سياسة

هل انتهى دور “ظل الرئيس” بتعيين رئيس جديد للمخابرات المصرية؟.. قراءة في الدلائل والأسباب

أثار قرار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بتعيين اللواء حسن محمود رشاد رئيسًا للمخابرات العامة خلفًا للواء عباس كامل، حالة من الجدل والتخمينات. كامل، الذي كان يُعرف بأنه صديق مقرّب للسيسي وخازن أسراره، أُسند إليه منصب مستشار ومنسق عام للشؤون الأمنية والمبعوث الخاص للرئيس.

فيما يرى البعض أن هذا المنصب شرفي ويُعتبر إقالة غير مباشرة، يعتقد آخرون أنه منصب مهم وأن كامل سيلعب دورًا محوريًا في الفترة المقبلة. إلا أن بعض الخبراء والمصادر المطلعة على القرار أكدوا أن هناك كواليس لا يعلمها سوى دوائر صنع القرار المقربة من الرئيس، وأن الأمر يتعلق بأسرار لا يمكن الكشف عنها.

 

كان كامل يتولى ملفات حساسة، أبرزها ملف سد النهضة الإثيوبي، الملف الليبي، وملف المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس. كما قاد الوساطة بين حماس وإسرائيل خلال السنوات الأخيرة، ونسج علاقات قوية مع قيادات الحركة، أبرزهم يحيى السنوار، الذي اغتالته إسرائيل بعد ساعات من قرار الرئيس المصري.

 

 

 

 

تزامن قرار الإقالة مع زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للقاهرة، مما أضاف مزيدًا من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء القرار. يُعتقد أن الإقالة قد تكون نتيجة عدم إحراز تقدم في العديد من الملفات المطروحة، بينما يرى آخرون أنها خطوة طبيعية تهدف إلى ضخ دماء جديدة بأدوار وفكر مختلف وكذا ترقية كامل للعب أدوارا أخرى.

 

هناك روايات أخرى تشير إلى أن ذكر اسم عباس كامل في أزمة رجل الأعمال المصري وائل حنا والسناتور الأمريكي روبرت ميننديز، واحتمال تطور التحقيقات نحو البحث عن عمليات غسل أموال، هو ما أدى إلى إقالته.

 

وتواصلت منصة “MENA” مع مصادر مقربة من دوائر صنع القرار، إذ أظهر العديد منهم عدم فهم القرار، خاصة أن التوقيت يثير علامات استفهام عديدة. يرى آخرون أن القرار يهدف إلى الاستفادة من عباس كامل في ملفات أخرى لا تقل أهمية عن دوره كرئيس للمخابرات.

ويستشهد البعض بأن نفس المنصب الجديد سبق وأن كُلف به الرئيس الراحل محمد أنور السادات نائبه في ذلك الوقت، حسني مبارك، مما يعكس أهميته.

 

 

 

 

 

ويرى آخرون أن هذا إجراء طبيعيا، حيث تم إزاحة العديد من الوزراء والمسؤولين المعروفين بولائهم للرئيس بعد الإطاحة بالإخوان المسلمين من الحكم.

وصرح مصدر مطلع لمنصة “MENA” بأن النظام في مصر لا يرغب في وجود مراكز قوى داخل الدولة، خاصة وأن عباس كامل كان يحظى بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية. وهناك من أرجع القرار إلى خلافات كامل مع محمود نجل الرئيس السيسي، الرجل القوي داخل جهاز المخابرات العامة.

 

 

بث العميد حاتم عاطف، المحلل السياسي وأحد الأذرع الإعلامية للدولة المصرية، فيديو قال فيه إن المنصب الجديد للواء عباس كامل أقوى وأكثر أهمية من مدير المخابرات العامة، حيث يجعل منه المسيطر على جميع الملفات الأمنية في مصر.

وأشار عاطف إلى أن هذا الدور شبيه بما قام به عدد من الساسة الأقوياء في العالم، مثل مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض، مما يتطلب دورًا قياديًا في ظل التحديات الحالية.

 

 

 

وتخرج اللواء حسن محمود رشاد من الكلية الفنية العسكرية، وانضم للمخابرات العامة وتدرج في مناصبها حتى وصل إلى منصب وكيل الجهاز قبل أن يُعيّن رئيسًا له، فيما هنأ عدد من الإعلاميين المقربين من السلطة اللواء حسن محمود رشاد على تعيينه رئيسًا لجهاز المخابرات العامة.

ومعروف أن عباس كامل تربطه علاقة وطيدة مع الرئيس السيسي منذ أن كان مديرًا لمكتبه، وشارك في العديد من جولات ولقاءات الرئيس، مما أكسبه لقب “ظل الرئيس”.

 

أوضح مصدر لمنصة “MENA” أن المتعارف عليه في مصر هو استحداث منصب مستشار للرئيس كطريقة دبلوماسية لإنهاء دور المسؤول في الحياة العامة. لذا، اعتبر غالبية المراقبين أن تعيين عباس كامل مستشارًا هو بمثابة إقالة من منصبه.

 

وأشار المصدر إلى أن كامل، الذي يُعتبر “خزانة أسرار السيسي”، لا يمكن عزله عن الحياة العامة، وأن إضافة مسؤولية “المبعوث الخاص لرئيس الجمهورية” قد تمنحه دورًا هامًا في المرحلة المقبلة، حيث يمكن أن يتولى علاج الأزمات الكبيرة بتفويض مباشر من الرئاسة.

أكد المصدر أن المرحلة المقبلة ستحدد طبيعة هذا الدور، وهل سيستمر في لعب دور على المستوى الإقليمي والدولي أم سيصبح في الظل.

 

 

فيما نفى المصدر وجود أي علاقة بين مغادرة عباس كامل لمنصبه كمدير للمخابرات العامة وتغيير وزير الخارجية سامح شكري في التشكيل الوزاري الأخير، موضحًا أن الوزير السابق طلب بنفسه الإعفاء من المسئولية بعد توليه الحقيبة لمدة 10 سنوات.

 

وأضاف أن وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يتمتع بتاريخ مشرف ويُعتبر أحد “مهندسي الشراكة المصرية – الأوروبية”، حيث كان مسؤولًا عن ملفات متعددة، مما يتطلب استثمار خبراته وعلاقاته.

 

يرى الدكتور عماد جاد، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن وظيفة مستشار الرئيس في العهد الحالي هي “وظيفة شرفية” تهدف إلى تكريم المسؤول بعد ترك منصبه، وليس وظيفة تنفيذية.

 

وأشار جاد خلال حديثه لمنصة “MENA” إلى القرارات الأخيرة بإنهاء عمل عدد كبير من المستشارين للرئيس السيسي ممن كانوا وزراء وشخصيات هامة في الدولة وتم تكريمهم كمستشارين لفترة طويلة ثم إنهاء خدمتهم مؤخرًا. لكن مع ذلك، هناك أسماء عُينت منذ فترة طويلة لم ترد أسماؤها في القرار الجديد، وأسماء خرجت بعد تعيينها قبل سنوات قليلة.

 

 

واعتبر نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية أن القرار يهدف إلى إفراغ مكان للمعينين حديثًا بعد زيادة أعداد المستشارين في السنوات الماضية. لكنه في نفس الوقت لا يجب تحميل القضية أكبر من حجمها وتصوير أن الأمر له دلالات سياسية معينة، موضحًا أن دائرة صغيرة فقط محيطة بالرئيس تعرف الدافع وراء القرار. وأن توقيت القرار لا أحد يعلم أسبابه أو دلائله حتى الآن.

 

أقرأ أيضًا:

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اشترك في نشرتنا الاخبارية