في الربع الأول من نفس العام، مما يعكس تحسنًا في سوق العمل المصرية في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.


ويُعتبر صندوق مصر السيادي إحدى أبرز الأدوات التي أنشأتها الدولة المصرية بهدف تعزيز النمو الاقتصادي واستغلال الأصول المملوكة للدولة بشكل أمثل، تأسس الصندوق في فبراير 2018 بموجب القانون رقم 177 لسنة 2018، وتمت إدارته تحت إشراف وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ليكون إحدى الأدوات الرئيسية لتحقيق التنمية المستدامة وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.



تم إنشاء صندوق مصر السيادي ليعمل ككيان مستقل ماليًا وإداريًا، يهدف إلى إدارة واستثمار أصول الدولة بطريقة تزيد من قيمتها وتخلق عوائد مستدامة، فيما يركز الصندوق على خلق شراكات استراتيجية مع القطاع الخاص، سواء على المستوى المحلي أو الدولي، في مجالات استثمارية متعددة تشمل الطاقة، والبنية التحتية، والعقارات، والخدمات المالية، والرعاية الصحية، والبتروكيماويات.



ويُدير صندوق مصر السيادي أصولًا تصل قيمتها إلى نحو 12 مليار دولار، ويضم تحت مظلته خمسة صناديق فرعية متخصصة، هي:


صندوق الخدمات المالية والتحول الرقمي: يهدف إلى دعم التحول الرقمي في القطاعات المالية وغير المالية من خلال استثمارات في التكنولوجيا المالية والبنية التحتية الرقمية.

صندوق المرافق والبنية الأساسية: يركز على تطوير وتحسين المرافق والبنية التحتية في مصر، بما في ذلك مشاريع الطاقة والمياه والنقل.


صندوق الخدمات الصحية والصناعات الدوائية: يسعى إلى تحسين قطاع الرعاية الصحية في مصر من خلال استثمارات في المستشفيات، والمراكز الطبية، وشركات الأدوية.


صندوق السياحة والاستثمار العقاري وتطوير الآثار: يُعنى بتطوير المواقع السياحية والأثرية في مصر، وتعزيز الاستثمارات العقارية التي تخدم هذه الأهداف.


صندوق إدارة وإعادة هيكلة الأصول: يهدف إلى إعادة هيكلة الشركات والأصول غير المستغلة لزيادة قيمتها الاقتصادية وإدماجها بشكل فعال في الاقتصاد الوطني.



منذ إنشائه، حقق صندوق مصر السيادي العديد من الإنجازات، منها توقيع شراكات مع مستثمرين دوليين ومحليين لتنفيذ مشاريع كبيرة في مجالات متعددة. ومع ذلك، يواجه الصندوق تحديات، أبرزها تنفيذ برنامج الخصخصة الذي تم الإعلان عنه بهدف بيع حصص في مشروعات وشركات مملوكة للدولة، سواء لمستثمرين من القطاع الخاص أو عبر الطرح في البورصة المصرية. هذا البرنامج شهد تقدمًا محدودًا، مما أثار تساؤلات حول الاستراتيجية المتبعة لتحقيق الأهداف المعلنة.



تتجه مصر نحو تعزيز برنامج الخصخصة وتصفية الأصول المملوكة للدولة كجزء من استراتيجيتها الاقتصادية الحالية. تهدف الحكومة من خلال هذا البرنامج إلى جمع نحو 70 مليار جنيه مصري (حوالي 2.27 مليار دولار) خلال السنة المالية 2023/ 2024 من بيع حصص في شركات مملوكة للدولة، بالإضافة إلى توليد 20 إلى 25 مليار جنيه سنويًا من عائدات تصفية الأصول عبر لجنة تصفية الأصول الجديدة التي أنشأتها وزارة المالية.


يأتي هذا التحول في إطار سياسة الدولة لتقليل أعباء الديون وتحقيق توازن في الموازنة العامة، وذلك من خلال توجيه جزء من إيرادات التصفية لتقليل خدمة الدين العام. كما يهدف البرنامج إلى جذب استثمارات أجنبية ومحلية، مما يساهم في توفير موارد مالية بالنقد الأجنبي، تم بالفعل بيع حصص في 13 شركة منذ مارس 2022، وتخطط الحكومة لبيع المزيد من الأصول بما في ذلك محطات الطاقة والشركات الحكومية الأخرى.


أكد سيد خضر، الخبير الاقتصادي، أن مشروع نقل تبعية صندوق مصر السيادي من وزارة التخطيط إلى رئاسة الوزراء لن يؤثر كثيرًا.

وقال الخبير الاقتصادي إن الفرق الحقيقي الذي يمكن أن يحدث للصندوق هو أن يتمتع بالاستقلالية وأن يكون تابعًا لرئيس الجمهورية بشكل مباشر.


وأوضح أن وزارة التخطيط تابعة في الأساس لمجلس الوزراء، مشيرًا إلى أن نقل تبعيته إلى رئاسة الوزراء لن يغير شيئًا.


ولفت إلى ضرورة أن يضم الصندوق عددًا كبيرًا من خبراء الاقتصاد المصريين، وأن يحصل على صلاحيات عالية تجعله تحت إشراف الرئيس عبد الفتاح السيسي بشكل شخصي.

وأشار إلى أن محاولة نقل تبعيته لمجلس الوزراء تشبه ما تم مع صندوق العشوائيات وتغيير اسمه إلى صندوق التنمية الحضارية، مشددًا على أن فكرة إنشاء الصناديق تحمل أهمية كبيرة.


ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن صندوق مصر السيادي كان له أهمية كبيرة في المشروعات الأخيرة، خاصة المهمة مثل “حياة كريمة”.

وشدد على ضرورة وجود لجنة حيادية تبحث احتياجات المواطنين في الفترة المقبلة، والمشروعات المهمة الآن.

وأعلن خضر أنه لا يرى اقتصار الصندوق على المشروعات الخدمية فقط، بل إنه يشجع على أن يدخل الصندوق في عمليات التصنيع، لافتًا إلى أن هذا هو أهم ما نحتاجه في الفترة المقبلة.


واقترح أن نؤسس شركة مساهمة مصرية، برأس مال عامل 100 مليار جنيه دون تحديد رأس المال المدفوع، وأن يساهم الصندوق بنسبة 25% من قيمة هذا المشروع.

وتابع أن هذه المشاريع يمكن أن تتعلق بأشياء تلمس المواطن مثل الأمن الغذائي الذي يؤثر على الأسعار، والثروة الحيوانية والسمكية.

وأضاف أن الدولة يمكنها أيضًا أن تقيم مشروعات وتطرح أكثر من 75% من أسهمها للشعب بقيمة 10 آلاف جنيه، مشيرًا إلى أن هذه الفكرة يمكن أن تجمع أكثر من 100 مليار جنيه خلال أسبوع.


وبين أن الـ25% نسبة الصندوق من هذه المشروعات يمكن أن تُستغل في تطوير البنى التحتية وتنفيذ المشروعات الخدمية.

واستطرد بأن اعتماد الصناديق في مصر على التبرعات يضر بها ويجعلها عرضة للتوقف إذا توقفت التبرعات، ولكن عندما تشارك في مشروعات سيمكنها هذا من تطوير رأس مالها والارتقاء بخدماتها.


وبين أن مشاركة المواطن بفاعلية في مثل هذه المشروعات سيعود عليه بالنفع، بالإضافة إلى أن المشروعات ستوفر فرص عمل كبيرة، وستزيد الطاقة الإنتاجية للدولة.

وكرر الخبير الاقتصادي تشديده على ضرورة إعطاء الصندوق والخبراء الذين سيقومون عليه الصلاحيات الكاملة لتطوير الصندوق.


واستكمل بأن الفترة القادمة صعبة جدًا على المنطقة ويجب فيها أن تحصل مصر على استقلاليتها الاقتصادية، وأن تتمتع بالاكتفاء من إنتاجها.


اقرأ أيضًا:






مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية